الخرطوم – (رياليست عربي): عاش السودان منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، فى متاهة ضباب سياسي كثيف نتج عن تشاحن المدنيين أمام العسكريين، وسط اتهامات متبادلة ما بين العمالة لصالح أجندات خارجية للجهة الأولى -المدنيين- واتهامات بالطمع فى الاستيلاء على السلطة وجهت للطرف الثاني – العسكريين-، وبالرغم من تأكيد المكون العسكري خلال الأعوام الماضية عدم رغبته في الحكم، ظلت القوى المدنية التي تفتقر إلى قائد حقيقي تعمل تحت رايته تعلق فشلها على أطماع المؤسسة العسكرية.
ومع الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية وأذرعها الغربية في أي نزاع، دفعت الجميع إلى ضرورة العودة إلى ما يسمى الحكومة المدنية بهدف إبعاد جنرالات الجيش عن السلطة، وإملاء أجندات خارجية على المكون المدني وسط الشكوك حول ولاءات وأجندات مختلفة يتبنى كل طرف تنفيذها ويحصل على بنود التعليمات من السفارات كما قال الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي» في تصريحات سابقة له.
في نهاية المطاف ومع التشكيك والاتهامات المتبادلة وتدخل وسطاء غربيين، وصلت قطار الأزمة إلى محطته الأخيرة، وينتظر العالم ومنطقة الشرق الأوسط توقيع اتفاق إطاري بين جميع الأطراف، على أمل إنهاء سنوات السياسية العجاف والوصول إلى دولة كاملة المؤسسات.
حيث انعقد مساء – الجمعة – 2 ديسمبر 2022 اجتماع ضم القوى الموقعة على الإعلان السياسي، بحضور ممثلين لقوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية والحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل والمؤتمر الشعبي، مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة والفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، وسط حضور دولي واقليمي بقيادة الآلية الثلاثية وسفراء المجموعة الرباعية والترويكا والاتحاد الاوروبي.
ناقش الاجتماع جاهزية الأطراف السودانية للشروع في توقيع الاتفاق السياسي الإطاري الذي يؤسس لتأسيس سلطة مدنية انتقالية تتولى أعباء تنفيذ مهام ثورة ديسمبر المجيدة واستكمال الطريق نحو بلوغ غاياتها، واتفقت الأطراف أن يكون التوقيع يوم الاثنين المقبل ( 5 ديسمبر 2022) ، لتعقبه مباشرة مرحلة اكمال تفاصيل بعض القضايا بأوسع مشاركة من قوى الثورة وأصحاب المصلحة ليتأسس عليها الدستور الانتقالي، وتنشأ مؤسسات السلطة الانتقالية في فترة لا تتجاوز أسابيع محدودة.
الجدير بالذكر أنه في نهاية الأسبوع الماضي واستعداداً لساعة الحسم، عقدت القوى الموقعة على الإعلان السياسي اجتماعاً طارئا نهاية الأسبوع الماضى، لوضع اللمسات الأخيرة على مسودة الاتفاق الإطاري المقترحة لتسوية الأزمة مع المكون العسكري.
وعقدت قوى الحرية والتغيير والمؤتمر الشعبي والاتحادي الديمقراطي ــ مجموعة الحسن الميرغني وجماعة أنصار السنة، الجبهة الثورية، لأول مرة اجتماعا مشتركا، حضره ممثلو الآلية الثلاثية المؤلفة من بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد التي تُيسر محادثات بين الفرقاء السودانيين بناء على دستور انتقالي أعده محامون ديمقراطيون.
من جانبها، قالت مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي أنييت ويبر: إن «التكتل يتطلع إلى تكوين حكومة انتقالية في السودان وتشجع على توفير الدعم للبلاد»، وعقدت لقاءات مع القوى السياسية ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، كل على حده، في خضم تطورات يتوقع أن تفضي إلى توقيع الاتفاق.
تجري العملية السياسية الحالية على أساس وثيقة دستور انتقالي أعدتها اللجنة التسيرية للمحامين في سبتمبر/ أيلول الماضي، ووجدت قبولا محليا ودوليا واسعا.
وتنص الوثيقة على تولي المدنيين السلطة بشكل كامل خلال الفترة الانتقالية التي حددت بعامين، تتضمن بنودها أيضا توحيد الجيش وتنقيته من الانتماءات الحزبية، وإبعاده عن السياسة ومزاولة الأنشطة الاقتصادية والعمل التجاري الاستثماري باستثناء أنشطة التصنيع الحربي والمهمات العسكرية، إضافة إلى تفكيك فساد نظام الإخوان، وإطلاق عملية شاملة لتحقيق العدالة والعدالة الانتقالية؛ وإصلاح أجهزة الشرطة والمخابرات والأمن ووضعها تحت إشراف رئيس الوزراء.
وتداولت الأوساط السودانية ترجيحات حول احتمالية تكليف بعض الأسماء أبرزها عبدالله حمدوك، رئيس وزراء السابق للبلاد، بمهمة تشكيل الحكومة السودانية الجديدة، إضافة إلى نصر الدين عبدالباري وإبراهيم البدوي وزيرا العدل والمالية السابقان في حكومة حمدوك.