موسكو – (رياليست عربي): عقد اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة (بريكس) في مدينة (نيجني نوفغورد) الروسية حيث اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن توسع المجموعة هو دليل واضح على تشكل عالم متعدد الأقطاب بعد أن بحث المجتمعون إمكانية انضمام دول جديدة إلى مصاف (بريكس) التي يعتقد بأنها ستسيطر على الإقتصاد العالمي في العقود المقبلة نظراً لطموح بريكس بأن تصبح بديلاً لمجموعة السبع التي تقودها دول غربية بصورة أساسية علماً بأن (بريكس) قد أحدثت تحولاً كبيراً في ديناميكيات القوى العالمية وهو الأمر الذي يدفع بالعديد من الدول للإنضمام إلى المجموعة إذ بلغ عدد الطلبات التي تلقتها (بريكس) رسمياً للإنضمام إليها أكثر من 30 طلباً خلال الفترة الأخيرة
- بعد أن أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ارتفاعَ عدد الدول الراغبة في التعاون مع مجموعة (بريكس) عندما أشار خلال اجتماع وزراء خارجية دول “بريكس” في مدينة (نيجني نوفغورود) الروسية إلى أن توسعَ المجموعة دليل واضح على تشكل عالم متعدد الأقطاب، مضيفاً أن واشنطن وحلفاءها يواصلون محاولاتهم للحفاظ على الهيمنة وإبطاء التغيرات في العالم الجديد.
- وكذلك الأمر، بعد أن أن رحب وزراء خارجية دول مجموعة (بريكس) المجتمعين في (نيجني نوفغورد) بمقترحات الحل السلمي للصراع في أوكرانيا من خلال الحوار والدبلوماسية:
- أصدر وزراء خارجية دول مجموعة (بريكس) المجتمعون حالياً في روسيا بياناً مشتركاً جاء فيه ما يلي: (لقد لاحظ الوزراء بارتياحٍ المقترحات ذات الصلة للوساطة والمساعي الحميدة، والتي تهدف إلى حل سلمي للصراع من خلال الحوار والدبلوماسية).
- وجدد الوزراء التأكيد على مواقفهم بشأن الوضع في أوكرانيا وما حولها، والتي تمَّ التعبير عنها في العديد من المناسبات بما في ذلك مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، حيث كانت دول (بريكس) قد أصدرت في أغسطس العام الماضي 2023، عقب نتائج قمة (بريكس) في جنوب إفريقيا بياناً أكدت فيه على موقفها الداعي لحل سلمي للصراع في أوكرانيا من خلال الحوار والدبلوماسية، علماً بأن روسيا قد أكدت منذ بداية الأزمة الأوكرانية استعدادها للتفاوض من أجل التوصل لحل سلمي للأزمة، وهو ما ترفضه كييف التي تواصل بدعم غربي التعويل على الحل العسكري رغم ما تتكبده من خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
- وفي آخر تصريح له أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي عن استعداده للتفاوض، ولكن استناداً إلى الواقع الناشئ على الأرض وعلى مطالب روسيا الأمنية وليس إلى (الرغبات).
- وبعد اجتماع وزراء خارجية دول (بريكس)، عقد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اجتماعاً ثنائياً مع وزير الخارجية الصيني (وانغ يي) وذلك على هامش اجتماع وزراء خارجية دول (بريكس) في مدينة (نيجني نوفغورود) الروسية، فأعلن لافروف إن عدد الراغبين في التعاون مع (بريكس) ومنظمة شنغهاي للتعاون ينمو بشكل مطرد، حيث تتسع دائرة التفكير المماثل لموسكو وبكين حول العالم.
- وأشار لافروف إلى أن مدينة (نيجني نوفغورود) تتعاون بنشاط مع جمهورية الصين الشعبية، بما في ذلك من أجل تنفيذ مشروع (فولغا – يانغستي) المفيد للغاية، مؤكداً على المسؤولية الخاصة الملقاة على عاتق وزارة الخارجية في كلا البلدين، والتي تتمثل في الإهتمام بتنسيق السياسة الخارجية في المقام الأول في منظمة الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن التابع لها، وكذلك الأمر التنسيق بين بكين وموسكو ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة (شنغهاي) للتعاون، ومجموعة العشرين، ومنظمة (أبيك)، وغيرها من المنصات الدولية، والتي ينظر إليها بشكل إيجابي من أغلبية دول العالم بشكل متزايد، علماً بأن دائرة الراغبين بالتعاون مع كل من (بريكس) ومنظمة (شنغهاي) للتعاون بالذات، آخذةٌ بالإزدياد.
- وأكد الوزير لافروف على أنه في الإجتماع الوزاري الأول بعد توسع مجموعة (بريكس)، ستتم مناقشة هذه التوجهات وتحديد المسارات المطلوبة لمزيد من تطوير الرابطة، والتي سيتم رفع التوصية بها لرؤساء كافة الدول الأعضاء في (بريكس) خلال قمة قازان المقبلة والتي ستعقد خلال شهر أكتوبر المقبل.
- ولفت الطرفان الروسي والصيني النظر، إلى جوانب معينة من الهيكل الأمني الجديد في منطقة أوراسيا على خلفية تشكيل الولايات المتحدة الأمريكية هياكل عسكرية مغلقة حيث أكد الوزير لافروف أن بكين وموسكو مهتمتان للغاية بقضايا ضمان الأمن والإستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهاديء، مع الأخذ بعين الإعتبار للنهج الأمريكي المتمثل بإنشاء تلك الهياكل العسكرية والسياسية المغلقة هناك ذات التوجهات المناهضة لروسيا ولجمهورية الصين الشعبية، حيث تمَّ التطرق بين الجانبين إلى جوانب معينة من الهيكل الأمني الجديد في أوراسيا على خلفية ركود الآليات الأوروبية الأطلسية.
- وأشار الوزير الروسي إلى أن دول (بريكس) تعمل بنشاط على تطوير منصة للتسويات بالعملات الوطنية خلال التجارة المتبادلة، مؤكداً أن العمل النشط جاري لتنفيذ قرارات قمة (يوهانسبرغ) التي عقدت خلال العام الماضي، لا سيما فيما يتعلق بتحسين النظام النقدي والمالي الدولي، وتطوير منصة دولية للتسويات بالعملات الوطنية في التجارة المتبادلة، خاصةً وأن دول مجموعة (بريكس) الرئيسية أساساً، وهي كلاً من روسيا وجمهورية الصين الشعبية والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، كانت قد طرحت هذه الخطة المالية حتى قبل أن يتم توسع مجموعة (بريكس) وانضمام دول جديدة إليها.
- كما التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنظيره السعودي فيصل بن فرحان آل سعود على هامش اجتماع وزراء خارجية دول (بريكس) في مدينة نيجني نوفغورود الروسية، حيث وصل وزير الخارجية السعودي إلى مدينة (نيجني نوفغورود) بعد ظهر يوم أمس الإثنين، ولم يشارك في جلسة وزراء خارجية مجموعة (بريكس) التي عقدت بعد الظهر، ولهذا السبب قال الوزير لافروف لنظيره السعودي في بداية اجتماعهما الثنائي: (من الرائع وصولكم الآن، لقد افتقدناكم منذ صباح اليوم، لكنني متأكد من أنه تمَّ إخباركم بالمناقشات التي جرت خلال جلسة اليوم لجميع الضيوف الحضور)
- بدوره، شكر وزير الخارجية السعودي نظيره الروسي على الإستقبال في مدينة (نيجني نوفعورود) التي وصفها بالجميلة مشيراً للوزير لافروف أنه وقبل 10 سنوات، كانت (نيجني نوفغورود) مختلفة تماماً.
- وكان اجتماع الوزير لافروف مع نظيره السعودي هو الإجتماع الثنائي الحادي عشر (11) الذي عقده الوزير سيرجي لافروف خلال يوم واحد حيث اجتمع الوزير لافروف، مع كل من رؤساء وفود بلدان الصين ومصر والبرازيل وجنوب إفريقيا وإثيوبيا وإيران وتايلاند ولاوس وسريلانكا وكازاخستان.
آراء المراقبين و المحللين و الخبراء في مراكز الدراسات السياسية و الإستراتيجية الروسية و العالمية:
- يرى العديد من المراقبين و المحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المطلعين على ملف مجموعة (بريكس) أن اللقاء الأهم لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف كان مع نظيره التركي هاكان فيدان على هامش اجتماع وزراء خارجية بلدان مجموعة (بريكس) المنعقد بمدينة نيجني نوفغورود الروسية.
- ويؤكد خبراء وزارة الخارجية الروسية بالذات، أن موسكو من جانبها، كانت قد أعلنت سابقاً بأن تركيا ستكون موضوع نقاش في قمة (بريكس) الحالية التي ترأسها روسيا، ومع ذلك، حذرت موسكو من أنه لربما سيكون من غير المرجح أن تقبل المنظمة كل طلبات العضوية، خاصةً وأن قيادة (بريكس) أعلنت خلال شهر أغسطس العام الماضي 2023 عن خطط جديدة لمضاعفة عضويتها، ووجهت الدعوات إلى كل من السعودية ومصر وإيران والإمارات وتركيا وإثيوبيا، ولكنها لم توجه الدعوة لتركيا، علماً بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعرب في السابق عن اهتمامه بالإنضمام إلى عضوية دول (بريكس)، ولهذا السبب، وفي أعقاب قرار (بريكس) بالتوسع، بدأت وزارة الخارجية التركية في تقييم الفوائد والتكاليف المحتملة للعضوية، حيث برز اهتمامُ تركيا بالإنضمام إلى هذا التكتل الإقتصادي الذي تقوده جمهورية الصين الشعبية وروسيا.
- ويتوقع خبراء العلاقات الدولية سواءً في روسيا أو في غيرها من دول مجموعة (بريكس) أيضاً، أن مجموعتهم المتنامية (بريكس) ستسيطر على الإقتصاد العالمي في العقود المقبلة، وغالباً ما يُنظر إلى (بريكس) على أنها بديل لمجموعة السبع التي تقودها دول غربية بصورة أساسية، وأن مجموعة تحالف دول (بريكس) سيمثل بلاد أدنى شك تحولاً كبيراً في ديناميكيات القوة العالمية.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.
