موسكو – (رياليست عربي): بالتزامن مع اللقاء المزمع عقده بين الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) مع رئيس نظام كييف (فولوديمير زيلينسكي) بحضور رئيس الوزراء البريطاني (كير ستارمر ) إلى جانب العشرات من زعماء دول الإتحاد الأوروبي في باريس اليوم الخميس 27 مارس 2025، وذلك لمناقشة كيفية تعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا، ومراجعة جهود وقف إطلاق النار، وتقييم الدور الذي يمكن أن يلعبه الأوربيون إذا تمَّ التوصل إلى إتفاق سلامٍ مع روسيا الإتحادية.
- تدعي أجهزة الإستخبارات البريطانية نقلاً عن تقارير أمنية مخابراتية تلقتها من جهاز المخابرات العسكرية لكوريا الجنوبية، أن الزعيم الكوري الشمالي (كيم جونج أون) قد أرسل مجدداً ما يقرب من 3000 جندي إضافي إلى روسيا الإتحادية خلال هذا العام لمساعدة الرئيس فلاديمير بوتين في حربه في أوكرانيا، حيث أضافت الأجهزة الإستخباراتية لكوريا الجنوبية بأن جارتها الشمالية اللدودة قد أرسلت أيضاً المزيد من الصواريخ ومعدات المدفعية والذخيرة لمساعدة روسيا الإتحادية في خطوة يمكن أن تزيد من إمدادات الأسلحة إلى موسكو بشكل أكبر اعتماداً على حالة الحرب، حسبما قال رؤساء الأجهزة الأمنية لهيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية.
- وقد دفعت هذه المعلومات الجديدة بالرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) ليحذر من أن القوات الأوروبية المنتشرة في أوكرانيا سترد على أي هجوم روسي وشيك، وذلك عشية اجتماع باريس بين الأعضاء الأوروبيين في تحالف الراغبين لمواجهة ما أسماه الأوروبيون بــــــ(الخطر الروسي المحدق) ببلدان القارة الأوروبية، وهو الأمر الذي بدأ يدفع بزعماء أوروبا للوصول إلى باريس للمشاركة في القمة التي يستضيفها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن أوكرانيا.
- ومن بين الزعماء الذين وصلوا إلى باريس، كان هناك كل من رؤساء وزراء أيسلندا والدنمارك وجمهورية التشيك وسلوفينيا، ورئيسي قبرص وليتوانيا، حيث بات من المعروف أيضاً بأن السير (كير ستارمر) سيحضر ذلك الإجتماع أيضاً، ومن المتوقع أن يلقي كلمة أمام وسائل الإعلام في وقت لاحقٍ من اليوم الخميس سيشرح فيها كيف يمكن لأوكرانيا أن تتغلب على روسيا الإتحادية في حوض البحر الأسود بحث تدفع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) لوقف إطلاق النار غير المشروط.
- ومن المقرر أن يتهم (كير ستارمر) الرئيس الروسي بتقديم (وعود جوفاء) في محادثات وقف إطلاق النار، خلال قمة باريس اليوم للتخطيط لقوات حفظ السلام في أوكرانيا، وسيقدم (كير سترامر ) نتائج محادثات الدفاع التي عقدت في المملكة المتحدة، بعد أن اجتمع أكثر من 200 خبير عسكري من مختلف أنحاء العالم لبحث الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه قوة حفظ السلام المحتملة، خاصةً بعد أن شنت القوات الروسية هجوماً واسع النطاق بطائرات مسيرة على مدينة (خاركيف) ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا في وقت متأخر من الليلة الماضية، مما أسفر عن إصابة تسعة أشخاص وتسبب في أضرار جسيمة، حسبما قالت خدمات الطوارئ وأكده المسؤولون الأمنيون في المدينة.
- كما أكد رئيس بلدية خاركيف (إيغور تيريخوف) إن المدينة التي تعتبر هدفاً دائماً للجيش الروسي، تقع على بعد نحو 30 كيلو متراً فقط (18 ميلاً) من الحدود الأوكرانية، وإن ما لا يقل عن 12 ضربة بطائرات مسيرة بدون طيار قد وقعت ضدَّ المدينة، وقد تسبب الهجوم بطائرة مُسيّرة أيضاً في اندلاع حرائق في مدينة (دينيبرو) في وسط البلاد، وفقاً لما ذكره حاكم المنطقة (سيرغي ليساك)، حيث أظهرت صور نُشرت على شبكة الإنترنت دخانًا وألسنة لهبٍ تتصاعد نحو سماء المدينة.
- واستناداً إلى هذه الذرائع فإن قادة دول الإتحاد الأوروبي المجتمعون سيحاولون الإبقاء على العقوبات المفروضة ضدَّ روسيا الإتحادية على الرغم من طلب موسكو الأخير من واشنطن بتخفيفها، حيث سيواصل الإتحاد الأوروبي فرض عقوباته على روسيا الإتحادية لعلمه المسبق بأن موسكو تسعى حالياً للحصول على تنازلات من الدول الغربية كشرطٍ مسبق لوقف إطلاق النار في حوض البحر الأسود. ولهذا السبب أكدت المتحدثة باسم الشؤون الخارجية في المفوضية الأوروبية (أنيتا هيبر) أن تلك العقوبات المفروضة على روسيا الإتحادية، والتي تريد موسكو أن ترفعها حالياً، لن يتم رفعها أو تقليصها إلا في حالة إنهاء روسيا الإتحادية لحربها ضدَّ أوكرانيا، وفقط بعد أن تقوم موسكو بسحب جميع القوات الروسية من داخل أوكرانيا، وبشكل غير مشروطٍ من ذلك البلد الذي عانى من ويلات الحرب منذ ثلاث سنوات حتى الآن (على حدِّ وصف أنيتا هيبر شخصياً).
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
- تحدث العديد من المراقبين والمحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف تطورات الحرب (الروسية – الأوكرانية) وتأثيرها على الأوضاع الأمنية والعسكرية واللوجيستية ليس فقط في بلدي طرفي النزاع، وإنما تأثيرها على الصعيدين الإقليمي والدولي أيضاً، أنه وبعد جولات العملية التفاوضية التي قام بها الجانبين الروسي والأمريكي في المملكة العربية السعودية واستمرت لمدة 12 ساعة متواصلة، ونجح فيها الدبلوماسيون في كل من واشنطن وموسكو في القيام بخطواتهم الأولى نحو تسوية الصراع الأوكراني، بات يبدو من الواضح أن الغرب يحاول عرقلة هذا التقدم الحاصل حالياً، لأن الأوربيين بشكل عام والبريطانيين والفرنسيين بشكل خاص، يحاولون الآن العثور لنفسهم على موقعٍ سياسي ودبلوماسي جديد ضمن هذه العملية الدبلوماسية والتفاوضية الدولية التي تنظمها الممملكة العربية السعودية.
- وحول هذا الشأن، يؤكد الخبير والكاتب البريطاني العالمي (سام كيلي)، والمتواجد حالياً في مدينة (أوديسا) الأوكرانية، أن التحدي المبكر للقوات الأوكرانية في جزيرة (الثعبان) البحرية قد مهَّد الطريق لهيمنة الأوكرانيين على حوض البحر الأسود، وهو الأمر الذي لم يترك مجالاً للشك لدى المخابرات العسكرية الأوكرانية، لأن هذا هو السبب الرئيسي الذي يدفع بالرئيس (فلاديمير بوتين)، وبكل حرص لوقف إطلاق النار هناك. ولهذا السبب قام الفرنسيون ومن خلفهم البريطانيون بوضع ورقة تفاهم لهذه القمة، حيث تضمنت هذه الورقة خطةً (فرنسية بريطانية) للقمة من أجل إعداد ما سيُسمى بــــــــــــ(القوة العسكرية الأوروبية المحتملة) التي من شأنها أن تطمئن أوكرانيا في المستقبل القريب، وذلك لأن قادة باريس ولندن يطمحون بوضع هذه القوات الأوروبية بعيداً عن خط المواجهة لتكون جزء من التسوية السلمية المستقبلية وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.
- وحول هذه النقطة بالذات، يؤكد الخبير والمحلل السياسي الروسي (أوليغ كاربوفيتش)، وهو نائب رئيس الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الروسية فيما يتعلق باستمرار أوروبا بتهديد روسيا الإتحادية، أن أوروبا تمرُّ بمرحلة بلطجة سريعة (على حد وصفه وتقديره)، حيث يضرب مثالاً حياً على هذا الأمر، فيتحدث بأن الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) قد أدرك بأنه لن يستطيع تسجيل أي انتصاراتٍ سياسية أو دبلوماسية ضدَّ روسيا الإتحادية، ولذلك وصل فيه الحقد إلى درجة تهديدد روسيا الإتحادية باستخدام الأسلحة النووية ضدها، وبدون أي خجل.
- ولهذا السبب يؤكد الخبير الروسي (أوليغ كاربوفيتش) أن أجهزة الأمن العسكرية الروسية باتت تتفهم جدياً ما ستؤدي إليه خطابات الأوروبيين العدوانية المتزايدة هذه بشأن القضية الأوكرانية والطرح النشط لفكرة نشر قوة عسكرية أجنبية في أوكرانيا ضمن الخطاب العام للدول الأوروبية، لأن هذا الإستفزاز الأوروبي سيكون كفيلاً بوصول هذا التصعيد الأمني والعسكري مع الأوروبيين إلى صراع خطير مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها، ولهذا السبب، يراقب الجانب الروسي حالياً هذه المحادثات الأوروبية بشأن القضية الأوكرانية، حيث بدأت هيئة الأركان العامة الروسية مؤخراً، وبأوامر من الكرملين الروسي تستعد لمجموعة واسعة من التطورات العسكرية المحتملة.
- هذا وتؤكد وزارة الخارجية الروسية أن تصرفات لندن باتت مزعجة ليست فقط لموسكو ، وإنما لواشنطن أيضاً، وقد كان هذا واضحاً خلال المفاوضات بين الوفدين الروسي والأمريكي في الرياض، من خلال المواضيع التي جرى بحثها لسلامة الملاحة في حوض البحر الأسود، حيث يؤكد الخبير الروسي العالمي، المبعوث المتقاعد لوزارة الخارجية الروسية (فاسيلي كورشمار)، بأن حل مشكلة سلامة الشحن في حوض البحر الأسود بات أمراً معقداً للغاية بسبب عرقلة البريطانيين لهذا الأمر، لأن لندن تحاول حالياً بالتعاون مع كييف من أجل تعزيز نفوذها في المنطقة البحرية على أساس (إتفاقية التعاون متعدد الأوجه لمدة 100 عام) والتي وقعتها حكومتي كييف ولندن مؤخراً، إذا كان من بين النقاط المطروحة (إنشاء أسطول عسكري مشترك في حوض البحر الأسود) بين القوات البريطانية والأوكرانية.
- وقد بحث القادة العسكريون الأوكرانيون هذا الأمر خلال اجتماع لهم مع ضباط بريطانيين في منطقة (أوتشاكوف)، وتمَّ الإتفاق بين البريطانيين والأوكرانيين على إنشاء مركز تدريبٍ مشترك لإعداد القوات الخاصة البحرية الأوكرانية، حيث نجح البريطانيون والأوكرانيون في بنائه بوتائر سريعة يتم استخدامه كقاعدةٍ بحرية متقدمة. وبالإضافة إلى ذلك، فمن المعروف أن لندن تبحث منذ فترة طويلة، عن طرق للإلتفاف على إتفاقية (مونترو ) والتي تحظر التمركز الدائم للسفن العسكرية الأجنبية من الدول (غير المشاطئة) لحوض البحر الأسود، على الرغم من وجود قواعد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) حالياً في بلدين من بلدان حوض البحر الأسود، هما بلغاريا وتركيا، فضلاً عن أنه يجري حالياً إنشاء أكبر قاعدة عسكرية لحلف شمال الأطلسي في القارة الأوروبية في رومانيا، وهو الأمر الذي يتابعه الجانب الروسي عن كثب، وقد كانت هذه النقطة، أيضاً من ضمن نقاط البحث مع الأمريكيين إلى جانب بقية النقاط الأخرى التي تهم واشنطن وموسكو، والتي تحاول كلاً من باريس ولندن إثارتها حالياً بحجة تقديم الدعم العسكري البحري لنظام كييف الحالي.
- ونظراً لأن هذه القواعد العسكرية البحرية الإستراتيجية ستكون تحت قيادة جنرالات أمريكيين، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستدافع عن مصالحها الأنانية في منطقة حوض البحر الأسود، ولهذا السبب أيضاً فإن الحديث سيدور حالياً عن تعزيز الوجود العسكري لحلف الناتو في تلك المنطقة المجاورة مباشرةً لشبه جزيرة القرم.
- ولهذا السبب أيضاً يؤكد الخبير الروسي، المبعوث المتقاعد لوزارة الخارجية الروسية، الدبلوماسي (فاسيلي كورشمار)، أن الجولات المقبلة من المفاوضات بين الجانبين الروسي والأمريكي، ستشهد حل مجموعة من قضايا ضمان سلامة الملاحة البحرية في مياه حوض البحر الأسود، مع الأخذ بعين الإعتبار لكافة مصالح روسيا الإتحادية في تلك المنطقة، وذلك على أساس وجود ضمانات قوية ووجود إمكانية حقيقية لمراقبة الوضع الأمني والعسكري في مختلف مناطق حوض البحر الأسود من قبل دوله المطلة عليه، وذلك تحت رعاية مباشرة من قبل منظمة الأمم المتحدة.
خاص وكالة رياليست – حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.