أكد وزير الدفاع الإيطالي “لورينزو غويريني“، على ضرورة أن يكون هناك تدخل من جانب الأمم المتحدة لإرسال قوة دولية إلى سوريا، وفقاً لوكالة “آكي” الإيطالية.
عرض مشبوه
يأتي عرض وزير الدفاع الإيطالي غويريني، من باب إستبدال القوات التركية والروسية، بقوات إيطالية وبرعاية اممية، شرط أن يتم ذلك بموافقة جميع الأطراف، أي الحكومة السورية والمعارضة، فيما غفل غويريني عن ذكر القوى الأخرى من القوات الأمريكية والفرنسية الموجودة هناك، إضافة إلى وجود قوات سوريا الديمقراطية التي كانت تحظى بدعم إيطاليا في منتصف العام 2018، أثناء سيطرة قسد على شرقي البلاد، مبررّا هذه الخطوة إن تمت، ستكون القوات الإيطالية على إستعداد كامل في إرساء السلام في المنطقة.
إزدواجية المعايير
إن ما يحدث في المنطقة سواء في سوريا والعراق أو لبنان وإيران، فضلا عن الحالة الليبية المعقدة، فتح شهية الدول الأوروبية مجدداً لنصب أعينها بإتجاه الشرق الأوسط، فكما هو معلوم أن الإستعمار الفرنسي كان متواجداً في سوريا ولبنان، والإيطالي في ليبيا، في بدايات القرن الماضي، ومع عودة الإستعمار بحلته الجديدة إلى هذه البلاد، زاد من حدة التنافس الغربي على المنطقة، فوجود قوات حفظ السلام كما على الخط الفاصل بين سوريا والجولان السوري، وبموجب إتفاقيات كان عاملاً مفيداً لكن مع إجتياح الإرهاب إلى كل الأراضي السورية، سحبت الأمم المتحدة قواتها من تلك المنطقة، كذلك الأمر مع قوات اليونيفيل بين جنوب لبنان وإسرائيل، لكن ألا تقوى الأمم المتحدة على الطلب من واشنطن وحلفاءها الانسحاب ووضع قوات اممية عوضاً عنهم، هذا الأمر يؤكد إزدواجية المعايير التي ينتهجها المجتمع الدولي خاصة فيما يتعلق بالمنطقة العربية.
الدوافع والأسباب
إن إيطاليا حالها كحال كل الدول وخاصة الأوروبية، قد تأثرت بالأزمة الإقتصادية عام 2008، ومنذ ذاك الوقت تحاول تلافي الإنهيار الوشيك، خاصة بعد الفضائح الكثيرة التي طالت بعض مسؤوليها، إضافة على تردي الأوضاع المعيشية ومعاناتها من ملف الهجرة غير الشرعية القادمة من أفريقيا ودول أخرى إلى أراضيها، كل ذلك تطلب من الحكومة الإيطالية أن تحذو حذو جارتها فرنسا وأن تقدم يد العون في سحب النفط السوري، ما يطرح سؤال مهم جداً، لماذا لم تقدم إيطاليا على هذا العرض أثناء معارك عفرين وجرابلس وتل ابيض وعين العرب وغيرهم؟
لأن تلك المناطق لا تشكل فائدة إقتصادية لها، فكما شمال شرق سوريا يحوي أكراداً كذلك كانت عفرين وعين العرب “كوباني” وجرابلس، فإذن يحاول الجميع الآن الإستفادة قدر الإمكان من مقدرات البلاد التي تعاني فوضى دموية كإجتياح الإرهاب، لكن على المقلب الآخر تسعى الحكومة الإيطالية التنسيق مع الحكومة السورية خاصة في ملف مكافحة الإرهاب، تترجم ذلك بزيارات متكررة لمسؤولين إيطاليين إلى دمشق، وزيارات من البرلمان السوري إلى إيطاليا.
من هنا، إيطاليا البلد الأوروبي المسالم إجمالاً، يحاول النهوض مجدداً عبر إستثمارات لن تتحقق، لكنها محاولة ورسالة يراد إيصالها إلى واشنطن، علها تجد لها دوراً على غرار طلب الإدارة الأمريكية من ألمانيا إرسال قوات إلى سوريا، الأمر الذي قوبل بالرفض آنذاك.
إذ أن محور واشنطن ليس من مصلحته إرساء الإستقرار في أي مكان يتواجد فيه، وخاصة في سوريا والعراق، طالما أن هذا الوضع يحقق الأمن والإزدهار لتل أبيب.
فريق عمل “رياليست”