تأتي هذه المقالة نتيجة، لدراسة طويلة قام بها علماء الإجتماع في سانت بطرسبرغ في معهد الشمال الغربي للإدارة التابع للأكاديمية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة، قام هؤلاء العلماء بتقييم حالة سياسة الدولة لمكافحة الإرهاب والتدابير المتخذة لمواجهة أيديولوجية الإرهاب. بالإضافة إلى ذلك ، درسوا طرق وأساليب نشر أيديولوجية الإرهاب في البلاد وفي سانت بطرسبرغ تحديداً.
و لقد صرحت الخبيرة البارزة إيكاترينا كوليسنكوفا في مشروع “الحلم الروسي” و هي أحد المساهمين في إعداد دراسة مواجهة أيدولوجيا الإرهاب لوكالة “رياليست الروسية” للأنباء،بأن:
دراسة الفكر الإرهابي
لايزال الإرهاب يشكل أحد أبرز وأخطر التحديات التي تواجه المجتمع الروسي، حيث أن هؤلاء الإرهابيين وبسبب الفكر الأيديولوجي الخاص بهم، هم على استعداد لإرتكاب أفظع الجرائم والعمليات الإرهابية.
والمشكلة تكمن إن هذه الأيديولوجيا قادرة على الاختباء وإذابة نفسها بالأفكار الوطنية والعالمية غير المتوقعة، لذلك يعد أهم نقطة في مكافحة الإرهاب هو اتخاذ تدابير وقائية لمعرفة أفكارهم ومنظماتهم وأساليبهم وتدميرها في الوقت المناسب. ولكن هذا غير ممكن حيث لا نملك الخبرة اللازمة والطرق اللازمة والتدريب الجيد من أجل معرفة العقلية الإرهابية.
نتائج مكافحة الإرهاب
بالعودة للدراسة حول مواجهة أيديولوجيا الإرهاب “الحلم الروسي” حيث كان هدف الدراسة هو تقيم سياسة الدولة في مجال مكافحة الإرهاب والتدابير المتخذة لمكافحة إيديولوجية الإرهاب، ودراسة طرق وأساليب نشر أيديولوجية الإرهاب في أراضي الاتحاد الروسي وتحديداً سانت بطرسبرغ، وكذلك تحديد قنوات الاتصال الرئيسية التي تستخدمها الجماعات الإرهابية والمنظمات المحظورة حاليًا لجذب مؤيدين جدد.
ولقد شارك في الدراسة 62 شخصا: تم تقسيمهم إلى مجموعات: رؤساء السلطات التمثيلية، رؤساء السلطات التنفيذية، ممثلو الحكومات المحلية، ممثلو المجتمع العلمي (العلماء والمدرسون)، رؤساء المنظمات العامة والإعلام، الثقافة، المنظمات غير الحكومية، رؤساء المنظمات الدينية، والمحاربين القدامى.
إستطلاعات الرأي
ولقد توصلوا لنتائج الدراسات بالإستطلاع الآتي:
أولا. 87 % قالوا إن الدعاية الإرهابية تشكل خطرا على المجتمع الروسي.
ثانيا. 35 ٪ أجابوا بأن الهدف الرئيسي للمنظمات الإرهابية الدولية والمعارضة الراديكالية هو تحقيق هدفهم باستخدام العنف.
ثالثا. ووفقًا لـ 24٪ من المشاركين، فإن الدعاية الإرهابية تعتمد على الجماعات الإسلامية الموجودة خارج روسيا.
رابعا. هناك 24٪ آخرون مقتنعون بأن المنظمات الداخلية الروسية هي المحرك الرئيسي.
خامسا. بالنسبة لمن يقوم بدعم الإرهابيين فيرى 19% أن وكالات الاستخبارات الأجنبية تؤثر على الإرهابيين وتدريبهم القتالي،فيما يرى 17 % أن الجماعات الإسلامية المتطرفة الموجودة في الاتحاد الروسي هي التي تقوم بدعم الإرهاب، أما 9.6 % يروا أن من يقوم بدعم الإرهاب المعارضون السياسيون للنظام.
إهمال في المعالجة
أما لدى سؤالنا حول دور الأجهزة الحكومية في مكافحة الإرهاب، فكان رد المشاركين في البحث كالآتي:
25 % يرون أن النيابة العامة لها دور في مكافحة الإرهاب،19% يرون دور للجنة التحقيق الفيدارلية أما 17 % يرون بأن جهاز الأمن الفيدرالي له دور، في حين أن 14%يرون أن لوزارة الداخلية دور. أما بحسب رأي كل المشاركين،فلا يرون أي دور للأحزاب السياسية و أجهزة الحكم المحلي.
و قد أجاب المشاركون على الأسئلة التالية الواردة في الاستبيان، هل الكفاح ضد الدعاية الإرهابية في روسيا فعالًا دائمًا؟
43 % غير فعال بما يكفي، 40% فعالة، 69% في سان بطرسبرج: ليست فعالة دائما.
أما لدى سؤالنا هل يشعرون بالأمان الكافي من الجماعات الإرهابية، كانت إجابتهم:
47 % يشعرون بالأمان الكافي إزاء تهديد الهجمات الإرهابية. و9.6 % فقط، يعتبرون أنفسهم غير محميين تمامًا.
وفي معرض سؤال لمؤلفي الدراسة “هل يجوز الحد من حقوق وحريات المواطنين بإسم الأمن العام من أجل مواجهة أيديولوجية الإرهاب”، أجاب 67% بـ “لا” من المشاركين، و19 % “نعم”.
.
فعاليات الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب، وإبلاغ السكان بالنتائج؟
43 % من المشاركين في الدراسة يصنفون شبكات التواصل الاجتماعية على أنها الشبكات الأكثر فاعلية، و14 % يأتي بعد ذلك التلفزيون والصحف والمجلات والبرامج الإذاعية لا تحمل هذه المعلومات عمليًا.
أما 37 % من المشاركين يعتبرون أن قنوات التواصل الرئيسية التي ينشر من خلالها الفكر لإرهاب المعلومات، المجتمعات الدينية (دعاية دينية)، و30 % من المشاركين يشيرون إلى قنوات مثل الإنترنت، و11 %سلطات وسائل الإعلام المعارضة.
أهم مجال للعمل الوقائي، وحسب 61 %المشاركين في الدراسة، هو تحسين عمل جهات تطبيق القانون والاتجاه الرئيسي للعمل الوقائي لمواجهة أيديولوجية الإرهاب هو تنفيذ تدابير لتشكيل وعي لمكافحة الإرهاب بين السكان. صرح بذلك 25 %من المستطلعين. قال 37 %من المجيبين أن الخطر الرئيسي للمنطقة التي يعيشون فيها هو أيديولوجية مرتبطة بالحركات الدينية الراديكالية.
قد قال المشاركون في الدراسة إن الارهابيون يختارون سانت بطرسبرغ وذلك نظرا لأهميتها التاريخية والحضارية كما أنها مسقط رأس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومما يوفر لهم الدعاية الكافية.
تاريخ الهجمات الإرهابية على سانت بطرسبرغ
في عام 1996، حدث إنفجار مترو سانت بطرسبرغ، قتل شخص واحد، وفي عام 1997، انفجرت قنبلة في قطار موسكو سان بطرسبرغ. قتل خمسة وجرح ثلاثة عشر. عام 2007، حدث هجوم إرهابي في مترو سانت بطرسبرغ، وقعت الانفجارات في محطة فلاديميرسكايا ونيفسكي بروسبكت، أصيب أحد عشر. وفي عام 2007، بسبب الانفجار، خرج قطار موسكو سان بطرسبرغ عن القضبان. أصيب 60 شخصا. وفي عام 2009، وقع انفجار عند تقاطع زانيفسكي وشوميان أفينيوز،أصيب فيه شخص واحد، 2009 انهيار نيفسكي اكسبرس وقع 28 قتيلا. 2010 هجوم إرهابي في مترو سانت بطرسبرغ ، وقع الانفجار بين محطتي “برونيفايا” و “لينينسكي بروسبكت” ، أصيب فيه شخص واحد.
أما أحدث الهجمات الإرهابية ذائعة الصيت في سان بطرسبرج في 3 نيسان/ أبريل 2017. عبوة ناسفة محلية الصنع وضعت في إحدى عربات المترو، مما أسفر عن مقتل 15 شخصًا وإصابة 49.
العمل الإرهابي بحد ذاته هو كقمة الجبل الجليدي، حيث تكون جذوره أعمق بكثير، والخطر الأكبر له يتمثل في تشكيل ونشر أيديولوجية الإرهاب في المجتمع.
يجب تمييز أفكار الإرهاب وتشخيصها في المرحلة الأولى من انتشارها. و لا يمكن القيام بذلك بفعالية إلا على أساس توحيد مشترك لجهود الهيئات الحكومية وأجهزة المخابرت ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام ، ولهذا لا نحتاج فقط إلى برامج الدولة والقوانين الفيدرالية ، ولكن أيضًا إلى عقد اجتماعي يربط المجتمع بأسره في مكافحة هذا الشر.
إيكاترينا كولسنيكوفا- خبيرة بارزة في مركز أبحاث”الحلم الروسي” التابع لمعهد الشمال الغربي للإدارة، خاص لوكالة “رياليست” الروسية.