وقعت الولايات المتحدة إتفاق السلام في العاصمة القطرية – الدوحة في خطوة تم التهليل لها باعتبارها سبيلاً نحو انسحاب كامل للقوات الأجنبية من أفغانستان ونهاية لحرب مستمرة منذ 19 عاما في الدولة التي تعاني من ويلات العنف. ومع ذلك وصف بعض المراقبين الاتفاق بأنه مغامرة في مجال السياسة الخارجية الأمريكية من شأنها أن تعطي طالبان الشرعية الدولية، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
نجحت محاولة الإدارة الأمريكية أخيراً في إبرام إتفاق مع حركة طالبان الأفغانية التي كانت مدرجة على انها إرهابية المحظورة في الولايات المتحدة، ليتم بعد ذلك محادثات حول عقد إتفاق سلام جديد كان من المفروض أن يتم في منتجع كامب ديفيد الأمريكي، لكنه تعثر على خلفية مقتل جندي أمريكي على يد أحد مقاتلي طالبان، وما لبثت أن تواسطت الدوحة لإنجاح هذه الخطوة في مسعىً منها لتحظى بالمباركة الأمريكية وأنها قادرة على إحلال السلام عبر رعايتها للإتفاق وإنجاحه على أرضها.
يرى مراقبون ومحللون أن هذا الاتفاق لن يكتب له النجاح على الرغم من توفر شروط نجاحه، إلا أن المعروف عن واشنطن أنها لا تسير بعكس مصلحتها، كما أن طالبان إكتسبت شرعيتها الحالية من القتال والحروب سواء مع حكومة كابول برئاسة أشرف غني أم من خلال إستهداف القوات الأمريكية في أفغانستان، إذ أن الحركة تسيطر على ما قرابته 85% من البلاد، في حين الحكومة الأفغانية الشرعية لها فقط العاصمة كابول، من هنا وحول بند إطلاق سراح السجناء كبند من نقاط الاتفاق المتفق عليها، رفضته حكومة كابول معللة ذلك أن الاتفاق تم بين واشنطن وطالبان لا معها ما يعني أن أحد البنود إختل قبل أن يصار إلى تنفيذه وهذه البداية فقط.
وفي سياقٍ متصل، لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من أفغانستان هكذا وترك خطط 19 عاماً تذهب سدى وهي تعلم أن ما يوجد في البلاد هو مصدر رزق وفير على واشنطن، كالثروات المعدنية وتجارة زراعة الأفيون المستخدم في المخدرات عدا عن تبييض الأموال، كل ريع هذه الأمور يذهب إلى الخزينة الأمريكية، فكيف ستسلم بهذا الأمر وتمنح روسيا والصين وإيران بلداً هو نقطة إستراتيجية لقواعد أمريكا بقلب دول آسيا الوسطى!
الجدير بذكره أن إنسحاب القوات الماضي من أفغانستان في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حدث قبيل حملته الانتخابية للرئاسة والتي لربما هذا السبب من أوصله إلى سدة الحكم، وبعد ذلك خلقت واشنطن ذريعة للعودة إلى أفغانستان، ليأتي الرئيس الحالي دونال ترامب ويوقع الاتفاق الذي يضمن به سلامة جنوده الأمريكيين أيضاً قبيل الانتخابات الرئاسية، إذ أصبحت سيناريوهات البيت الأبيض مكشوفة للجميع، فضلاً عن أن الحركة لن تصمد 14 شهراً دون عمليات ما، رغم أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو توقع ذلك قائلاً “سنلغي الاتفاق إن لم تلتزم طالبان”، لكن تفسر هذه الجملة من ناحية أخرى، أي أنه من الممكن أن تنقلب الإدارة الأمريكية في أي لحظة إن خرجت خطتها عن مسارها المخطط له، فيما المؤكد أن هذا الاتفاق لن يكتب له النجاح ولو تم التهليل له وحظي بمباركة دولية.
فريق عمل “رياليست”