موسكو – (رياليست عربي): في 17 يناير، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن توجيه ضربة عالية الدقة إلى نقطة انتشار مؤقتة للمقاتلين الأجانب في خاركوف، وأشار بيان الوزارة بشكل منفصل إلى أن معظم المرتزقة الأجانب الستين الذين قتلوا كانوا مواطنين فرنسيين، وسارعت باريس إلى رفض الاتهامات، لكن الحقائق تتحدث ضدها، وفي الوقت نفسه فإن المصالح الجيوسياسية لروسيا وفرنسا تتقاطع ليس فقط في أوكرانيا.
نفي فرنسي
على خلفية الحادث تم استدعاء السفير الفرنسي إلى الخارجية الروسية، وقيل له أن باريس مسؤولة عن مقتل مواطنيها، كما أعلن رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين عن نيته إرسال نداء إلى البرلمان الفرنسي، “اليوم، يموت المرتزقة الفرنسيون من أجل النظام النازي في أوكرانيا، فهل يعلم المواطنون الفرنسيون والنواب الفرنسيون بذلك؟ في الاجتماع القادم لمجلس الدوما، سننظر بالتأكيد في تقديم التماس إلى البرلمان الفرنسي بشأن القضايا المذكورة أعلاه.
بالنسبة لفرنسا، لم ترد على الفور على الرسائل التي ظهرت، ونشرت معظم وسائل الإعلام الفرنسية، بما في ذلك صحيفتا “لوموند” و”ليبراسيون” الأكثر شعبية، تقارير قصيرة مع تحفظات مفادها أنه لا يمكن التحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة، وكانت وسائل الإعلام المطبوعة الوحيدة التي قدمت تعليقاً تفصيلياً إلى حد ما هي صحيفة لو باريزيان، التي تناولت موضوع العمليات العسكرية في الخارج بشيء من التفصيل.
بدورها، نفت الخارجية الفرنسية، كما كان متوقعاً، ما حدث، معتبرة أنه لا يوجد مرتزقة في أوكرانيا ولا «في أي مكان آخر»، واصفة التقارير عن تصفية ستة عشرات من مواطنيها بـ«التلاعب الصارخ».
في الوقت نفسه، لم تكن المعلومات المتعلقة بوجود مواطنين فرنسيين في أجزاء من القوات المسلحة الأوكرانية سراً منذ فترة طويلة، وكان أول مرتزق فرنسي يموت في أوكرانيا، وفي منطقة خاركوف أيضاً، هو ويلفريد بليريوت، ظهرت الرسالة المتعلقة بوفاته في يونيو 2022، وتم نشرها لأول مرة من قبل مجتمعات الإنترنت اليمينية المتطرفة، والثاني كان كاريل شيريل زالسبورغ، مثل بليريوت، وهو من النازيين الجدد الذين تعرضوا للمحاكمة الجنائية في وطنه بسبب هجمات على ممثلي أنتيفا.
وهناك، ما لا يقل عن 60-70 حاملاً لجواز سفر فرنسي و200 آخرين يحملون جنسية مزدوجة، ووفقاً للصحفيين، لديهم خبرة قتالية في الفيلق الأجنبي الفرنسي، علاوة على ذلك، في أبريل الماضي، ذكرت وكالة ميديابارت، نقلاً عن مصادر في الإدارة الرئيسية للأمن الداخلي (مكافحة التجسس الفرنسية)، أنه تم تسجيل 400 مواطن من الجمهورية على أنهم شاركوا في الأعمال العسكرية في أوكرانيا بشكل أو بآخر، بالإضافة إلى ذلك، تحدثت وسائل الإعلام الفرنسية مراراً وتكراراً عن مشاركة وحدات من قيادة العمليات الخاصة، ولا سيما فوج المظليين الثالث عشر، في العمليات القتالية.
وفي هذه الحالة سيكون من المهم توضيح أننا نتحدث حصرياً عن المرتزقة، حيث لا توجد بيانات موثوقة عن عدد المدربين الفرنسيين الذين يعملون في تدريب الأفراد العسكريين في القوات المسلحة الأوكرانية في معسكرات في أوكرانيا وبولندا.
ويشير عدد من الخبراء إلى أن القتلى في خاركوف كانوا جنوداً في الفيلق الأجنبي، لكن يتطلب هذا الإصدار تأكيداً، بالتالي، إن المنطق العام للأحداث يعطي أسباباً للتأكيد على أن هؤلاء كانوا مرتزقة فرنسيين، ولا يوجد سبب يمنع فرنسا، التي تستخدم تقليدياً الفيلق الأجنبي في الخارج، من إرسال الفيلق الأجنبي إلى أوكرانيا، وعلى الأرجح أن باريس لن تعترف بهذا، في أحسن الأحوال، سيتم القول أن هؤلاء كانوا متخصصين ومدربين عسكريين.
أما بالنسبة لأوكرانيا، وعلى خلفية الخلاف السياسي الداخلي بين الكونغرس والرئيس الأميركي جو بايدن، فإن أوروبا تسارع إلى إعلان استمرار دعمها لكييف، ويحاول قصر الإليزيه استخلاص فوائد اقتصادية وسياسية من الاتجاه الجديد، فقد أعلن إيمانويل ماكرون في وقت سابق عن خطط للسير على خطى المملكة المتحدة في توقيع اتفاقية بشأن الضمانات الأمنية مع كييف، وفقاً لبيان مجموعة السبعة في يوليو، وفي وقت لاحق، أعلن الرئيس الفرنسي عن النقل المرتقب لأوكرانيا لـ 40 صاروخاً من طراز SCALP-EG وأكثر من 100 قنبلة قابلة للتعديل من طراز AASM في فبراير.
بالتالي، لا جديد في خطط فرنسا لمواصلة الإمدادات، كانت هناك مساعدة من قبل، وسوف تستمر، إن الاعتقاد بأن كل إمكانات هذا النوع من الدعم قد استنفدت هو مجرد تفكير بالتمني، أما بالنسبة للاتفاقية المستقبلية، المستندة إلى أحكام اتفاقية مماثلة مع بريطانيا العظمى، فإننا نتحدث أكثر عن بادرة دعم سياسي ودبلوماسي، علاوة على ذلك، موجهة نحو المدى المتوسط ودون التزامات غير ضرورية، وهذا يعني أن ماكرون يحاول إثبات أن بلاده ليست حلقة ضعيفة بين حلفاء كييف.