فى هذا الموضوع نتحدث عن عمل التنظيمات المتطرفة داخل أمريكا و ليس خارجها و تأثير ذلك على الإنتخابات الأمريكية القادمة .
نتناول الأمر بعد مقتل جورج فلويد على يد شرطى أرعن لم يقدر ما هو مقدم عليه و بطريقة علنية ظاهرة للعيان و تحت سمع و بصر زملاء المهنة و كاميرات المواطنين حتى أصبحت كلمات جورج فلويد الأخيرة لا أستطيع أن أتنفس عناوين لكل و سائل الإعلام و التواصل الإجتماعى و لافتات التظاهرات مع رفع الأيادى التى فى مواجهة الشرطة و التى تشير إلى معنى أننا مسالمون نرفع أيدينا و أنتم تقتلوننا و المؤكد هنا أن حادثة جورج فلويد تتكرر يوميًا فى أمريكا و فى دول متعدده و إن إختلفت الوسائل لكن طريقة التناول و التعاطى مع الأمر هى مربط الفرس و الطبيعى أن أمريكا دولة مؤسسات و قوانين و سير حالة جورج فلويد قضائيا ليس مشكلة نهائيا و العقاب الرادع قانونيا للشرطى مرتكب الجرم أمرا طبيعيا .
لكن حالة الإستخدام السياسى للحدث و الإستقطاب قبل الإنتخابات الأمريكية من قبل الديمقراطيين و أنصارهم من هياكل التنظيمات المتطرفة و المؤسسات الإعلامية الموالية لهم فى أمريكا و خارجها كان له الأثر الكبير فى حالة التشنج التى لم تنتهى منذ هزيمة هيلارى كلينتون أمام دونالد ترامب و التى كان قد تم تأهيلها إعلاميا بواسطة أوباما و زمرته فى كافة أنحاء العالم لتولى رئاسة أمريكا و تورطت دول متعدده فى دعمها ماليا عبر مؤسسة كلينتون و بينها دول عربية ليس بينها مصر تقربا من الرئيس الديمقراطي القادم لأمريكا و لم تقم هذه الدول بدراسة الأمر كما يجب و لهذا و للمرة الأولى يحدث سقوط رئيس أمريكى هذا الدوى فى مختلف دول العالم و ليس أمريكا فقط لأن هذا وضع كل حلفاء الديمقراطيين فى الداخل الأمريكى و فى الخارج فى ورطه كبرى مع إدارة ترامب الجديدة و فى مقدمة هؤلاء التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية و التنظيمات الموالية لإيران و الملتصقة جسديا مع تنظيم الإخوان و القاعدة و داعش و النصرة و أنصار بيت المقدس و حماس و حزب الله و التنظيمات اليسارية المتشدد تفرعاتهم و المرتبطين بحبل سرى مع إيران و تركيا و قطر هذا إضافة إلى دول و حكومات لا تستطيع إن تحيا إلا بضمان الرضاء الأمريكى و تبيع كل شئ فى سبيل ذلك و هم عرب و عجم على السواء .
الداخل الأمريكى الآن تتحرك بداخله كافة التنظيمات المتطرفة التى ذكرتها أعلاه و عناصرها و كياناتها المؤسسية بشقيها المسلح و المدنى الخيرى و أذرعها الإعلامية فى الداخل الأمريكى و خارجه لخلق حاله حنق عام و شاهدنا ذلك خارجيا بتظاهرات كندا و بريطانيا على سبيل المثال الأقرب و هى دول حاضنة للتنظيمات الإرهابية و عناصرها تحت مظلة الديمقراطية و بالطبع تستخدمهم منذ عقود كوقود لإشعال المناطق المراد إشعالها حول العالم لتحقيق أجندات دولية و الإمساك بخيوط ملفات تتفاوض بها بمعنى ادارة الصراعات لتحقيق أهداف محدده سلفا و مدروسة بعناية .
بالتالى يريد الديمقراطيون إعادة تشغيل خلايا تحالفاتهم داخليًا و خارجيًا بإعادة إحياء الأمل فى نفوسهم بأنهم قادرون على العودة مع إحياء آمال و أحلام كل التنظيمات المتطرفة بتحقيق الوعود السابقة و التى إختطفت بنجاح ترامب و هزيمة هيلارى كلينتون و يعلم الديمقراطيون أن هزيمتهم هذه المرة ستبعدهم عن منصب الرئاسة الأمريكية لما يزيد على ثلاث دورات متتالية و فوزهم يبعد الجمهوريين عن الرئاسة لمده بين دورتين و ثلاث أيضا و لهذا تشتعل ضراوة الحرب بين الجمهوريين و الديمقراطيين و يجب ألا ينجرف المواطن العربى و الإعلام العربى و الغربى بأن الأمر حقوقيا و أنه نوعا من الإضطهاد لعرقيه محدده داخل أمريكا التى تحتضن كافة أعراق العالم كما يجب ألا يسقط الجميع فى فخ أن السطو و التخريب و السرقة و الإعتداء على المنشآت العامة و القوات الأمنية فى أمريكا هو رد فعل على إضطهاد عرقى بل يجب إن يفيق الكل من حالة الغيبوبة هذه و يعلم أنه ليس فى مصلحة أحد إشعال أمريكا من الداخل لأنه حال إشتعل الداخل و قامت أمريكا بتصدير مشاكلها للخارج فهذا يعنى حربا ضروس و أكثر من يفهم ذلك بتبعاته هم الروس و الصينيون .
كما أرجو أن ينتبه من يتابعون الشأن الأمريكى إلى تحركات باراك أوباما الحالم بالعودة إلى السلطة و إدارة أمريكا حتى ولو من خلف الستار عن طريق بايدن الذى يتصدر المشهد بصفته مرشح الديمقراطيين الضعيف جداً و الراقص على حادث جثه جورج فلويد فى مشهد بعيدا كل البعد عن الأخلاق و المبادئ التى يتشدق بها الديموقراطيين إذن فإن الصراع الحقيقى بين ترامب و أوباما فقط و ما بايدن إلا راقص على مسرح عرائس برودواى التى تقدم مسرحيات من فصل واحد .
الدول الغربية و العربية و التى إبتلعت طعم أوباما بأن هيلارى كلينتون هى الفائزة فى 2016 و هنا أقصد الإدارات السياسة حتى الآن تقف موقف المتفرج خشيه أن تسقط فى الفخ مرة أخرى سواء كان هذا الفخ ديمقراطيا أو جمهوريا و لكن مع الأسف الشديد انه توجد حالة من عدم الوعى لدى جزء من الشعوب العربية و نخبها و إعلامها و السياسيين الذين ذهب الأمر بهم للشماته لما يحدث فى أمريكا كما حدث لهم و صدر عنهم جراء أزمة فيروس كورونا و هذا سلوك لا يمكن أن يصدر عن عقول سوية لأن العالم الجديد يتشكل و الصراع على قيادته على أشده و أنتم جزء و وقود و ضحايا معاركه و مازالت الأيام القادمة حبلى بأحداث جسام فى العالم و لكن جلها فى الشرق الأوسط.
أمريكا و المشهد القادم
وصل حد عناد الديمقراطيين إلى العمل على تشجيع بعض الولايات على الإنفصال عن أمريكا بمعنى أنهم يعملون ضد دولتهم فقط لتشويه المنافس الجمهورى و تصويره انه قد طلبت عده ولايات الإنفصال فى عهده و بالطبع هنا ربما لا يدرك البعض أنه توجد أكثر من 267 ميليشيا مسلحة داخل الولايات المتحدة و اذا تحركت فهذا يعنى حربا أهلية لا نهاية لها هكذا يفعلون ببلادهم فماذا تتوقعون أن يفعلون ببلادكم.
عودة إدارة أوباما السابقة مرة أخرى معناه عودة التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية للحياة و إعادة إحياء الربيع الدموى مرة أخرى و تصعيد كوادر إرهابية لتصدر السلطة مرة أخرى فى البلدان العربية و دعم إيران للهجوم على دول الخليج و بدء حرب الصحراء الكبرى فى منطقة الساحل و الصحراء و بدء حرب كبرى فى منطقة الشام و مناطق الحدود بين تركيا و سوريا و العراق و كذلك تفسيم ليبيا و بدء الإعداد للهجوم على مصر من عده محاور و الضغط على الدول الغربية لفعل ذلك حتى غير الراغبة حتى لا تخرج من حسابات تشكيل العالم الجديد و الضغط الداخلى على ترامب ليس من أجل الداخل الأمريكى فقط بل من أجل دفعه لتنفيذ أجندة سابقة و تقديم تنازلات أكبر مثلما فعل فى قضية القدس و دعمه لضم إسرائيل لأراضى الضفة الغربية على الرغم من إعتراض الفلسطينيين و الأردنيين و اللذان يتم التخطيط للتخلص من قياداتهما معا فى آن واحد و ستبدأ مرحلة كبرى من الإغتيالات لكل الشخصيات التى ستقوم بمعارضه هذه التوجهات و على الرغم من كل ذلك ترى الدول العربية على حالة من التشرذم الشعبى الداخلى و البينى الاجتماعى و السياسى كما هو نفس الحال مع الإدارات السياسية العربية فيما يشبه الإنتحار الجماعى كل يعتقد أنه أقوى و أفهم و أثرى من الآخر و لن يتغير الحال حتى يسقط الجميع فريسة ذليلة على موائد اللئام قريبا جدا إلا من رحم الله من بعض اللذين ستكون لديهم القدرة على الإستفاقة و المقاومة من أجل البقاء على قيد الحياة الأمر لم يعد عبثيا لقد بدأ منذ فترة تشكيل قوى إرهابية مسلحة جديدة فى مناطق متعدده و كأننا سنعود للمربع صفر مرة أخرى لحين أن تتفق الدول الكبرى على مصالحها فيما بينها و تنهى الأمر أو تقوم بالتصعيد و تشعل حربا أيضا تعقبها تسويه و أنتم وقودها مع أقوام أخرى .
محمد الألفي- خبير في العلاقات الدولية، خاص لوكالة أنباء “رياليست”