طرابلس – (رياليست عربي): شغل الرأي العام ما جاء في إحاطة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي أمام مجلس الأمن، يوم الثلاثاء 22 أغسطس/ آب، والتي قال فيها: إن حكومة موحدة تتفق عليها الأطراف الليبية أصبحت أمراً ضرورياً لقيادة البلاد نحو الانتخابات، أعقبته مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن والتي أبدت استعداد بلادها لدعم تشكيل حكومة تصريف أعمال مهمتها الوحيدة قيادة البلاد حتى تقام انتخابات نزيهة.
الأطراف المعارضة لحكومة طرابلس التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، انطلقت في تفسيرها لإحاطة المبعوث الأممي إلى القول بتشكيل حكومة من الصفر، إلا أن التصريحات حمَّالة أوجه؛ لأن الموقف لم يسبقه مقدمات مهدت له بشكل أولي ولا يدور في الكواليس بهذا الشكل، كذلك يتناقض تأويل الإحاطة مع التطمينات التي تصل إلى الدبيبة، وفق مقربين منه
ضفة المعارضين للدبيبة في طرابلس، تطلق أيضا النقاشات الموسعة وفق قراءتها للإحاطة الأممية وتفتح ملفات المترشحين للحكومة التي كانت ستنتجها خارطة الطريق بين رئيس مجلس النواب المستشار، عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة السابق خالد المشري، قبل أن تقطع عليها الطريق الصفقة السياسة بين الحكومة وحزب العدالة والبناء والتي أطاحت بالمشري وبخارطة الطريق وبكيان مجلس الدولة كجسم معارض للحكومة، وجعلت من حكومة الدبيبة طرف سياسي وحيد في المنطقة الغربية؛ مناظر للبرلمان وحفتر في الشرق.
وسبب عدم القناعة بتفسير الجهة المعارضة للدبيبة؛ المخاوف الدولية من الذهاب إلى مرحلة صفرية ممثلة في ولادة حكومة لا تستطيع تولي زمام الأمور، إضافة إلى سلطة الأمر الواقع التي ما تزال قائمة على الأرض بين من لديه قوة يفرضها في الشرق ومن لديه تقارب مع القوة في المنطقة الغربية والوصول إلى تسوية سياسية بينهما يمثل حلا للمعضلة الليبية.
كذلك من أسباب عدم الاقتناع بجدية ذهاب المبعوث الأممي إلى الدفع بولادة سلطة تنفيذية جديدة؛ هو المرحلة الحرجة التي تشهد توترات في الجنوب وتوسع النفوذ الروسي وتسارع الأحداث كتسرب الجيش التشادي إلى الحدود الجنوبية لملاحقة المعارضة واتخاذ قوات الدعم السريع السودانية الجنوب الليبي حديقة خلفية، في غضون عملية عسكرية مرتقبة أو محتملة في النيجر.
بحسب توقع مراقبين للمشهد، فإن الحكومة التي تكلم عنها باتيلي هي فكرة دمج السلطات التنفيذية التي طرحها المبعوث الأممي منذ فترة بشكل غير مباشر في لقاءاته بين الأطراف، وتحدث عنها نائب رئيس الحكومة رمضان أبو جناح في الرابع من أغسطس/آب الجاري
والمبعوث الأممي في إحاطته كان يريد الضغط للذهاب نحو هذا الخيار الذي أنتجه اتفاق الدبيبة/حفتر، إلا أن كلاهما عرقل تسوية تعديل السلطة التنفيذية؛ بسبب ارتفاع سقف المطالب وفضل الهروب إلى اللجنة المالية العليا.
هناك كذلك توقعات بأن يجري دمج السلطة التنفيذية ومنحها صبغة تصريف الأعمال في اتساق مع تلميح مندوبة الولايات المتحدة بمجلس الأمن، إلى حين إنجاز الانتخابات استنادا على المخاوف الدولية من عدم تمكن حكومة جديدة بشخصيات جديدة من الوصول إلى أرضية اتفاق.
وهو ما يمكن استنباطه في تأكيد باتيلي المتكرر على ضرورة التوافق بين الأطراف السياسية الفاعلة، في ظل المعلومات عن استبعاد طرح خيار الذهاب لحوار سياسي جديد على غرار حوار جنيف.
النهاية ربما تكون إحاطة المبعوث الأممي بمجلس الأمن تطور في الموقف وخطوة للأمام بين الخطوات التي تمثلت في اتفاق بنغازي بين عقيلة صالح، والجنرال خليفة حفتر، ومحمد المنفي، على الملكية الليبية للحوار واللجنة المالية العليا ومن قبله التسويات التي صيغت تحت الطاولة بين الدبيبة وحفتر، وبالتالي لن يكون هناك تحركا دوليا معاكسا ينسف الاتفاقات السابقة ويعود بالبلاد إلى النقطة صفر.