- مقارنة بين النزاعات حول حقوق الملكية في الشركات في روسيا، حيث كانت شائعة وشديدة للغاية في بداية التسعينيات، مع تلك الموجودة في بولندا، حيث كانت نادرة وأقل شدة من وجهة نظر الكاتب.
- الحديث عن قدرة الدولة العامة على إنفاذ العقود والدفاع عن الممتلكات، دون النظر إلى قيمة الحقوق التي تحميها الدولة، هو أمر لا معنى له تمامًا، وهو مثل الحديث عن قدرة الدولة على ردع إنتهاكات قوانين المرور.
- تعتمد قدرة القوانين على توفير الضمان لحقوق الملكية على تقاطعها مع المواقف التي يتم تطبيقها فيها، وليس فقط على القدرة على إنفاذ الدولة لها، أو على جودة القوانين، و فيما سيلي أدناه، سوف نسعى للحفاظ على هذه الحجة مع أدلة من روسيا وبولندا.
التناقض بين بولندا وروسيا – أساليب التنفيذ: –
في السنوات التي تلت إنهيار الاتحاد السوفيتي، أصبحت روسيا سيئة السمعة بسبب ضعف حقوق الملكية للمساهمين، ووجد الخبراء المشاركون في كتابة القوانين المتعلقة بحوكمة الشركات أنفسهم في وضع يسمح لهم بسهولة تخريب هذه القوانين، وحتى الذين اعترفوا منهم من ترزية القوانين علنًا بالمخاوف على سلامتهم الجسدية كان عليهم العودة إلى روسيا (ضعف صياغات هذه القوانين كانت لصالح من).
استطلعت الدراسات الاستقصائية للممارسين من قبل البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، بالإضافة إلى مقارنات منهجية أخرى عبر البلاد، تصنيف بولندا بشكل عام في وضع أعلى بكثير من روسيا من حيث فعالية قانونها التجاري وقانون الشركات (قوانين أفضل ممارسات أفضل في بولندا ومزيد من الحزبية).
إلا ان تفسيرات هذا الاختلاف تختلف، حيث عانت روسيا من “انهيار الدولة”: حلقة تغذية مرتدة بين إضعاف قدرة الدولة على إنفاذ القانون، وكذلك إضعاف الحوافز على طاعته، وهكذا فإن هذه الدوامة انطلقت إلى حد كبير بسبب الخيارات السياسية السيئة، التي اتخذت تحت تأثير “إجماع واشنطن – البنك الدولي وصندوق النقدد الدولي”، وهي الخيارات التي تمكنت بولندا من تجنبها، كان من الواضح أن نجاح بولندا مرتبط بالتطبيق الصارم لقانون الأوراق المالية من قبل هيئة تنظيمية لها دوافع كبيرة.
في روسيا، تم إجراء الخصخصة بطريقة تثبط بشدة التفاوض بين أصحاب المصالح في الشركات المملوكة للدولة (أي المديرين والموظفين والموردين والعملاء)، وبين المساهمين المحتملين في الشركات التي تم إنشاؤها من قبلهم، وهكذا أصبح تقسيم الممتلكات لعبة محصلتها صفر، مع مكافآت كبيرة لتشريد أصحاب مطالبات آخرين (دور الوسطاء والمتدخلون)، أدت هذه المكافآت الكبيرة إلى التنازع المتكرر لحقوق الملكية.
المناهج البديلة – القانون في سياق العلاقات بين الأطراف المعنيين:-
جادل عدد من المؤلفين بأن الخصخصة الجماعية أضعفت حوكمة الشركات اللاحقة من خلال وضع الأسهم في أيدي عدد كبير للغاية، وبهذه الطريقة وغيرها زادت من حدة المعضلات التقليدية المتمثلة في الفصل بين الملكية/ والإدارة.
على الرغم من التشجيع على تكوين مستثمرين مؤسسيين جدد كوسطاء، إلا أن لجان المستثمرين المؤسسيين نسبة إلى رأس مال الشركات التي يمتلكونها صغيرة، قد يكون التواطؤ مع الإدارة أكثر بساطة وربحًا من محاكاة نشاط المساهمين.
التنبؤ بالقانون في سياق العلاقات بين الأطراف المعنيين:
هذا يعني أن مجموعة من القوانين المقيدة قادرة بشكل فعال على تنظيم مجموعة كبيرة من الحالات وتشير إلى أن المواقف ذاتها لها شكل يمكن التنبؤ به، والقوانين مناسبة له.
جدير بالذكر أن إغلاق الثغرات يؤدي إلى زيادة اليقين القانوني لدى محترفي القانون، من خلال ربط القواعد بالظروف التي يتم فيها الاحتجاج بها، كذلك وتحقيق نتائج جوهرية تتفق مع إحساس معظم القضاة بالأوراق المالية التي تنخفض قيمتها.
الخصخصة في بولندا وروسيا:–
إن برامج الخصخصة في روسيا وبولندا “تدمج” قانون الشركات الذي يحكم المؤسسات المخصخصة بشكل مختلف، وهي نتيجة تعكس الفروق في كيفية تفاعل هذه البرامج مع سياق العلاقات الحالي بين الأطراف المعنيين للمؤسسات المملوكة للدولة.
في بولندا، سمحت الأشكال السائدة للخصخصة لأصحاب المصلحة بالتوصل إلى اعتراف محلي مناسب عن طريق التفاوض بشأن حصصهم كجزء من عملية الخصخصة، والأهم من ذلك أن هذه المفاوضات تضمنت تنظيم السياق علاقات الحالي بين الأطراف المعنيين الذي ستعمل به حقوق الملكية بعد الخصخصة.
استخدمت خصخصة روسيا اختصار تحويل أصحاب المصلحة إلى حملة الأسهم وفقًا لإجراءات موحدة، وبالتالي، تم فصل تخصيص حقوق الملكية لأصحاب المصلحة عن مناقشة الطابع الموضوعي لعلاقاتهم، بل وعزز بالفعل تجزئة هذه العلاقات، وفي الوقت نفسه عرضت الخصخصة في روسيا على الغرباء حصة من الملكية في المؤسسات التي تمت خصخصتها، دون النص على (ما يثبط بالفعل) مفاوضات ما قبل الخصخصة بين الغرباء والمطلعين الداخليين، كانت النتيجة عبارة عن تخصيص لحقوق الملكية تم تنفيذه دون إعادة هيكلة متزامنة لسياق العلاقات الحالي بين الأطراف المعنيين.
خلقت هذه الوخزات حوافز هائلة للاعتراض على الأحداث القانونية لحيازة أسهم الشركات المصرح بها على النحو التالي: –
أولاً، مسار الخصخصة في بولندا وروسيا ، مما يدل على أن قدرة أصحاب المصلحة على تحقيق اعتراف قانوني مناسب محليًا بالتفاوض بشأن مخاطرهم كانت موجودة في بولندا، ولكنها كانت غائبة في روسيا.
ثانياً، يتماشى نمط النزاعات حول حقوق الملكية وتطور الوضع القانوني في روسيا مع التوفيق السيئ بين القوانين ذات الصلة بملكية حاملي الأسهم والمواقف العملية التي تم دمجها فيها، والتشوهات الناجمة عن شكل الخصخصة، حيث تشير جميع الأدلة، بما في ذلك نمط التغيير القانوني، إلى أن مثل هذه النزاعات كانت نادرة في بولندا، من وجهة نظر الكاتب.
إرث الخصخصة لشرعية الشركات: –
أنتجت الأشكال المميزة للخصخصة في بولندا وروسيا أنماطًا مميزة في العلاقة بين أسهم الشركات كشكل قانوني، والمادة الاجتماعية التي تقوم عليها الروتين والتفاعلات اليومية التي تجعل الشركة “مصدر قلق مستمر”.
في بولندا، تشير جميع الأدلة إلى أن حق النقض من جانب المطلعين على الخصخصة يعني عمومًا أن الأوراق المالية أصبحت خاضعة لمعاملات مجهولة المصدر تشبه السلع فقط عندما شعر المتدخلون أن لديهم ما يكسبونه منه، كان هناك دائمًا خيار للخصخصة كشركة مقفلة ذات أسهم غير قابلة للاستبدال، والتي اعتمدها العديد من عمليات الاستحواذ بين المديرين والموظفين.
في روسيا، على النقيض من ذلك، فإن قابلية نقل الأسهم كانت شيئًا لم يتحقق إلا من خلال جهود عنيدة من جانب مسؤولي الحكومة المركزية بشأن إعتراضات مديري الشركات، حيث يمثل المساهمون الخارجيون تهديدًا لمديري الرقابة شبه الكاملة على تمويل الشركات.
يمكن الحفاظ على المساهمين أصحاب المصلحة (أي العمال) في خط من خلال التبعيات الأخرى، لكن المتدخلين الغرباء كانوا ببساطة من المطالبين الجدد بأرباح الشركة، الذين يمكن أن تدعمهم المحاكم أو يجلبون موارد أخرى، بالنظر إلى التقييمات الرخيصة المجحفة للغاية التي فرضتها عملية الخصخصة على الشركات الروسية، كان لدى المديرين كل الأسباب لشراء أكبر عدد ممكن من الأسهم لضمان سيطرتهم على شركاتهم.
تشير الدراسات الاستقصائية التي أجريت في أعقاب الخصخصة مباشرة إلى أن المتدخلين الغرباء في الشركة المتوسطة كانوا يسيطرون على 52 ٪ من الأسهم، بينما هؤلاء المديرين العامين، في المتوسط، كانوا يتطلعون إلى الحصول على 69 ٪ من الأسهم التي يسيطر عليها المتدخلون.
روسيا: استغلال التعريف القانوني للقيمة باعتبارها ثغرة:-
يعد مصنع فلجوجراد لمهمات الحفر من اهم ما ذكر في أدبيات الخصصة الروسية كـ (دراسة حالة)، من حيث كيف تلاعب مساهموا الأقلية (بحوالي 43٪ من الأسهم القائمة) مقابل مساهمي الأغلبية (مع 51٪) من الوضع برمته من خلال مجموعة قانونية MINFIN الذين لعبوا على النظام الأساسي لـ عقد التأسيس للشركة للإستحواذ على الشركة بأكملها.
ما تم التوصل إليه:-
- يجادل الدفاع الأخير عن برنامج الخصخصة الروسي بأن عداء مديرين الشركات المخصخصة للمساهمين الخارجيين، ومقاومتهم لتنفيذ القوانين المتعلقة بحوكمة الشركات، كان “جزئياً … هو الثمن الذي دفعه الإصلاحيون عن وعي للحصول على الخصخصة، ومع ذلك، يدعي هذا الدفاع أيضًا أن “العمال والمديرين … تبادلوا سيطرتهم الموحدة على مشاريعهم للحصول على حقوق ملكية فردية مضمونة وقابلة للتبادل، علاوة على ذلك، وافقوا على تخصيص بعض هذه الحقوق على الأقل للمستثمرين الخارجيين من خلال مزادات الكوبونات الخاصة بالأسهم”.
- لم يكن المساهمون الخارجيون مهتمين بدعم أي مشروعية عامة للشركة، كانوا مهتمين بالتبادل القسري والأحداث القانونية المتنازع عليها التي من شأنها أن تساعد في السياق الملموس لصراعات السيطرة الملموسة على كيان الشركة.
- هذه المواقف الظرفية تجاه القانون تسلط الضوء على عمليات الاستئناف غير الواقعية الكامنة وراء نماذج “انهيار الدولة فيما يخص عنصر الشرعية”.
- إجماع واشنطن على تأكيدها على خلق لا رجعة فيه للإصلاحات: “إن اللارجعة النسبية التي نشأت [عن طريق الخصخصة الجماعية] قد أغلقت الاقتصاد الروسي وجعلته في وضع غير فعال، حيث أصبحت جماعات المصالح التي استفادت أكثر من الخصخصة الجماعية (الأوليغارشية الشهيرة) قوية مثل لمنع المزيد من الإصلاح مثل الإصلاح الضريبي، والإصلاح الحكومي، وإنفاذ القانون بشكل أقوى، والتأمين القوي لحقوق الملكية “.
ملاحظات واسباب أخرى لفشل الخصحصة في روسيا:-
- العلاج بالصدمة في روسيا والنوايا الخبيثة للغرب لهزيمة روسيا وإجهاض الشيوعية، وكذلك لتنفيذ وصفة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في هذا الصدد.
- ليس فقط مسألة صياغة قانون الشركات في روسيا بشكل قانوني مناسب، بل أيضًا الجهل بتطبيقه، بالإضافة إلى ندرة المحاكم الاقتصادية المهنية والقضاة ومراكز التحكيم التجاري في ذلك الوقت، كانت عوامل مهمة مشتركة.
- وفقًا لتجربتي في “واحدة من أكبر مجموعات خدمات الاستشارات القانونية في العالم العربي” كمترجم قانوني، كانت هذه المجموعات القانونية المالية والمصرفية والإحترافية قوية بما يكفي كوسطاء وربما كذلك المتدخلين، في التعامل مع الوضع في روسيا ومصر على وجه سواء في موضوع الخصخصة، لتجربتهم الأوسع في تكييف أحكام قانون الشركات بما يتناسب مع مصالحهم الخاصة، والتي ترتبط بمصالح بعض كبار المسؤولين في الدولة، وبالتالي فإن فكرة البيع وإبرام الصفقات المربحة حلت محل فكرة إعادة هيكلة هذه الأصول الهامة، بحيث أن كل واحد من هؤلاء الوسطاء يتقاسمهم مع أحد كبار المسؤولين (الوزير وما فوق) العمولات، لذلك إذا استعرضنا محاضر اجتماع الجمعية العامة العادية، والجمعية العامة الغير العادية، يمكننا التعرف على المساهمين الحقيقيين الحاليين لتلك الشركة.
- نشأت فكرة إنشاء الشركات العابرة للمحيطات في دول الملاذات الضريبية من مثل هذه الحالات كالخصخصة في الدول غير الرأسمالية.
- كانت بولندا محظوظة، وبالطبع أيدها الغرب لدمجها في الناتو والاتحاد الأوروبي، وكان العلاج مختلفًا تمامًا، ولا ننس أيضًا أن بابا الفاتيكان السابق كان من أصل بولندي “البابا يوحنا بولس الثاني”، وكذلك أكد بعض الخبراء البولندييين (محامو الشركات) أن برامج الخصخصة لديهم إحتوت أيضًا على بعض أوجه العجز، وليست ناجحة بشكل تام كما هو مزعوم في هذه الدراسة.
أحمد مصطفى- خبير في الاقتصاد السياسي، خاص لوكالة أنباء “رياليست”