أربيل – (رياليست عربي): في منتصف الأسبوع الماضي، الموافق 23 ديسمبر، اجتمع وفد من المجلس الوطني الكردستاني (ANKES) مع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، في مدينة قامشلو بوساطة التحالف الدولي. يُعد هذا اللقاء خطوة لافتة في سياق التوترات الإقليمية والمشاريع السياسية المتعلقة بمستقبل مناطق شمال وشرق سوريا.
محاور اللقاء وأهدافه
تركز النقاش على وضع خارطة طريق لمشاركة (ANKES ) في مشروع الادارة الذاتية الديمقراطية، بما يشمل الأبعاد السياسية والإدارية والعسكرية. كما تم استعراض إمكانية إرسال وفد مشترك يمثل کرد غرب كردستان، مكون من مجلس الوطني( (ANKES وحزب اتحاد الدیمقراطي الکردي PYD))، للتفاوض مع الحكومة السورية الجديدة. ورغم تمسك الطرفين بمواقفهما تجاه تعزيز الادارة الذاتية الديمقراطية، اتفقا الطرفین على ضرورة صياغة اتفاق جديد، مستفيدين من التجارب السابقة مثل اجتماعات أربيل 1 و2 (2012) ودهوك (2014). مع ذلك، أصر مظلوم عبدي على أن أي اتفاق جديد يجب أن يأخذ في الحسبان المستجدات الراهنة ارسال وفد مشترک الی دمشق، مما يعكس إدراكه لتغير الظروف الإقليمية والدولية.
العقبات أمام تحقيق الاتفاق
ورغم التفاؤل الظاهري، تواجه هذه الجهود عقبات كبيرة:
.1الدور التركي:
تعتمد تركيا على نفوذها الكبير في سوريا لتحقيق مصالحها القومية، وتسعى إلى إحباط أي مشروع للحكم الذاتي الكردي. تصريحات أردوغان الأخيرة، مثل “سندفنهم مع أسلحتهم”، تكشف نية أنقرة التصعيدية. ومع ذلك، فإن تركيا ليست اللاعب الوحيد في الساحة السورية؛ فالقرار النهائي لا يزال بيد الولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا، إلى جانب دول التحالف الدولي ضد إرهاب داعش. جميع هذه الأطراف تتحكم في توازن القوى من خلال دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) وتوجيه مستقبل الأوضاع في المنطقة.
2.العقلية السياسية المحلية:
كما يبدو، تعتمد الحكومة السورية الجديدة نهجًا أيديولوجيًا متشددًا يرفض تقديم أي حلول جدية للقضايا القومية، خاصة القضية الكردية. استمرارية هذا النهج قد تعرقل أي محاولات لتطوير مشروع الحكم الذاتي أو تعزيز المشاركة السياسية لجميع المكونات السورية.
- غياب الدعم العسكري المباشر:
رغم تشكيل جيش “روج” بدعم من الحزب الديمقراطي الكردستاني وعلاقاته الجيدة مع تركيا، إلا أنه لم يشارك في أي مواجهة تُذكر مع نظام الأسد، مما يحد من تأثيره في المعادلة السورية ويضعف قدرته على التأثير في موازين القوى.
الواقع الإقليمي ومتغيراته
إحدى المشكلات الرئيسية هي الاعتماد على نفس الأساليب القديمة في التفكير من عام 2012 إلى 2024، دون الأخذ بعين الاعتبار التغيرات الكبيرة التي طرأت على موازين القوى الإقليمية والدولية.
- استمرار رؤية الصراع على أساس تنافسي بحت بين الأطراف، دون استيعاب التغيرات الديناميكية، قد يؤدي إلى الإخفاق.
- يبدو أن الوضع الحالي لا يتجه نحو الحلول، بل نحو مزيد من التعقيد، في ظل غياب أي رؤية مشتركة أو آليات فعالة لتطبيق الاتفاقات.
موقع مظلوم عبدي ودوره
يُعامل مظلوم عبدي ليس فقط كقائد عسكري، بل كزعيم سياسي يعبر عن تطلعات کرد في غرب كردستان ومكونات شمال وشرق سوريا كافة.
- يتمتع عبدي بدعم دول الحلفاء الدوليين و روسیا، الذين ينظرون إليه كشريك رئيسي في أي تسوية سياسية مستقبلية لسوريا.
- ومع ذلك، يظل مشروع “قسد” مرهونًا بمدى قدرته على التوفيق بين رؤيته للحكم الذاتي ومتطلبات القوى الدولية والإقليمية المتداخلة في المشهد السوري.
تحديات المشروع المشترك
تؤكد “قسد” أن المشروع المشترك مع الأطراف الكردية الأخرى يمثل أولوية قصوى. ومع ذلك، فإن استمرار التدخلات التركية ومساعيها لتقويض هذه المشاريع قد لا يؤثر فقط على مستقبل غرب كردستان، بل قد يمتد تأثيره إلى مصير نظام محمد الجولاني أيضًا.
خلاصة واستنتاج
يبقى تحقيق أي تقدم في هذه المساعي مرهونًا بقدرة الأطراف على استيعاب الواقع الجديد، والابتعاد عن التفكير التقليدي الذي هيمن منذ 2012. كما أن التوصل إلى حلول ناجحة يتطلب اتفاقًا شاملًا يعترف بمطالب جميع المكونات السورية، مع الالتزام بدور فاعل ومستقل بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي تعرقل أي مشروع حقيقي للحكم الادارة الذاتیة الديمقراطية في شمال شرق سوریا.
خاص وكالة رياليست – كاوه نادر قادر – كاتب سياسي – كردستان العراق.