اريس – (رياليست عربي). تشهد الكنيسة الكاثوليكية، التي ارتبطت طويلاً بتراجع الحضور وتقدّم أعمار المصلين في الغرب، نهضة غير متوقعة يقودها جيل الشباب. ووفق مؤتمر أساقفة فرنسا، ارتفعت أعداد المعموديات بين الفئة العمرية 18–25 عاماً بأكثر من أربعة أضعاف خلال السنوات الأربع الماضية، فيما زادت المعموديات للكبار عموماً بنسبة 160% خلال العقد الأخير.
عيد الفصح هذا العام وحده شهد تسجيل 17,800 معمودية للكبار في فرنسا، بزيادة 45% مقارنة بعام 2024. ويعتبر المراقبون أن هذا التحول لافت في بلد طالما عُرف بـ«الابنة البكر للكنيسة»، حيث لا تتجاوز نسبة الحضور الأسبوعي للقداس 2–5% من السكان.
من بين أبرز أسباب هذا التجدد بروز شخصيات كاثوليكية مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الراهبة ألبيرتين ديباكر (29 عاماً) المعروفة على إنستغرام وتيك توك باسم @soeur.albertine، والتي يتابعها أكثر من نصف مليون شخص. مقاطعها القصيرة حول الصلاة والغفران والتعليم المسيحي تحقق ملايين المشاهدات، ما جعلها إحدى أيقونات ما يصفه المعلقون بـ«النهضة الصامتة».
اتجاهات مشابهة تُسجل في دول أوروبية أخرى: المعموديات تضاعفت ثلاث مرات في بلجيكا خلال العقد الماضي، وارتفعت في دبلن بأيرلندا بنسبة تقارب الضعف مقارنة بعام 2024، فيما سجلت أبرشية وستمنستر في لندن أعلى عدد منذ 2018. أما في الولايات المتحدة، فتشير دراسات لجامعة هارفارد ومركز بيو للأبحاث إلى تباطؤ تراجع الانتماء الديني، مع تزايد نسبة الشباب الذين يعرّفون أنفسهم ككاثوليك.
قادة الكنيسة يعزون هذه الطفرة إلى البحث عن معنى بعد جائحة كورونا، وإلى الرغبة في إيجاد نظام وقيم في ظل التفكك الاجتماعي والثقافي. وقال الأب هيو ألان من مؤتمر أساقفة إنجلترا وويلز: «هناك رغبة حقيقية في معرفة المزيد عن الله».
البابا ليو الرابع عشر، أول بابا أمريكي المولد، دعم ما سماه «المبشرين الرقميين». ففي يوليو استقبل ألف مؤثر كاثوليكي في الفاتيكان قائلاً: «يسوع يطلب منا أن ننسج شبكات أخرى: شبكات من العلاقات والمحبة». ويعتبر الفاتيكان أن الحضور الإلكتروني للكهنة والعلمانيين أصبح أداة مهمة لجذب الأجيال الشابة وتوسيع نطاق الرسالة.