القاهرة – (رياليست عربي): انقسام مجتمعي شهدته مصر خلال الساعات الأخيرة مع جلسة المحاكمة الأولى للمتهم محمد عادل، قاتل طالبة جامعة المنصورة “نيره أشرف”، وذلك بعد نشر وسائل الإعلام ، أقوال “عادل” أمام محكمة جنايات المنصورة التي أكد فيها على أنه كان ينفق عليها وإنها كانت تحكي له مشكلات بينها وبين والديها وأمور أخرى الأمر الذي حمل غضب الكثيرين من السماح بنشر أقوال “عادل” الأمر الذي وجدوا فيه تشهير بالفتاة الراحلة، في حين رأى آخرين أن رفض تداول أقوال المتهم بالقتل أمر مبالغ فيه وأنه لا داعي للمحاكمة طالما الحكم في حق المتهم صادر دون حتى سماع أقواله على الأقل لتكون تلك القصة عبرة لشباب وفتيات حتى لا تتكرر الواقعة مرة أخرى.
وأدى الانقسام المجتمعي في هذا الإطار، العودة إلى مرحلة “حظر النشر” في القضايا المجتمعية مجدداً، حيث قررت محكمة جنايات المنصورة حظر النشر في القضية، وتأجيل نظر القضية إلى يوم الثلاثاء المقبل.
وفي هذا الإطار، يقول القانوني د.أسامة أحمد عبد النعيم، إن نشر ما يجري في الجلسات العلنية للمحاكم هو حق للصحف، بل إنه امتداد منطقي لعلانية هذه الجلسات التي يفرضها القانون ويوجبها الدستور، كما أن نشر المحاكمات العلنية من شأنه أن يطلع الرأي العام على ما يجري في أداء وظيفة العدالة وأن يطمئن إلى أن السلطات تقوم بواجبها، ثم أن القانون لا يجرم نشر أنباء الجرائم والحوادث إذا اقتصر على الأخبار وترفع عن الخوض في شؤون الناس الخاصة وتجنب التشهير وإثارة الفضائح والأمور الفاحشة التي تمس حياء الناس، ولا يقصد بها إلا الإثارة الشهوانية وإيقاظ الميول السافلة.
وأوضح “عبد النعيم” “في بحث بعنوان الضوابط القانونية لقرار حظر النشر”، أنه يمكن القول أن الإطار الحاكم والحكمة المقصودة فلسفياً وقانوناً للقرار الذي يصدر بحظر النشر هو الرغبة في الحيلولة دون التأثير على سير الدعوى، فقد يجري التأثير على بعض أدلة الثبوت في الدعوى كشهادة الشهود وقد يمتد هذا التأثير ليشمل الرأي العام بأسره، وتتعدد رسائل هذا التأثير فقد يكون بالمقالات أو التحقيقات الصحفية أو الرسوم الكاريكاتيرية كما قد ينصب التأثير على إحدى الطوائف المنصوص عليها في المادة “787 عقوبات” سواء كانت القضاء أو النيابة أو المحققين أو الشهود وقد ينصرف تأثيرها على جميع الطوائف في آن واحد، فالصحفي قد يلجأ للتأثير على القضاة أو سلطة التحقيق، بتهويل من صعوبة الدعوى المنظورة أو بالتلميح عن عدم القدرة على تنفيذ الحكم الذي يصدر في الدعوى، أو بالتهويل من الآثار التي قد تترتب في حالة صدور حكم معين في الدعوى، وقد يكون التأثير بإبداء رأي في موضوع الدعوى، وذلك بإجراء مناقشة للخصوم والأدلة المقدمة فيها والمحامين وممثل الاتهام وينتهي التعليق برأي في الدعوى يسبق حكم القضاء مما يلقي بالشك في صحة الحكم الذي سيصدر في الدعوى إذا ما خالف وجهة النظر المبداة، وقد تجري الجريدة تحقيقاً صحفياً بمناسبة ارتكاب إحدى الجرائم، وتتوغل في دراسة كيفية حدوث الواقعة وظروف نشأة المتهم ثم تنتهي إلى نتيجة معينة توحي بضرورة إدانة المتهم أو براءته والشك أن ذلك يؤثر تأثيراً بالغاً على سلطة التحقيق وعلى المحكمة وعلى مراكز الخصوم والشهود، وبالجملة فإن تكريس الصحافة لتوجه معين ضد متهم بعينه قدحاً أو مدحاً يؤثر يقينا على سلطة التحقيق وعلى حيادها وقد يمتد للشهود سواء كانوا شهود إثبات أو نفي.
وتابع:”كما قد يتأثر الرأي العام بالنشر لمصلحة المتهم أو ضده ففي الحالة الأولى سينتظر الحكم ببراءته إذا كانت الدعوى جنائية أو تأديبية وقد يفقد الثقة في قضاته إذا صدر على خلاف اعتقادهم أما إذا كان التعليق ضده فإن الرأي العام سيتوقع صدور حكم بالإدانة غافلاً عما حواه ملف الدعوى من أدلة براءة المتهم وتهتز ثقته أيضاً في قضاته إذا صدر على خلاف ذلك، وبالجملة فإنه إرضاء الرأي العام سيكون غاية لا تدرك”.
ولفت إلى أنه قد اعتبرت محكمة النقض المصرية نشر المحاكمات فرعاً من العلانية و أجازت نشرها، و تقول في ذلك إن نشر المحاكمات فرع من علانيتها وإمتداد لهذه العلانية طالما لم يحظر النشر طبقا للقانون، ويمكن تعريف حظر النشر بأنه قرار يصدر من سلطة التحقيق أو المحاكمة بمنع تناول الواقعة المعروضة عمليا في كافة وسائل الإعلام، وحظر النشر المقصود في هذه الأوراق هو ذلك القيد المطلق على سلطة الصحافة في حرية تداول المعلومات والأخبار، فهو حظر غير قابل للتأويل أو التفاوض، يلزم كل وسائل الإعلام بعدم نشر وقائع معينة، وهذا قيد من قيود أخرى تلتزم بها وسائل الإعلام.