الرياض – (رياليست عربي). شهدت العاصمة السعودية الرياض ومدينة جدة إغلاق ما لا يقل عن عشرين صالة ترفيهية خلال الأسابيع الأخيرة، حيث بررت السلطات الخطوة بوجود “مخالفات جسيمة” لشروط الصحة العامة والنظافة. غير أن منتقدين رأوا في الحملة انعكاساً لقلق التيار المحافظ من انتشار هذه الظاهرة.
ففي إحدى صالات الرياض المضيئة بخفوت، كانت مطربة مصرية تقدم مزيجاً من الأغاني السعودية والمصرية أمام جمهور يدخن الشيشة ويصفق على الإيقاع — مشهد كان من المستحيل تخيله قبل عقد من الزمن. لكن هذه الصالات، التي تحولت إلى إحدى سمات الإصلاحات الاجتماعية لولي العهد محمد بن سلمان، وجدت نفسها فجأة في مرمى الإغلاق.
الكثير من السعوديين المحافظين ينظرون إلى هذه الأماكن باعتبارها “موضع شبهة أخلاقية” حيث يختلط الرجال والنساء بحرية، وأحياناً تُستهلك الكحول أو المخدرات سراً. مقاطع فيديو لرجال دين ومغنين ينتقدون الصالات انتشرت على نطاق واسع، ما أجج النقاش العام.
الإجراءات الأخيرة تعيد إلى الأذهان الفارق الكبير بين السعودية اليوم والماضي القريب: ففي العقد الماضي، كانت “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” تفرض الفصل بين الجنسين وتمنع السينما. لكن منذ 2016، جُردت الهيئة من سلطاتها، وفُتحت أبواب الترفيه والفعاليات كجزء من رؤية 2030، من بوليفارد الرياض إلى المشاريع الضخمة الأخرى.
الصالات كانت تقدم بديلاً منخفض التكلفة للحفلات والأنشطة الرياضية، إذ يدفع الرجال 80 ريالاً (21 دولاراً) شاملة الشيشة ومشروباً، بينما يُسمح للنساء والأزواج بالدخول مجاناً. بعض الصالات يستهدف العائلات، فيما يقترب بعضها الآخر من أجواء النوادي الليلية، ما زاد من شعبيتها لدى الطبقة العاملة والوافدين.
لكن انتشارها أثار قلق المحافظين. في تسجيل انتشر على “سناب شات”، اشتكت مطربة في الرياض قائلة: «انظروا إلى النساء وهن يدخلن الصالة مقابل بيوت الرجال في حي سكني». وفي وقت سابق هذا العام، أنشأت وزارة الداخلية وحدة خاصة لمراقبة “الأفعال غير الأخلاقية”، ما أثار مخاوف من عودة جزئية لأسلوب الرقابة الدينية السابق.
بالنسبة للمؤيدين، تمثل هذه الصالات تعبيراً عن تحسين “جودة الحياة” وتطلعات جيل شاب. أما المعارضون فيرونها دليلاً على تآكل القيم الاجتماعية. الإغلاقات الأخيرة توحي بأن القيادة السعودية تبحث عن صيغة وسط: المضي قدماً في مسار الانفتاح الاقتصادي والسياحي، مع ضبط إيقاع التغيرات الاجتماعية لتجنب صدام داخلي واسع.