مدريد – (رياليست عربي): شهدت العاصمة الإسبانية مدريد موجة غضب شعبي عارمة حيث خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في مظاهرة حاشدة ضد سياسات رئيس الوزراء بيدرو سانتشيز وحكومته.
هذه الاحتجاجات التي تعتبر الأكبر من نوعها منذ سنوات، تعكس استياءً متزايداً من الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، وتأتي في توقيت بالغ الحساسية مع اقتراب الانتخابات المحلية.
المتظاهرون الذين احتشدوا في الساحات الرئيسية بالعاصمة الإسبانية رفعوا شعارات تطالب باستقالة الحكومة، معبرين عن غضبهم من تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع معدلات التضخم التي تجاوزت 8%، وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية الأساسية، كما هتف المحتجون ضد السياسات الضريبية الجديدة التي تفرضها الحكومة، والتي يرى الكثيرون أنها تثقل كاهل الطبقة المتوسطة والفقيرة.
المشهد في شوارع مدريد كان شديد التوتر، حيث انتشرت قوات الأمن بكثافة لاحتواء التظاهرات التي امتدت لساعات طويلة، وقد شهدت بعض المناطق مواجهات محدودة بين المتظاهرين وقوات الشرطة، مما أدى إلى اعتقال العشرات، وسائل الإعلام المحلية نقلت عن مصادر أمنية تأهب القوات لاحتمال امتداد المظاهرات إلى مدن إسبانية أخرى في الأيام المقبلة.
هذه الاحتجاجات تأتي في ظل تراجع شعبية رئيس الوزراء سانتشيز في استطلاعات الرأي الأخيرة، حيث أظهرت نتائج استطلاع أجرته مؤسسة “سيجيس” أن نسبة التأييد للحكومة انخفضت إلى 32% فقط، وهي الأدنى منذ تولي سانتشيز منصبه.، كما تعكس هذه التظاهرات انقساماً سياسياً حاداً في المجتمع الإسباني، حيث تتهم المعارضة الحكومة بالفشل في معالجة الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.
من جهتها، حاولت الحكومة الإسبانية التقليل من شأن المظاهرات، حيث وصفها المتحدث الرسمي باسم الحكومة بأنها “تحرك سياسي منظم” من قبل أحزاب المعارضة، بينما أكد رئيس الوزراء سانتشيز في تصريحات صحفية أن حكومته “ستواصل العمل لصالح الشعب الإسباني” وستتخذ المزيد من الإجراءات لدعم الأسر الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية.
في سياق متصل، حذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار الاحتجاجات قد يؤثر سلباً على الاستقرار السياسي في إسبانيا، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية المقررة في مايو المقبل، كما أشار محللون سياسيون إلى أن هذه التظاهرات قد تكون بداية لموجة احتجاجية أوسع في أوروبا، حيث تعاني العديد من الدول من أزمات اقتصادية مماثلة.
تجدر الإشارة إلى أن إسبانيا تشهد منذ أشهر تصاعداً في الاحتجاجات العمالية ضد سياسات الحكومة، حيث نظمت النقابات العمالية الكبرى سلسلة إضرابات في قطاعات النقل والصناعة والتعليم. كما شهدت بعض المناطق تظاهرات للمزارعين احتجاجاً على ارتفاع أسعار الأسمدة والوقود.