برلين – (رياليست عربي): كشفت ورقة بحثية لسياسي ألماني، عن مدى كارثية دور شبكات التواصل الأجتماعي، ومنها “فيسبوك وإنستغرام” في دعم الكراهية والتحريض بالعالم وعملها على تعزيز التطورات السياسية والاجتماعية غير المرغوب فيها، في بلدان تتعارض هذه التطورات مع مكتسباتها التي حققتها وقيمها التي تتمسك بها، لتكون النتيجة العريضة، شركات رابحة بشكل جنوني، ودول مجتمعات متضررة، تدفع الثمن، لاسيما فيما تم التوصل إليه عبر دراسات جامعية بمدى قدرة شبكات التواصل على الذهاب بمدمنيها إلى خراب الصحة النفسية والإصابة بالاكتئاب.
وقدمت الورقة البحثية، للسياسي الألماني ذو الأصول العربية، حسين خضر، وهو عضو الأمانة العامة للاندماج والهجرة بالحزب الاشتراكي الحاكم في ألمانيا، ما أسماه على الأقل بـ”نصائح للاستخدام الصحي لوسائل التواصل الاجتماعي”، للحد من كارثية الإدمان عليها، وذلك في 7 نقاط وهي، عدم الثقة في العالم الذي وصفه بـ” المتلألئ” لافتاً إلى أنه مجرد عالم افتراضي لا يعكس الحقيقة، وضرورة وضع الشخص تركيزه على الحياة الواقعية والنجاح الحقيقي، وعدم تصفح مواقع التواصل في حالة مزاجية سيئة حيث في هذه الحالة يكون لوسائل التواصل الاجتماعي تأثير قوي على الصحة النفسية.
وأكدت النصائح الـ7 على تعيين الحدود الزمنية او تقرير مدة معينة يومياً لاستخدام التواصل الاجتماعي لا يتم تجاوزها، والبحث عن نماذج يحتذى بها في العالم الحقيقي، إبعاد الهاتف الذكي عن غرفة النوم أو مكان الدراسة، حماية نفسك من التسلط او الاختراق عبر الإنترنت.
وأكدت الورقة البحثية على ضرورة وضع قانون موحد وصارم دولي ملزم، لإحكام الأمور المتعلقة بدور مواقع التواصل الاجتماعي وتحجيمها، في ظل سعيها بنشر الكراهية والتحريض وعملها في تعزيز التغيرات السياسية والاجتماعية غير المرغوب فيها.
ولفتت الورقة إلى أن شركات عملاقة ومواقع التواصل مثل “فيسبوك” أو مثيلها من الشركات الاخرى هي ممارس تجاري و ليس اجتماعي، وبالتالي فالهدف الأهم والأول لديها هو الربح، لذلك هناك حاجة الآن إلى فرض قواعد أكثر صرامة على شبكات التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن الأحداث الأخيرة والاتهامات التي تم توجيهها لتلك المواقع، تؤكد مدى الحاجة الملحة إلى تعامل قوي وفعال للشبكات الاجتماعية في أوروبا الموحدة، لاسيما مع تأثير هذه الشبكات الاجتماعية مع خوارزمياتها في دعم الكراهية والتحريض وتعزيز التطورات السياسية والاجتماعية غير المرغوب فيها.
وشددت الورقة البحثية على أن مناشدة الإحساس بالمسؤولية والتنظيم الذاتي ليست كافية، لأن مصالح الربح ستكون موضع شك تجاه المسؤولية الاجتماعية، نظراً لقوة السوق والأهمية الاجتماعية لشركات التكنولوجيا الكبيرة، ومن ثم من المهم وضع زمام الأمور وتشديدها بإحكام، في الوقت الذي تحقق فيه هذه الشركات الربح لنفسها وتظل مجتمعات والدول متضررة، يدفعون الثمن.
وأردفت: نظراً لأن المزيد والمزيد من الأشخاص يقضون الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد زاد أيضاً عدد الدراسات حولها، والتي تقدم العديد منها صورة قاتمة لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية، ويقترح البعض أن الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يشجع على الإصابة بالاكتئاب”.
واستكملت: “لم يتم بعد إثبات العلاقة السببية بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتطور الاكتئاب بشكل واضح، لأنها معضلة الدجاجة والبيضة بشكلها الكلاسيكي قائم”، متسائلاً: “هل يستخدم الأشخاص المصابون بالاكتئاب وسائل التواصل الاجتماعي في كثير من الأحيان أو هل يصاب الأشخاص بالاكتئاب بسبب استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي؟”، متابعاً: “حتى لو تم عرض الارتباطات فقط وعدم وجود أسباب يمكن إثباتها، فإن نتائج التحقيقات مفيدة للغاية”.
وفي هذا الصدد، أشارت الورقة البحثية إلى أن هناك دراسة من جامعتي أركنساس و بيتسبرغ بالولايات المتحدة الأمريكية، لاحظت أن 1289 مشاركاً فيها، تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 عاماً على مدى ستة أشهر، أن 990 شخصاً مشاركين فيها، لم يكن لديهم أي أعراض إكتئاب في بداية الدراسة، ولكن بعد 6 أشهر، أصيب 95 من هؤلاء الأشخاص أي 9.6٪ بمثل هذه الأعراض، و تم العثور على ارتباط كبير بين كثافة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الأصلية وحدوث الاكتئاب بعد 6 أشهر، حيث كان ربع الأشخاص الذين لديهم أعلى مستوى من استخدام الوسائط الاجتماعية في بداية الدراسة أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بـ 2.8 مرة مقارنة بربع الأشخاص الذين لديهم أقل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وشملت الورقة البحثية في هذا الصدد، الوقوف على دراسة طويلة الأمد أجرتها جامعة مونتريال الكندية، بمتابعة حوالي 4000 مراهق على مدار 4 سنوات، لتكون النتيجة أنه كلما زاد الوقت الذي يقضيه الأشخاص الخاضعون للاختبار على وسائل التواصل الاجتماعي، زادت قوة أعراض الاكتئاب لديهم، وكان هذا صحيحاً لكل من المقارنات بين المراهقين ذوي الكثافة المختلفة لاستخدام وسائل التواصل والتطور الفردي للأشخاص مع الاختبار بمرور الوقت، ويبدو أنه ليس من المهم أن قضاء الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي يترك وقتاً أقل في الأنشطة الصحية مثل التمارين الرياضية.
ويشتبه خبراء عبر تلك الدراسات في أسباب تتعلق بالتأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على النفس، حيث أنه على مستوى المقارنة الاجتماعية، من الصعب ألا تقارن نفسك بأشخاص آخرين على فيسبوك وإنستغرام، حيث غالباً ما يتم تجاهل حقيقة أن وسائل التواصل الاجتماعي هي عامل تصفية وليست حقيقة، وأن أولئك الذين يواجهون باستمرار أجساداً خالية من العيوب وهوايات مثيرة يمكن أن يكونوا أكثر عرضة للشك في الذات وتشويه الإدراك الذاتي.
وفي إطار هذه الأسباب، فإنه كلما زاد الوقت الذي يقضيه الشخص أمام الشاشة، قل عدد الاتصالات الاجتماعية الحقيقية، والمشاريع الإبداعية، وتنفيذ الأهداف، وأحلام اليقظة، وأوقات الفراغ، والنوم، والتمارين الرياضية وغير ذلك الكثير، وإذا تم إهمال الاحتياجات الأساسية، فإن هذا له أيضاً آثار سلبية على النفس.
وانتقلت الأسباب المتعلقة بالتأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على النفس إلى ما يسمى بـ”المبالغة في التحفيز”، حيث أن يمتلك الدماغ قدرة محدودة على الامتصاص، الأمر الذي يوضح أن التدفق الهائل للمعلومات من الإنترنت يمكن أن يؤدي إلى المبالغة في التحفيز، وتظهر دراسة حديثة أجرتها جامعة فيينا، في هذا الصدد، على سبيل المثال، أن يمكن لوفرة المحفزات السمعية والبصرية التي تقدمها قنوات الفيديو على الإنترنت أن تطغى على الدماغ، ويرتبط التحميل الزائد للمعلومات المتصورة ذاتياً، بأعراض الاكتئاب وانخفاض الرفاهية.
وتطرقت الأسباب إلى ما يسمى بـ”الإدمان على الإعجابات” حيث يفرز الجسم هرمونات السعادة عند الإعجاب بالمشاركات أو إعطائها تعليقات إيجابية أو إعادة تغريدها، ويود المرء أن يكرر هذه التجربة الممتعة، خاصة عندما تكون هناك مصادر بديلة قليلة للتجارب الإيجابية في الحياة الواقعية، ويمكن أن يؤدي هذا أيضاً إلى الإدمان، ليقضي الأشخاص المتأثرون، المزيد والمزيد من الوقت عبر الإنترنت في محاولة للحصول على اعتراف اجتماعي.
خاص وكالة رياليست.