باريس – (رياليست عربي): أصبح لدى الفرنسيين، الذين اشتهروا منذ فترة طويلة في جميع أنحاء العالم بحبهم للإضرابات، سبب جديد للاحتجاجات، حيث كشفت الحكومة هذا الأسبوع عن إصلاح للمعاشات التقاعدية من شأنه رفع سن التقاعد إلى 64.
كان رد فعل النقابات العمالية سلبيا كما هو متوقع، حيث دعت المواطنين إلى الإضراب في 19 يناير، كما تعارض العديد من القوى السياسية في البلاد الإصلاح، مما يقلل بشكل كبير من فرص تمرير الإصلاح في البرلمان، حيث لا يتمتع حزب الرئيس ماكرون بأغلبية، لكن لماذا تحتاج الجمهورية الخامسة إلى إصلاح نظام التقاعد ولماذا لا تحبها الأغلبية؟
وفقاً لحسابات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على خلفية البلدان الصناعية الأخرى في العالم، تميزت فرنسا دائماً بسن تقاعد منخفض نوعاً ما، حيث تبدأ الأمة في الراحة من الأعمال الصالحة في سن 62، لكنها في الوقت نفسه، تنفق أكثر بكثير من غيرها على إعالة المتقاعدين – حوالي 14٪ من الناتج القومي.
وبينما كانت مالية نظام المعاشات التقاعدية للدولة في الجمهورية الخامسة متوازنة إلى حد ما في السنوات الأخيرة (كان الفائض في عام 2022، على سبيل المثال، 3.2 مليار يورو)، على المدى الطويل، وعدت معظم التوقعات بشكل ثابت بعجز، على وجه الخصوص، وفقاً لتقديرات المجلس الفرنسي لتوجيه التقاعد التابع للحكومة، في العقد القادم، سيكون من 0.5 إلى 0.8 نقطة من الناتج المحلي الإجمالي، أو حوالي 10 مليار يورو سنوياً.
في عام 2023، قررت السلطات تجربة حظها في إصلاح نظام التقاعد مرة أخرى، في 10 يناير، كشفت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن عن خطة للجمهور تتطلب من الفرنسيين العمل لمدة عامين آخرين حتى يبلغوا 64 عاماً قبل أن يتمكنوا من التقاعد، في الوقت نفسه، ستدخل هذه القاعدة أخيراً حيز التنفيذ فقط في عام 2030، وقبل ذلك، يعتزمون رفع سن التقاعد تدريجياً – ثلاثة أشهر في السنة، بدءاً من سبتمبر المقبل، لكن من أجل الحصول على معاش تقاعدي كامل، سيحتاج الفرنسيون إلى 43 عاماً من الخبرة العملية اعتباراً من عام 2027.
بالنتيجة، إذا لم يتحقق الأمل في دعم الجمهوريين وفشل الإصلاح في البرلمان الفرنسي، فستستخدم السلطات المادة 49.3 من الدستور، والتي تسمح لها بتبني القوانين، من خلال قوتهم الخاصة، ومع ذلك، في هذه الحالة، يحق للنواب إثارة مسألة حجب الثقة عن الحكومة في غضون 24 ساعة، لذلك، فإن الأشهر المقبلة، بشكل أو بآخر، لا تعد سلطات الجمهورية الخامسة بحياة هادئة.