القدس – (رياليست عربي): على الرغم من وجود إشارات خجولة حول تطور المفاوضات بين إيران والغرب من أجل الملف النووي، إلا أن هناك قوى إقليمية ترى أنه من الخطر إبرام اتفاق إيجابي مع طهران في هذا الشأن، وترى تلك القوى أن علاج الدواء هو الكي، أي العمل العسكري أو الضربات المركزة، لكن رأياً كهذا ينطوي على مخاطر مدمرة، لأنه سيجر المنطقة إلى حرب شاملة ستنتقل من طور الإقليمية إلى العالمية دون مبالغة.
فقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إن اتفاقاً بين الولايات المتحدة وإيران يجري التفاوض عليه حالياً بهدف إحياء الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى العالمية عام 2015 أضعف من الاتفاق الأصلي وسيؤدي إلى مزيد من الاضطراب في المنطقة.
وقال بينيت إن المشكلة الأكبر في المفاوضات الحالية تتمثل في إمكانية تحديد جدول زمني أقصر، عامان ونصف العام، قبل أن تتمكن إيران من تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة بحرية، لأن الجدول الزمني الأصلي قد لا يتم تمديده، خاتماً بالقول: إسرائيل لن تقبل بوجود إيران على أعتاب أن تكون دولة نووية ، مكرراً بذلك الموقف الإسرائيلي المعلن منذ فترة. وأضاف “ستحتفظ إسرائيل دائما بحريتها في التحرك للدفاع عن نفسها وفق تعبيره.
يأتي ذلك بالتزامن مع ما أعلنته الخارجية الإيرانية، من أن المفاوضات حول الاتفاق النووي في فيينا حققت تقدماً كبيراً، وسط الحديث عن ضرورة رفع العقوبات عن طهران، ولعل تأكيد الجانب الإيراني على إحراز تقدم ملموس في المفاوضات أدى إلى ردة فعل إسرائيلية جنونية.
فيما ينتظر الإيرانيون قرار الأوروبيين والأمريكيين حول ما تم التوصل إليه حتى اللحظة من شروط طهران من أجل إنجاح المفاوضات وطي صفحة هذا الملف.
ويضع اتفاق 2015 قيوداً على تخصيب اليورانيوم حتى يكون من الأصعب على إيران تطوير مواد لصنع أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضةعلى طهران، لكن هذا الاتفاق تهاوى منذ عام 2018 عندما انسحب منه الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب وأعاد فرض عقوبات صارمة على إيران.
ويتمثل الهدف العام من المفاوضات الجارية في فيينا في العودة إلى الاتفاق الأصلي الذي يتضمن رفع العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على أنشطتها النووية، بما يطيل الأمد الذي تحتاجه طهران لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة ذرية، إذا اختارت ذلك.
بالمجمل فإن أية معلومات تتحدث عن إمكانية نجاح تلك المفاوضات حتى لو كانت صحيحة، فإنها لن تستمر أو لن تُخلق لها فرصة لترى النور، فمثلاً إسرائيل تمانع بشدة التوصل إلى اتفاق، وستقوم تل أبيب بالضغط إلى أقصى الدرجات لدى واشنطن من أجل إفشال المفاوضات، كما أن تلك المفاوضات فيما لو نجحت فإنها ستعني انتعاشاً للاقتصاد الإيراني بعد رفع العقوبات عنه، وبالتالي سينعكس ذلك على ملفات أخرى، مثل الملف السوري، وبالتالي ستعلن بعض القوى الإقليمية ممانعتها لذلك لأنه سيعني تعزيزاً للدور الإيراني في الملف السوري، وهو ما يعملون لمنعه.