باريس – (رياليست عربي): شهدت العاصمة الفرنسية باريس توقيع اتفاق تاريخي بين الحكومة الفرنسية وممثلي كاليدونيا الجديدة ينص على إنشاء دولة جديدة مستقلة في أرخبيل المحيط الهادئ، هذا الاتفاق الذي جاء بعد عقود من المفاوضات والاستفتاءات يمثل نقطة تحول في تاريخ هذه المنطقة التي كانت تحت الحكم الفرنسي منذ عام 1853.
مراسم التوقيع الرسمية جرت في قصر الإليزيه بحضور الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء المنتخب لكاليدونيا الجديدة، وسط إجراءات أمنية مشددة.
التفاصيل الدستورية للاتفاق تنص على فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات يتم خلالها إعداد كل الترتيبات اللازمة لإعلان الاستقلال الكامل. تشمل هذه الفترة وضع دستور جديد، وإنشاء مؤسسات دولة مستقلة، وترسيم الحدود البحرية، وتحديد شكل العلاقة المستقبلية مع فرنسا. ومن المقرر أن تحتفظ كاليدونيا الجديدة بعملتها الحالية (الفرنك الباسيفيكي) وتستمر في الاستفادة من الدعم الفرنسي في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية خلال السنوات الأولى من الاستقلال.
من الناحية الاقتصادية، تمتلك كاليدونيا الجديدة مقومات هامة حيث تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في إنتاج النيكل، وهو مورد استراتيجي أساسي لصناعات السيارات الكهربائية والبطاريات. كما أن لديها قطاع سياحة مزدهر بفضل شواطئها الخلابة وثقافتها المميزة. الخبراء الاقتصاديون يتوقعون أن تصبح الدولة الجديدة وجهة جذابة للاستثمارات الأجنبية، خاصة من الصين وأستراليا اللتين تتنافسان على النفوذ في منطقة المحيط الهادئ.
على الصعيد الجيوسياسي، يمثل هذا الاتفاق تغيراً في سياسة فرنسا تجاه مستعمراتها السابقة، حيث تسعى باريس للحفاظ على نفوذها في المنطقة عبر شراكات استراتيجية بدلاً من السيطرة المباشرة. كما أن استقلال كاليدونيا الجديدة قد يشكل سابقة تدفع أقاليم أخرى في المحيط الهادئ للمطالبة بمزيد من الحكم الذاتي أو الاستقلال الكامل.
ردود الفعل الدولية جاءت متباينة، حيث رحبت دول مثل أستراليا ونيوزيلندا بالاتفاق، بينما أعربت الصين عن أملها في إقامة علاقات تعاون مع الدولة الجديدة. منظمة الأمم المتحدة أشادت بالعملية السلمية للانتقال إلى الاستقلال ووصفتها بأنها “نموذج لحل النزاعات الاستعمارية بالطرق الدبلوماسية”.
على المستوى المحلي، لا يزال هناك انقسام بين سكان الأرخبيل بين مؤيدين ومعارضين للاستقلال. المجموعات المؤيدة للبقاء مع فرنسا تحذر من المخاطر الاقتصادية للانفصال، بينما ترى القوى الاستقلالية أن هذه خطوة تاريخية لاستعادة الهوية الكاناكية (السكان الأصليين). الحكومة الانتقالية تواجه تحدياً كبيراً في تحقيق المصالحة الوطنية وبناء مؤسسات دولة قادرة على إدارة ثروات البلاد بشكل عادل.