باريس – (رياليست عربي): شهد المشهد السياسي الفرنسي تحولاً لافتاً مع صعود فرانسوا بايرو إلى منصب رئيس الوزراء، في مسيرة غير تقليدية بدأت من الفصول الدراسية في القرى الريفية إلى قمة السلطة في باريس. هذا الرجل الذي بدأ حياته المهنية كمدرس متواضع في جبال البرانس، استطاع أن يصل إلى أرفع المناصب السياسية في البلاد، لكن فترة حكمه القصيرة تحولت إلى فصل مثير للجدل في التاريخ السياسي الفرنسي الحديث.
تميزت مسيرة بايرو السياسية بمحاولات إصلاحية جريئة، حيث كان من أبرز الداعين إلى تجديد الحياة السياسية الفرنسية وتطهيرها من الممارسات التقليدية. لكن تحالفه مع الرئيس إيمانويل ماكرون في عام 2017 أثار انتقادات واسعة، حيث رأى كثيرون أنه تخلى عن مبادئه الإصلاحية من أجل المناصب الوزارية.
عندما تولى رئاسة الوزراء عام 2025، وجد بايرو نفسه في مواجهة تحديات جسيمة، بدءاً من الأزمة الاقتصادية المتصاعدة ووصولاً إلى تزايد السخط الشعبي تجاه الطبقة السياسية. وعلى الرغم من سمعته كسياسي معتدل، فشلت حكومته في كسب ثقة البرلمان، كما عجزت عن معالجة المشكلات الاقتصادية المزمنة التي تواجهها البلاد.
واجه بايرو اتهامات بالانتهازية السياسية بعد تحالفاته المثيرة للجدل مع بعض التيارات اليمينية، كما طالته شبهات فساد متعلقة بتمويل حملاته الانتخابية. هذه التطورات أضرت كثيراً بصورته كسياسي نظيف، وأسهمت في تسريع نهاية تجربته الحكومية القصيرة.
اليوم، يبقى فرانسوا بايرو شخصية مثيرة للجدل في الساحة السياسية الفرنسية. فبينما يراه البعض سياسياً فاشلاً تخلى عن مبادئه، يرى آخرون فيه ضحية لنظام سياسي معقد يصعب إصلاحه. تبقى تجربته درساً مهماً عن التحديات التي تواجه الإصلاحيين في الأنظمة الديمقراطية العريقة.