دودوما – (رياليست عربي). أدت رئيسة تنزانيا سامية صولوحو حسن اليمين الدستورية يوم الاثنين لولاية ثانية، بعد فوز كاسح في انتخابات مثيرة للجدل اعتبرتها المعارضة والمراقبون الدوليون “مزورة” ومرّت في أجواء قمع دموي.
وأقيمت مراسم التنصيب في قاعدة عسكرية بالعاصمة دودوما أُغلقت أمام الجمهور وسط توتر أمني شديد أعقب ثلاثة أيام من احتجاجات دامية. ونقلت التلفزيون الرسمي الحفل الذي حضره مسؤولون حكوميون ودبلوماسيون أجانب، في غياب تام للجماهير.
وأعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات فوز حسن بنسبة 97.66% من الأصوات في اقتراع 29 أكتوبر، بعد أن مُنِع حزب المعارضة الرئيسي “تشاديما” من الترشح، ما جعلها تواجه مرشحين هامشيين فقط.
في الوقت نفسه، تسود حالة شلل شبه كامل في دار السلام ومدن أخرى، حيث أُغلقت المتاجر وخَلَت الشوارع تحت حظر إنترنت وطني شامل بدأ يوم الانتخابات ولا يزال مستمرًا.
المعارضة والمنظمات الحقوقية تتحدثان عن “مجزرة”
حزب تشاديما رفض النتائج واصفًا الانتخابات بأنها “مهزلة”، مشيرًا إلى أن مئات الأشخاص قُتلوا في مواجهات مع قوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المحتجين.
وقال الحزب في بيان: «هذه النتائج لا تمتّ إلى الواقع بصلة — لم تُجرَ أي انتخابات حقيقية في تنزانيا».
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر دبلوماسي أن هناك “تقارير موثوقة عن مئات، وربما آلاف القتلى” الذين نُقلوا إلى المستشفيات في أنحاء البلاد، فيما حذرت منظمات حقوقية من أن الانقطاع الإلكتروني يُستخدم لإخفاء الأدلة على الانتهاكات، بما في ذلك مقاطع مصورة لجرائم مزعومة.
وأكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص في ثلاث مدن، مشيرًا إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير.
من جانبه، نفى وزير الخارجية محمود ثابت كومبو الاتهامات باستخدام القوة المفرطة، قائلاً لقناة الجزيرة إن الحكومة «لا تملك أرقامًا رسمية عن الضحايا».
تشديد القبضة على السلطة
منذ توليها الحكم عام 2021 خلفًا للرئيس الراحل جون ماغوفولي، واجهت حسن — التي كانت تُصوَّر في البداية كإصلاحية محتملة — انتقادات متزايدة من الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بسبب ما وصفوه بـ “تصاعد القمع” ضد المعارضين والصحفيين والنشطاء.
ويرى محللون أن حسن سعت إلى فوز كاسح لتكريس هيمنتها داخل الحزب الحاكم وإسكات منتقديها، مشيرين إلى أن الفترة السابقة للانتخابات شهدت حملة ترهيب واعتقالات واختطافات بحق المعارضين.
كما كانت اللجنة الانتخابية المستقلة قد استبعدت حزب “تشاديما” وعدة أحزاب رئيسية أخرى قبل أشهر من التصويت بحجة مخالفات إجرائية.
ويقول مراقبون إن النتائج الساحقة وما رافقها من عنف تعمّقان القلق الدولي من تراجع الديمقراطية في تنزانيا، في واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في تاريخها السياسي الحديث.






