أنقرة – (رياليست عربي): تشهد الشوارع التركية مظاهرات احتجاجية جديدة وعفوية، قد تتحول إلى فرصة ذهبية بالنسبة للقوى المعارضة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، لا سيما وأن سبب تلك المظاهرات مرتبط بسياسة الحزب الحاكم بترسيخ المؤسسات الدينية وإبعاد تركيا عن الهوية العلمانية كما يعتقد هؤلاء.
في هذا السياق، تأتي المظاهرات التي احتشد خلالها الآلاف في اسطنبول احتجاجاً على الظروف القمعية في مساكن الطلاب التي تديرها الطوائف الدينية في تركيا، وذلك بعد انتحار طالب طب في وقت سابق هذا الأسبوع، حيث وقعت مناوشات ومواجهات بين متظاهرين ورجال الشرطة، والعناوين العريضة التي رُفعت في تلك التظاهرات هي التهجم على العقلية الراديكالية الدينية التي يحاول حزب العدالة والتنمية فرضها على الأتراك.
ويأتي ذلك على خلفية انتحار طالب جامعي يُدعى أنس كارا كان قد تعرض لضغوط من طائفة دينية تدير السكن الجامعي الذي يقطنه في جامعة الفرات بمدينة إلازغ، حيث كان يتم إجباره على الصلاة وقراءة الكتب، وعبّر الطالب خلال فيديو صوره قبل انتحاره بأنه يعيش ضغطاً نفسياً هائلاً من قبل تلك الطائفة وأنه لا يستطيع التأقلم معها، ويخشى إخبار ذويه اللذين أجبراه على دراسة الطب في تلك الجامعة.
أما يلفت كان موقف حزب العدالة والتنمية مما جرى، و ما تبعه من مظاهرات، حيث ندد نائب رئيس الحزب والمتحدث باسمه بتلك التظاهرات، معتبراً أن وفاة الشاب وخلق صراعات وانتقامات عقائدية أمر غير أخلاقي.
تصريح المسؤولين في العدالة والتنمية قد يشير إلى مخاوف من تحول حادثة انتحار الطالب بسبب التشدد الديني الذي مورس عليه، شعلةً لمظاهرات جديدة، تركيا في غنى عنها حالياً بسبب تدهور الليرة التركية، ولو اتسعت تلك التظاهرات فإن قيمة الليرة ستنخفض أضعافاً مقابل الدولار.
يُضاف إلى ذلك خشية الحزب الحاكم من أن تكون تلك الحادثة مناسبة تجمع الأحزاب العلمانية والمعارضة، وتستثير جزء كبير من الأتراك العلمانيين، فضلاً عن مخاوف أخرى من أن تستغل منظمات حقوقية دولية ما حدث، لفتح ملف سياسي بلبوس إنساني على النظام التركي، حيث سيُقال بأن سماح العدالة والتنمية للتنظيمات والحركات الدينية المتشددة بالعمل بكامل حريتها بإشراف من الوقف التركي أدى إلى مثل تلك الحادثة.
فهل ستتسع رقعة التظاهرات في الأيام القادمة؟ وهل سنرى مشاركةً للأحزاب المعارضة والعلمانية فيها؟ هل ستحدث صدامات أشد بين المتظاهرين العلمانيين وعناصر الشرطة، لا سيما وأن أردوغان قد استبدل آلاف الضباط والعناصر بعد محاولة انقلاب 2016 بعناصر موالية لحزبه والفكر الإخواني.
خاص وكالة رياليست.