بيروت – (رياليست عربي): بعد 17 عاماً من رحيل الزعيم اللبناني رفيق الحريري، لا يزال هناك أسئلة حية لا تجد إجابة: لماذا اغتالوه؟ ودمه في رقبة من؟!
مرت الذكرى الـ 17 لإغتيال أحد أهم رجال السياسة والمال في العالم، ليس في بلاده أو الشرق الأوسط فقط، فهو الرجل الذي تمكن من إمساك مفاتيح اللعبة في إخراج بلاده من إنهاكات حرب أهلية زادت عن 15 سنة متواصلة، قام بالبناء والإنعاش والتنمية.
“الحريري” الذي خلّف صراعاً بعد رحيله في 14 فبراير/ شباط 2005 ، ليس فقط حول زعامة “السنة” في لبنان ولكن داخل أسرته أيضاً، وهو صراع امتد بين جنبات التيار الذي أسسه “المستقبل” وبات منصة الطائفة السنية، وأيضاً صراع حول القيادة والمال داخل بيت العائلة “الحريرية”، تمخض الآن بين الشقيقين “سعد” و”بهاء” بعد أن كانت العمة “بهية” طرفاً.
وبعيداً عن ما وصل إليه لبنان بعد “رفيق”، فإن الوقوف على “القاتل” بات مستحيلاً بعد أن تاهت الأوراق وتناثرت مع مرور السنين، وأيضاً بعد أن تخبطت المحكمة الدولية التي تأسست لغرض معرفة “الجاني”، وأصبحت الآن تتسول التمويل لاستمرار عملها الذي لن يكون له نتيجة، لأنه لم يتحقق أي تقدم ملموس في الوصول للجناة طوال السنوات الماضية.
ولد “الحريري في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1944 ، واغتيل في 14 فبراير/ شباط 2005، بمتفجرات تزن أكثر من 1000 كلغ من الـ”تي أن تي”، وسبب اغتياله في قيام “ثورة الأرز” التي أخرجت الوجود العسكري السوري من لبنان وأدت إلى قيام محكمة دولية من أجل الكشف عن القتلة ومحاكمتهم، والتي أدانت في حكمها الصادر في 18 أغسطس/ آب 2020، المتهم سليم عياش في الضلوع في عملية الاغتيال.
وكان يعتبر “الحريري” من كبار رجال الأعمال في العالم، وهو يحمل الجنسيتين اللبنانية والسعودية، لعب دوراً مهماً في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية وإعمار لبنان بعدها، وقام بالعديد من الأعمال الخيرية وكان أشهرها تقديم منح طلابية للدراسات الجامعية لأكثر من 36000 شاب وشابة من كل الطوائف اللبنانية على مدى 20 عاماً، إضافة إلى تقديم المساعدات لضحايا العدوان الإسرائيلي على لبنان ومساعدة دور الأيتام والعجزة وإنقاذ جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية من الديون.
وحاولت حكومة لبنان، الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية، في مرات متعددة أخرها يونيو/ حزيران الماضي، مناشدة الأمم المتحدة إيجاد “وسائل بديلة” لتمويل المحكمة الدولية التي تنظر في جرائم اغتيال عدة شهدتها البلاد، بعد إعلانها أنها “تواجه أزمة مالية غير مسبوقة” ستمنعها من مواصلة عملها.

المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي محكمة جنائية ذات طابع دولي اقترحت وأقرت من قبل مجلس الأمن للنظر في نتائج التحقيق التي يقوم به لجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ومقرها مدينة لاهاي في هولندا، وبدأت المحكمة العمل مطلع مارس/ آذار 2009، وبعد تحقيقات استمرت 15 عاماً وكلفت أكثر من 800 مليون يورو، أدانت المحكمة في أغسطس/ آب 2020 سليم عياش، العضو في حزب الله، بتهمة “القتل العمد”، في قضية اغتيال “الحريري” بتفجير استهدف موكبه في وسط بيروت وأسفر عن مقتل 21 شخصاً آخر وإصابة 226 بجروح، وبرأت 3 متهمين آخرين، وتم استئناف الحكم الصادر في حق الأربعة بعد محاكمة غيابية، وخفضت المحكمة، وفق ما أعلنت في وقت سابق، ميزانيتها لعام 2021 بنسبة 37 % مقارنةً مع السنوات السابقة، نظراً إلى الظروف الصعبة الناتجة عن جائحة كورونا عالمياً والوضع المقلق في لبنان.

وأوضحت المحكمة، أنها تواصل جهودها المكثفة لجمع الأموال اللازمة من أجل إكمال عملها المهم، وتكرر نداءها العاجل إلى المجتمع الدولي مناشدة إياه الاستمرار في دعمها مالياً.
وينص نظام المحكمة، التي تأسست بطلب لبناني وبموجب قرار عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع الملزم في مايو/ أيار 2007 للنظر في جرائم اغتيال أبرزها اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، على أن يساهم لبنان في تمويلها بنسبة 49 %، فيما تؤمن الدول المانحة نسبة 51 % المتبقية بموجب مساهمات طوعية.
وكان من المقرر أن تنظر جلسة سابقة للمحاكمة جرى إلغاؤها في ما يعرف بقضية “عياش”، الملاحق في 3 جرائم أخرى تبين أنها متصلة بجريمة “الحريري” وهي اغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي في 21 يونيو/ حزيران 2005، و محاولتي اغتيال الوزير السابق مروان حمادة مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2004، ووزير الدفاع السابق الياس المر في 12 يوليو/ تموز 2005.