باريس – (رياليست عربي). حذّر زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي أوليفييه فور من أن حزبه سيتحرك لإسقاط حكومة رئيس الوزراء ساباستيان ليكورنو بحلول يوم الإثنين إذا لم توافق على فرض ضرائب أعلى على الأثرياء في البلاد.
وقال فور في مقابلة مع قناة BFMTV يوم الجمعة: «إذا لم يحدث أي تغيير بحلول الإثنين، سيصوّت الاشتراكيون ضد الميزانية ويقدّمون اقتراحًا بحجب الثقة». ويملك الحزب الاشتراكي 69 نائبًا في الجمعية الوطنية المؤلفة من 577 مقعدًا، ما يجعل أصواته حاسمة لبقاء الحكومة.
يأتي هذا التوتر في ظل هشاشة حكومة ليكورنو الوسطية التي واجهت اقتراحي حجب ثقة هذا الشهر وتكافح لتمرير ميزانية عام 2026 وسط انقسامات حادة داخل البرلمان.
وكان ليكورنو قد حاول تهدئة الأوضاع الأسبوع الماضي بتعليق إصلاح التقاعد المثير للجدل الذي أطلقه الرئيس إيمانويل ماكرون، في خطوة هدفت إلى كسب دعم الاشتراكيين. إلا أن اليسار طالب منذ ذلك الحين بتنازلات مالية إضافية، معتبرًا أن الأثرياء يجب أن يتحملوا جزءًا أكبر من الجهد المالي لاستعادة التوازن في المالية العامة.
من بين المقترحات المطروحة ما يُعرف بـ«ضريبة زوكمان» — وهي رسم سنوي بنسبة 2٪ على إجمالي الثروة التي تتجاوز 100 مليون يورو، بما في ذلك الأسهم والأرباح غير المحققة — سُمّيت على اسم الاقتصادي الفرنسي غابرييل زوكمان. وقد رُفض المقترح هذا الأسبوع في اللجنة المالية، لكن من المقرر أن يُناقش أمام البرلمان الجمعة. ويقدّر مؤيدوه أنه يمكن أن يُدر ما يصل إلى 20 مليار يورو سنويًا، فيما يرى منتقدوه أن العائدات الفعلية ستكون أقل بكثير بسبب تهرّب الأغنياء أو نقل أصولهم.
وأوضح فور أنه لا يشترط اعتماد ضريبة زوكمان بعينها، لكنه شدد على ضرورة إيجاد 15 إلى 20 مليار يورو من الإيرادات الجديدة، ويفضّل أن تكون من ضرائب على أصحاب الثروات الكبيرة. وأضاف: «نحتاج إلى موارد جديدة لتجنّب تحميل الفرنسيين العاديين مزيدًا من الأعباء التي لم يعودوا قادرين على تحملها».
من جانبه، يعارض ليكورنو الضريبة الجديدة، لكنه اقترح الإبقاء على الرسوم المفروضة على أرباح الشركات الكبرى وعلى شركات القابضة. ويهدف مشروع ميزانيته إلى تحقيق وفورات بقيمة 30 مليار يورو في عام 2026، وتقليص العجز إلى 4.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 5.4٪ هذا العام، مع الإبقاء على هامش مرونة سياسي يسمح بالوصول إلى 5٪ في حال الحاجة إلى تسويات برلمانية.
وتتوقع الأوساط السياسية أن تكون المفاوضات شاقة، إذ تعهّد ليكورنو بعدم استخدام المادة الدستورية التي تتيح إقرار الميزانية دون تصويت، في بادرة حسن نية تجاه المعارضة، مما يجعل كل بند من بنود الإنفاق والإيرادات خاضعًا للتفاوض المباشر.
وتزايد الضغط بعد أن خفّضت وكالة ستاندرد آند بورز الأسبوع الماضي التصنيف الائتماني لفرنسا إلى مستوى A+ بسبب ارتفاع الديون، فيما يُنتظر أن تُصدر وكالة موديز قرارها مساء الجمعة، ما قد يفاقم الأزمة المالية والسياسية لحكومة ليكورنو المحاصَرة.






