نيودلهي – (رياليست عربي). بعد خمس سنوات من الاحتجاجات الواسعة التي أجبرت رئيس الوزراء ناريندرا مودي على إلغاء إصلاحاته الزراعية المثيرة للجدل، تستعد النقابات الريفية في الهند للتعبئة من جديد — هذه المرة بسبب المفاوضات التجارية الجارية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال دالجيندر سينغ هارياو، مزارع ذرة وأرز من ولاية البنجاب، إنه سيعود إلى جرّاره إذا قدّمت نيودلهي تنازلات مفرطة لواشنطن. وأضاف: «السماح بدخول المحاصيل والمنتجات الغذائية الأميركية إلى الهند عبر اتفاق تجاري سيقضي علينا تماماً».
توتر متصاعد في المفاوضات مع واشنطن
تأتي التحذيرات وسط مفاوضات مكثفة بين الهند والولايات المتحدة، حيث تضغط واشنطن من أجل الحصول على وصول أوسع لمنتجاتها الزراعية. وتستثني نيودلهي الزراعة عادة من الاتفاقيات التجارية، خشية الإضرار بملايين المزارعين الصغار الذين يشكلون كتلة انتخابية رئيسية قبل أربع انتخابات إقليمية مرتقبة خلال الأشهر السبعة المقبلة.
وأكد مودي أنه سيقف «كجدار» ضد أي سياسة تضر بالمزارعين، فيما وصف وزير الزراعة شيفراج سينغ تشوهان الزراعة بأنها «العمود الفقري للاقتصاد الهندي، والمزارعون هم روحه».
مخاوف من تكرار سيناريو 2020
يعتمد نحو نصف القوة العاملة في الهند على الزراعة التي تمثل نحو 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها ما زالت قطاعاً ضعيف الربحية بسبب صغر حجم الحيازات الزراعية. وفي عام 2020، أجبرت احتجاجات ضخمة الحكومة على التراجع عن تحرير أسواق الحبوب. واليوم، الخطر يأتي من الضغوط الأميركية لخفض الرسوم الجمركية على واردات الذرة والأرز ومنتجات الألبان، التي تتراوح حالياً بين 15٪ و80٪.
وقال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك إن الهند «ترفض استيراد حبة ذرة واحدة من الولايات المتحدة»، فيما حذر ترامب من أن استمرار واردات النفط الروسي سيُقابل بـ«تعريفات ضخمة» على السلع الهندية.
رفض واسع في الأوساط الزراعية
قال أفيك ساها من تحالف النقابات الزراعية ساميوكت كيسان مورشا: «بالنسبة للمزارعين، الاتفاق التجاري الحر غير مقبول — فالواردات ستخفض الأسعار أكثر، وهذا واضح للجميع».
حتى النقابات القريبة من حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم أبدت قلقها، إذ حذر موهيني موهان ميشرا من أن «أي حكومة تفرّط في مصالح المزارعين سيعاقبها الناخبون».
كما رفض قطاع الألبان، الذي يوظف نحو 80 مليون شخص، أي واردات أجنبية، وقال روبيندر سينغ سودهي، رئيس اتحاد الألبان الهندي: «الهند لا تحتاج إلى حليب من الخارج، فنحن أكبر منتج للألبان في العالم».
احتجاجات تلوح في الأفق
في ولاية البنجاب، تجوب الشاحنات الطرق رافعة شعارات مثل «لا مزارع، لا طعام». وقال هارياو: «أرزاقنا كلها على المحك. إذا فتح مودي السوق أمام الأرز والذرة ومنتجات الألبان المدعومة من أميركا، سننظم احتجاجاً أكبر من السابق».
وتحذر النقابات من أن أي اتفاق غير متوازن قد يشعل موجة جديدة من الغضب الريفي تهدد استقرار الحكومة قبل عام انتخابي حاسم في الهند.






