الخرطوم – (رياليست عربي): حذر خبراء في الشأن السوداني، من مغبة التظاهرات لرفض الاتفاق الموقع بين المكون العسكري والمدني، واتهام رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، بخيانة الثورة عقب قبوله العودة لممارسة مهام منصبه طبقاً للاتفاق الرامي لإنهاء حالة الانسداد السياسي في البلاد.
وقال الكاتب الصحفي السوداني، ضياء الدين بلال، إن السِّياسة هي فن تحقيق المُمكن، وتجنيب الشعوب المآسي والأحزان، وما فعله الدكتور عبد الله حمدوك هو أقصى ما يُمكن تحقيقه في ظرف بالغ التعقيد على ميدانٍ زلقٍ.
وتابع: القوى المدنية مُنقسمة على نفسها، في مُواجهة قِوى مُسلّحة مُتّحدة، تضم الجيش والأجهزة الأمنية والدعم السريع والحركات المُسلّحة و جهاز الدولة المدني، المُجتمع الدولي لا يملك من الأوراق سوى التّهديد بالعُقوبات التي يتضرّر منها الشعب في معاشه وحياته اليومية لا الحكام.
كما أكد ضياء الدين، أن الشارع الشبابي يُقدِّم مع كل تظاهرة، مزيداً من الأرواح الطاهرة والدماء الذكية، والسِّياسيون بعضهم في المُعتقلات، وآخرون في المخابئ والسفارات وبعض المُعارضين في المهاجر يحتمون من الرصاص والبمبان والهراوات بالجُغرافيا.
موضحاً أن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، يُريد عبر الاتّفاق المُتاح- وفقاً لموازين القُوة- أن يحقن الدماء، ويضع قدمه داخل أجهزة الدولة، ليستعيد مع الأيام ما فُقد من أوراقٍ في سبيل تحقيق الغايات المدنية والديمقراطية، ويُحافظ على ما أنجز في الملفات الخارجية، فالرجل يستحق للشكر والعون والتقدير لا الإساءة والتجريح والتّخوين، بعدما ضَحَّى بشعبيته ورمزيته، ليُحافظ على الدماء.
من جهته قال المفكر والسياسي المصري، عمرو الشوبكي، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن حمدوك عاد إلى موقعه كرئيس وزراء السودان بعد مظاهرات واحتجاجات شعبية واسعة سفط فيها عشرات الشهداء، وأصبحنا أمام مشاهد تكررت في أكثر من بلد عربي أبطالها الجيش والتيار الثوري، والقوي التقليدية والمحافظة، والتيارات الإصلاحية، وقد رفضت قوى الحرية والتغيير “الثورية” (المجلس المركزي) أي اتفاق مع الجيش و”شراكة الدم” وطالبت بإقصاء كامل للمكون العسكري من المرحلة الانتقالية، وهو مطلب لا يمكن للجيش وحاضنته الشعبية أن يقبلا به.
مشدداً على أن، رفض الاتفاق سيدفع حمدوك لكي يكون أقرب لحاضنة الجيش الشعبية وهو سيعني خسارة ورقة مهمة في يد المكون المدني من الصعب تعويضها، وتكريس صورة نمطية عن قوي الحرية والتغيير بأنها فقط صوت رفض واحتجاج وليست صوت بناء يمتلك بدائل للحكم.
وأردف: يقينا الصوت الاحتجاجي والثوري مطلوب ولكنه يمثل نصف الطريق، لأنه قد يسقط النظام القديم ولكنه لن يبني جديد، وإن المطلب المشروع للقوي المدنية بإصلاح المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية لا يأتي على يد قوي سياسية غير منتخبه وفي صراع مفتوح معها، وهو امر لا يمكن أن تقبله أي مؤسسة عسكرية في الدنيا.
وأشار إلى أن دعم حمدوك قد يمثل فرصة أخيرة لنجاح المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات قريبة، ويجب أن يقتنع الجميع إنه لا توجد ثورة أو تجربة تغيير واحدة في النصف قرن الأخير (بعيدا عن النظريات الثورية التي يستدعيها البعض من متاحف التاريخ) حققت أهدافها بالضربة القاضية إنما هي معارك بالنقاط، وإن هذا الخطاب الرافض للجيش ولحمدوك ولحزب الأمة وللقوي التقليدية والمحافظة سيفتح الباب على مصراعيه لردة كاملة لصالح الاستبداد، أو السقوط في خطر الفوضى نتيجة تعمق حالة الاستقطاب السياسي وضعف مؤسسات الدولة.
خاص وكالة رياليست.