الرياض – (رياليست عربي): وضع ولي العهد بالمملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان، استراتيجية تعامل “الند بالند” مع الولايات المتحدة الأمريكية ليس باسم بلاده فقط ولكن لكل العرب ، وذلك عندما قامت المملكة باستقبال للرئيس الأمريكي جو بايدن بمراسم “متواضعة” خلال زيارته لمدينة جدة لحضور قمة الأمن والتنمية ، لم يعتادها أي “ساكن” للبيت الأبيض، سواء خلال زيارات رؤساء أمريكا السابقين إلى السعودية أو أي دولة عربية.
القمة التي حضرتها الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي وهم السعودية، الإمارات، عمان، الكويت، قطر، البحرين، ودول مصر، العراق، الأردن، خرجت بمراسم استقبال غريبة على المشهد العربي، وذلك عندما كان في استقبال “بايدن” والوفد المرافق له من جانب أمير منطقة مكة المكرمة، خالد الفيصل، بينما كان ملك السعودية أو ولي العهد في صدارة مستقبلي أي رئيس أمريكي يزور المملكة خلال أكثر من 70 عاماً.
هذا الاستقبال الذي كما ذكرنا سلفاً يقدم استراتيجية “الند بالند”، رسالة للولايات المتحدة ودوائر صنع القرار هناك، بأن الاحترام المتبادل هو أساس العلاقة مستقبلاً، وذلك رداً على المراسم التي تلتزم بها واشنطن عند استقبال ضيوفها من الرؤساء والملوك القادمين من المنطقة العربية والشرق الأوسط، بإرسال وزيرا أو موظفا كبيرا بالبيت الأبيض ، للترحاب في مطار الوصول بالضيف القادم.
هذه الرسالة فسرت بشكل أوضح، مغلفة بأطار من الخصوصية العربية، وذلك في استقبال “بن سلمان” لضيوفه العرب من على باب الطائرة في مطار الملك عبد العزيز الدولي لكل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي، ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ، الممثل الخاص لسلطان عمان، أسعد بن طارق آل سعيد، ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
“التعالي” الأمريكي تمت مواجهته في الزيارة أيضا بقبضة “بن سلمان” ، ففي الوقت الذي تصيح الجهات الأمريكية المنسقه للزيارة بشكل حمل ازعاجا لمسؤولين بالمملكة بضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية في القمة، قام ولي العهد بمصافحة الرئيس الأمريكي في قصر السلام بجدة بـ”سلام كورونا” وهو المصافحة التي تكون بقبضة اليد، وليس كما حدث مع رؤساء الدول والحكومات والملوك والأمراء العرب المشاركين في القمة عبر ترحاب “حميمي”.
ويعبر “بن سلمان” عن جيل جديد في المملكة العربية السعودية ليس لكونه أول أحفاد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود الذي أصبح على طريق عرش المملكة في ظل 7 ملوك حكموا البلاد بعد توحيدها وإعلانها منذ عام 1932، ولكن أيضا لما يحمله من إصلاحات اجتماعية واقتصادية واستثمارية جاء بها منذ أن تولى والده الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حكم المملكة، فضلا عن اعتباره ملهما لأجيال شابة بالبلاد بالإضافة إلى ما يقدمه من انفتاح بلاده على العالم الخارجي واستغلال ثروات المملكة في صنع طفرات تليق بها على مستوى الشرق الأوسط والمجتمع الدولي.
وأظهر “بن سلمان” صاحب الـ37 عاماً والذي يتولى منصب ولي العهد ووزير الدفاع ونائب رئيس مجلس الوزراء، توجهات انفتاحية ومختلفة عمن سبقه من قيادات السعودية، فشهدت البلاد خلال فترة ولاية عهده السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة ودخولها الملاعب الرياضية وتفعيلِ هيئة الترفيه، ويقود توجه السعودية لما اسماه مكافحة التشدد الديني داخل الدولة ،أطلق خطة رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى جعل الاقتصاد السعودي يرتكز على الاستثمار، بالإضافة إلى عدم اعتماده على النفط كدخل أساسي ووحيد، إذ وعد بإنهاء علاقة ارتهان الدولة السعودية بالنفط والتي وصفها بـ”الإدمان”فضلا عن طرح برنامج حكومي توطين الصناعات العسكرية في السعودية، يستهدف من خلاله توطين 50% من الإنفاق العسكري السعودي، بجانب ما يقف وراءه من تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وبرنامج التنمية المستدامة والاستراتيجية الوطنية للاستثمار.