موسكو – (رياليست عربي): جرت خلال يومي 21 و22 شهر كانون أول الحالي أعمال المؤتمر السوري الروسي الأول للإعلام تحت شعار (سلطة الإعلام وتأثيره على الرأي العام ).
تخلل المؤتمر نقاشات واسعة ومفتوحة ومتعددة الاتجاهات قدمت فيها الكثير من الاقتراحات والحلول التي من شأنها دعم تشابك الإعلام السوري والروسي في وجه المصاعب والتحديات الراهنة وخاصة لجهة التعامل مع الأزمات وعمليات التضليل الإعلامي، وكيفية النهوض بالواقع الإعلامي بما يرتقي إلى مستوى الأحداث العالمية المتسارعة، قدمت مجموعة مهمة من الاقتراحات والحلول وعقدت ندوات ومحاضرات طغت عليها صورة التشاركية بالآراء والانتقاد وتصويب الحوارات، كما وركز المؤتمر في جلساته على تقديم مقارنة بين الإعلام السوري وكيفية الارتقاء بما يخدم الأهداف المرجوة منه في كافة الاتجاهات.
نظم هذا المؤتمر بالتشارك بين مؤسسة التعاون السوري الروسي و الرابطة السورية لخريجي الجامعات الروسية والمركز الثقافي الروسي بدمشق و وزارة الإعلام السورية.
تخلله عدة جلسات تمحورت حول:
تحليل الخطاب الإعلامي وتأثيره على المتلقي؛
حرية الإعلام الالكتروني وكيفية الوثوق بمحتواه ” الذكاء الاصطناعي”؛
العلاقة بين الاعلاميين الروسي والسوري ما له وما عليه؛
إطلالة الإعلام الروسي على الواقع العربي؛
الحضور العربي في الاعلام الروسي( المحلي والدولي)؛
دبلوماسية الإعلام.
بهذا الخصوص كان لـ “رياليست عربي” حواراً خاصاً مع الدكتور نواف إبراهيم، مدير المشاريع الدولية- ترويج المحتوى- وكالة الإعلام الدولية “روسيا سيغودنيا” – وكالة الأنباء الدولية والإذاعة”سبوتنيك”.
النائب الأول لرئيس اتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي، عضو مجلس حكماء الغرفة الاجتماعية الدولية.
![](https://arabic.realtribune.ru/img/uploads/2024/01/333.jpg)
بداية أين تكمن أهمية مثل هذه الفعاليات، وكيف نفسر بالعموم مصطلح الإعلام في وقتنا الراهن، أو ما الذي يشمله أو يجب أن يشمله هذا الإعلام مع الأخذ بعين الاعتبار التحولات الهائلة التي تجري على الساحة العالمية؟
الإعلام خاصة خلال العقدين الأخيرين وفي أطار التطور التكنولوجي غير المسبوق تحديداً في ظل الانتشار الهائل لوسائل الإعلام البديل وتراجع الإعلام التقليدي بشكل ملحوظ جداً، أثبت بأنه ليس فقط أداة نقل الأحداث والأخبار إلى الرأي العام لا بل بات وسيلة تأثير وتغيير لا تقل قدرة وقوة من السلاح في الحروب في إحداث انقلابات سياسية وجيوسياسية تخدم مصالح دول بعينها ضد دول أخرى، وهنا تكمن مسألة المعضلة الأمنية لدولة ما أو لمجموعة دول مترابطة تاريخياً وجغرافياً وديموغرافياَ رغم الحدود الطبيعية وغير الطبيعية التي يمكن أن تفصل بينها وأقرب مثال عليها دول منطقة الشرق الأوسط “الوطن العربي” ، ما يعني أن مصير هذه الدول مرتبط بشكل وثيق أمام أي تحديات يمكن أن تحدث ويرتبط أيضا بارتباط مصالحها مع دول إقليمية مجاورة ودول أخرى خارج المحيط الجيوسياسي القريب عليها، وببساطة يمكن هنا الإشارة إلى روسيا وسوريا كونه يمكننا إسقاط هذه الحالة عليهما كحليفين يربطهم مصير مشترك والحديث طبعا يطول حول ترابط المصالح الجيوسياسية ومصالح الأمن القومي والاقتصادي لهذين البلدين لجهة ما قامت به وتقوم به الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الغرب الجماعي من محاولات لفصل المصالح والمسارات لتدمير هذا الطرف “سورية” أو إقصاء ذاك عن الساحة الدولية “روسيا” وحتى تدميرها كما أعلنوا أمراراً عدة، وهنا تعددت واختلفت أدوات تطبيق المخططات الغربية، وكانت الأدوات الإعلامية إحدى أهم الروافع التي استندت إليها في تحقيق أهدافها، يعني هي بحد ذاتها جبهة مستقلة ولها تأثير خطير وكبير على سير الأحداث في الاتجاه المطلوب أو ما يعاكسه، وكما نعلم أن مصالح الدول تعتمد على مدى التقارب الجغرافي والسياسي والثقافي الحضاري والاقتصادي والعدو المشترك في أحيان كثيرة على مبدأ المصالح الوطنية المستدامة وليس على مبدأ مجبر أخاك لا بطل أو حليف الضرورة الآني.
هل تكفي مثل هذه المؤتمرات للنهوض بالواقع الإعلامي في البلدين وماهي أهم العيوب والنواقص التي يجب العمل على استدراك أثرها السلبي؟
أثبتت التجربة أن التعاضد والتعاون في هذه المجالات يعتبر شبه ناقص في حال لم يتم تنمية الوعي والإدراك عند العامة من الناس المستهدفة والذين يشكلون في واقع الأمر الخزان الحيوي لكل قطاعات المواجهة مع الدول المعتدية، وهنا يأتي الإعلام في مقدمة أدوات المواجهة ورد العدوان ومخاطر التغيير القسري لدول بكاملها لابل هو السلاح الأكثر فتكاً وقوة وتأثيراً وتدميراً حسب الواقع الظاهر وما يترتب عنه وعليه من آثار وانعكاسات.
وهنا لابد من لفت النظر إلى أهمية التكاتف والتكامل والتضامن الإعلامي بكافة أشكاله لدرء أخطار جمة محيطة وقادمة، وهنا تبدر مجموعة من التساؤلات تبحث لنفسها عن أجوبة وأهمها العلاقة بين الإعلام السوري والروسي وإطلالة الإعلام الروسي على العالم العربي خاصة في ظل التوجه الروسي بعد بدء المواجهة مع الغرب على خلفية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا وما لفها من محاولات تضليل وتغيير الحقائق وتزوير التاريخ لصالح المحور الغربي ضد روسيا وحلفائها.
هل يمكن أن نقول إن الإعلام السوري والروسي في ظل كل ما مر به من ضغوط وحصار وتضليل قد تجاوز مرحلة الثبات القسري، أو بالأحرى مرحلة الردع السلبي إلى مرحلة التقدم الإيجابي؟
في المراحل الأولى من المواجهات سواء في سورية أو روسيا كان الإعلام بحاجة إلى نقلة نوعية لا تكفي فيها الإرادة والفكر والإدراك ولا ينفع فيها التعامل الأخلاقي والاحتكام إلى الضمير الإنساني والقانون الدولي الذي لم تأخذ له الدول المعتدية أي اعتبار أمام غيها ورغبتها العارمة في تحقيق الانتصار بأي ثمن ودون أي ضوابط أو احتكام إلى الشرائع الإنسانية والدولية، ورغم ذلك لم تذهب لا روسيا ولا سوريا لا على المستوى الرسمي ولا الإعلامي ولا الشعبي بالعموم نحو المعاملة بالمثل، إذا كان هنا لابد من بذل جهد أكبر وتحمل وزر ضغوط أكبر وخسارات أشمل مقابل عدم التخلي عن القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية حتى مع أخبث وأقذر الأعداء، ولا نقل هنا إن روسيا وسوريا خسرتا الحرب الإعلامية لا بل كانتا أقوى حجة من الإعلام المعادي وهذا ما جعل قادته وساسته يذهبون نحو الحصار والحظر والمنع والتقييد وفرض العقوبات على وسائل إعلام البلدين منعا لإظهار الحقائق والتقديم المنطقي والموضوعي والمهني لما يجري أمام الرأي العام العالمي وهذه نقطة قوة تحسب للكيانات الإعلامية في البلدين، يجب ترسيخها وتثبيتها والبناء عليها.
![](https://arabic.realtribune.ru/img/uploads/2024/01/1.jpg)
ما الذي يحتاجه الإعلام للانتقال إلى مرحلة تواكب سرعة تطور الأحداث في ظل ثورة التقدم والتطور التكنولوجي والرقمي؟
دون الدخول في تفاصيل العيوب، كونها ليست عيوب بالمعنى الدقيق للكلمة وإنما شبه حالة عجز غير مقصود بالمجمل، خلقتها ظروف ضاغطة وخارجة عن الإطار المعمول به وغير متوقعة وصعبة المواجهة برد فعل سريع يحقق المرجو منه كونها مفاجئة وينقصها في بعض الأماكن بعض الإدارة الخاصة يلفها التجرد عن القيود التقليدية في ظل الحاجة إلى تقنيات وكوادر مختصة في مثل هذا النوع من المواجهات غير التقليدية، يعني هنا لا يمكن لأحد دون مبررات وافية الطرفين أي مسؤولية قانونية ولا إنسانية ولا أخلاقية كما يحاول الطرف المعادي جزافاً، وإنما كان لابد من أن يكون هناك استشعاراً ما عن بعد يجعل المؤسسات الإعلامية في البلدين تتجه نحو حالة خاصة من المواجهة ضمن ظروف حساسة ودقيقة وتحديث في قوانين الإعلام وتطوير الإمكانات واجتراع حلول إسعافية بما يسمح ويعطي مجالاً أوسعا للانتشار والتأثير، وحقيقة هذا في الوقت الحالي تم تجاوزه الى حد كبير لكنه استغرق كثيراً من الوقت وبالتالي حجم الإنجاز لا يتناسب مع حجم الخسارة في حالات كثيرة وهذا أيضاً لم يكن قاتلاً بل مستنداً مبرراً لتجاوز ما هو أصعب، بقي هنا وجوب العمل على إحداث انقلاب نوعي في التعاطي والعمل والتخطيط والتنفيذ مع الأخذ بعين النظر كل الاعتبارات التي أتينا عليها آنفاً.
ماهي برأيكم أهم الخطوات التي يجب العمل عليها في الوقت الحالي لتحسين الانتقال النوعي للإعلام الهادم مع الأخذ بعين الاعتبار الأعباء المتراكمة زمنياً؟
– تحسين قوانين الإعلام بالاعتماد على نتائج تطبيقها في مراحل سابقة، إلغاء ما يعيق التقدم الإيجابي ويمنع التراجع السلبي، وتعديل ما يتطلب تعديله، وإضافة ما يلزم إضافته بما يشكل وحدة توجيه أكاديمي قابلة للتطبيق العملي ويمكن الاستناد عليها في تمتين الأساس والبناء عليه وفق متطلبات العصر الراهن بما فيه الاعتماد على الكوادر الاختصاصية ذات الخبرة والمؤمنة بالأهداف الوطنية المراد تحقيقها، ومنع أي تسرب للكوادر غير المؤهلة مهنيا ونفسياً وأخلاقياً ووطنياً وغير راغبة في العطاء أو قادرة على الإدارة والتنفيذ إلى مراكز القرار تحت أي اعتبار كان.
– تشكيل جبهة مواجهة إعلامية مشتركة يكمل فيها كل طرف نواقص الطرف الآخر لتصبح على قدر من إمكانية المواجهة أو على الأقل الثبات لفترة كافية منعا للتراجع السلبي إلى الخلف ريثما تتشكل الإمكانات والظروف اللازمة لتحقيق التقدم الثابت نحو تحقيق المراد، وهذا يتم عبر:
– وضع خطة سنوية ملزمة من شأنها تطوير الشراكات القائمة بين وسائل الإعلام المحلية الحكومية والخاصة والبحث عن شراكات دولية جديدة مع مؤسسات إعلامية ومنظمات مجتمع مدني ومراكز دراسات ومؤسسات استشارية وبحثية متعددة الاختصاصات ووكالات الأنباء و تنظيم نشاطات وورشات عمل دورية مشتركة.
– توقيع اتفاقيات تعاون قابلة للتنفيذ تخدم مايلي:
-وضع خطة للترويج المتبادل للمحتوى الإخباري، والتشارك في توسيع مساحة البث الإعلامي التلفزيوني والإذاعي والإلكتروني.
– وضع برامج تبادل الزيارات والوفود بكافة الاختصاصات وعلى كافة المستويات
– تحديد اتفاق على تبادل الخبرات ودورات التأهيل والتمكين ورفع المستوى للكوادر
– المشاركة المتبادلة في النشاطات الفردية لكل طرف على حدا وفي النشاطات المشتركة بين الطرفين
– تنظيم منتديات إعلامية دولية تضيء على أهم القضايا والتحديات الراهنة والمنتظرة
– تنظيم مسابقات إعلامية مشتركة بمختلف الاختصاصات لبعث روح التنافس وتشجيع الكوادر المتقدمة وإظهار إمكاناتها ومكامن عطاءها النافع منها وتصويبها إليه واستثمارها بالشكل المطلوب عبر تقديم جميع اشكال الدعم.
– تنظيم جسور إعلامية دورية “أسبوعية – شهرية ” متلفزة حول قضايا هامة يشوبها التضليل الإعلامي من قبل مؤسسات معادية يشارك فيها أصحاب القرار أيضاً.
– عقد سلسلة من الموائد المستديرة حول قضايا الساعة الساخنة أون لاين، وأوف لاين بمشاركة الاختصاصيين والخبراء والمسؤولين المعنيين.
– بناء منصات خاصة، عبارة عن مراكز صحفية للوسائط المتعددة تتمتع بالقدرة على تنظيم الفعاليات والمشاركة فيها سواء من خلال الحضور المباشر أو التواصل عن بعد.
– وضع خطة خاصة تدعم الإسهام في ترويج الأخبار، على وسائل إعلام متنوعة في الفضاء الإعلامي العالمي ، خاصة في مجال الإعلام البديل وتابعه الذكاء الاصطناعي، ولأجل تحفيز ذلك لابد من تمكين وسائل الإعلام وقنوات البلدين بما يلزم مادياً وحيوياً وفنياً وتقنياً، واستحداث بنك مشترك خاص بالكوادر المختصة وبالصور والمعلومات والفيديو.
– وضع لائحة مشتركة بأسماء الشخصيات ذات الاختصاصات الأكاديمية والعلمية النادرة من أجل المشاركة في المنتديات الدولية الرائدة بمختلف توجهاتها، كشركاء وكمشاركين في جلسات الحوار، هذا بدوره يساعد إيصال الصوت وعلى تمكين تواجد الثقل الاعلامي والسياسي والفكري والثقافي على الساحة الدولية ويعزز مكانته وتأثيره، وايضا يدعم السياسات الهادفة.
– تقديم خبراء مختصين بشكل منتظم كمصدر للرأي البديل حول القضايا العالمية الملحة بما يعزز الرأي والالتزام بسياسة الحصول على الخبر من مصدره، وهذا سوف يسهم في توجيه بوصلة الإعلام في ظل التضليل الإعلامي القائم لكثير من الأحداث والقضايا.
-التمكن في عضوية عدد من المنظمات الدولية الوازنة سواء على أساس أشخاص مرشحين مندوبين أو كمؤسسات رسمية وشبه رسمية.
لنفترض جدلاً أن ما تفضلتم به قابل للتنفيذ على الأقل على المدى المتوسط إن لم يكن المدى القريب، ما هو شكل أو مضمون ورقة العمل التي يمكن أن تطرح على أجندة التنمية لهذا القطاع بما يزيد انتشاره وتأثيره وفاعيليته محلياً واقليماً وعالمياً؟
هذا سؤال مهم ومحوري، إذا ما اعتبرنا أن ما أتينا عليه آنفاَ كلاماً أكاديميا قد يفتر إلى بعض آليات التطبيق، وأنه قابل للتفعيل هنا لابد من وضع مجموعة من الخطط والبرامج التي من شأنها تسهم في:
– تدعيم إمكانية ترويج محتوى عمل وسائل إعلام البلدين على المنصات الدولية من تقديم محتوى خاص بسياسات البلدين المنفصلة والمشتركة ومحددة الأهداف والتوجهات، من خلال تشكيل فريق علمي اختصاصي وفني على سبيل المثال لا الحصر تأسيس “منصات رقمية تواكب العصر”.
– تشكيل فريق لتطوير وتقديم المقترحات والمبادرات إلى الوكالات الحكومية والمنظمات الدولية بخصوص القضايا العامة والإسهام في تقديم دراسات واقتراحات وحلول يسهم فيها خبراء المؤسسات الرسمية والسياسية والإعلامية والثقافية والاقتصادية من الأكاديميين وأساتذة الجامعات والباحثين ومن في حكمهم.
– تقديم مبادرات تعزيز الدبلوماسية الشعبية والدبلوماسية الاعلامية للمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.
– توحيد جهود المؤسسات عموماً و الشخصيات البارزة والقوى الاجتماعية ومجتمع الخبراء خصوصاً من أجل تطوير التعاون الدولي ودعم الدبلوماسية العامة من خلال تشكيل لجان أو مجالس أو هيئات مختصة.
– تأسيس منتدى أو مجمع الإبداع الإنساني لتطوير الإسهام في دعم المبدعين في كل أنواع المواهب والاختصاصات من كتاب وادباء ومفكرين وفنانين للمشاركة في المسابقات المحلية ولإقليمية والدولية والتعبير عن قضايانا كل بطريقته ككتلة بشرية منتجة تملك ما يكفي من الإبداع والعطاء غير الجامد، ومن شأنها دعم المواهب على المستوى الوطني وعلى المستوى الفردي في تنمية المواهب والترويج للإبداع والسياسات الهادفة.
الإعلام الروسي حقق نجاحاً يستحق التقدير في إطلالته على الواقع العالمي والعربي وحقق اختراقاً حقيقاً وقوياً خاصة لجهة قضية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وأيضاً لجهة القضية الفلسطينية، سيما الصراع الذي اندلع مؤخراً في اعتداء إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة بالذات، لذا هو أخذ دوراً ملفتاً ويساعد في ذلك سرعة انتشاره جغرافياً في المنطقة بناء على الثقة التي ترتفع نسبتها بشكل تدريجي متسارع لدى الرأي العام في المنطقة وحتى في العالم، خاصة بعد أن كشف الكثير من خفايا تدليس وتدنيس آلة الإعلام الغربي للحقائق وفضحها، وكذلك الأمر الإعلام السوري على قدر إمكاناته وقياساً بحجم الضغوط والظروف القاهرة التي رافقت محاولات خنقه بشتى الأدوات والوسائل الممكنة وغير الممكنة المسموح بها وغير المسموح حقق الكثير ولكن يمكنه أكثر في حال توفرت الإرادة مقرونة بالإمكانات.
طبعا معظم هذه الأفكار والمقترحات ليست جديدة لكن من الضروري جداً التنويه إليها والإضاءة عليها انطلاقاً من ضرورة العمل عليها بسرعة في ظل الثورات التكنولوجية الهائجة وعلى أبواب للاستثمار الصحيح لما يسمى بالذكاء الاصطناعي الذي يعتبر الوحش الغامض القادم والذي لا يمكن التعامل معه دون وجود أساسيات بنوية دقيقة، وبعض ما أتينا عليه أعلاه يمكن اعتباره أقلها، وكما هو محتواه بعموميته يضيء على الإعلام الروسي السوري بنفس الوقت يوضح إلى حد شبه مقبول إطلالة الإعلام الروسي على الواقع العربي وكيف يمكن ويجب تحسينها.
على المستوى السوري الروسي كيف يمكن تفعيل مثل هذه المقترحات أو على الأقل بعضها لتكون نقطة انطلاق لتأسيس قاعدة إعلامية مشتركة للخدمة المتبادلة بين الإعلام السوري والروسي؟
بالحقيقة تحدث الكثير من الزملاء المعنيين في الجانبين الروسي والسوري على حد سواء، سواء على مستوى المناصب الرسمية في المؤسسات السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية وأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني، تحدثوا بوضوح وإسهاب عن الكثير من الأمور الدقيقة والمهمة وقدموا شروحات واقتراحات ومبادرات جداً مهمة ويستحق النظر فيها والعمل عليها، من الصعب علي التفصيل بها الآن، وأكتفي بالحديث عن ما حاولت شخصياً طرحه وهو بطبيعة الحال ضمن إطار ما تفضل به المشاركون.
بالعودة إلى سؤالكم أشرنا إلى العديد الاقتراحات والإجراءات المطلوبة في الأسئلة التي مررنا بها، لكن هنا لابد من لفت النظر إلى أنه يجب ويمكن تفعيل مثل هذه المشاريع بالتعاون على سبيل المثال مع المجموعة الدولية للإعلام “روسيا سيغودنيا” – وكالة الأنباء الدولية والإذاعة “سبوتنيك” إن وكالة “روسيا سيغودنيا” هي عبارة عن مجموعة إعلامية دولية رائدة ممثلة بطيف من الموارد الإعلامية المتميزة في مجال عملها. علمًا أن مهمة هذه الوكالة الدولية تكمن في نقل أخبار المعمورة ووجهات النظر المختلفة حول مجريات الأحداث، بشكل متزن ودقيق وسريع وموضوعي، إلى شريحة واسعة من الجماهير في مختلف دول العالم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الوكالة الدولية لديها برامج إذاعية وتلقيمات الويب باللغات العربية والروسية والإنجليزية والإسبانية والصينية، وكذلك المواقع الإلكترونية بأكثر من 30 لغة من لغات العالم. وهنا لابد من الإشارة إلى أن وكالة “سبوتنيك” لديها مكاتب تمثيلية في أكثر من 20 دولة، بما في ذلك جمهورية مصر العربية منذ عام 2014، حيث يقوم فريق مكتب “سبوتنيك” في القاهرة، المكوّن من أكثر من 60 شخصاً بإنتاج محتوى للموقع الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي، وكذلك البرامج الإذاعية التي يتم بثها ضمن إذاعات مختلف البلدان العربية وعلى موجات أثير FM. كما وأطلقت وكالة الأنباء والإذاعة الدولية “سبوتنيك” في 02 أكتوبر/ تشرين أول 2023 بثاً إذاعياً ناطقاً باللغة العربية على مدار 24 ساعة، من بيروت على موجة 93,6.
يشار إلى أن “بودكاست سبوتنيك أراب بوينت”، الذي لا يحمل علامة تجارية، تصدّر خلال العام الماضي، المراتب الأولى ضمن أضخم ترتيب التسجيلات لدى Apple Podcasts ضمن فئة “عرض الأخبار” (مصر وتونس والبحرين)، وضمن قائمة الـ 10 الأولى للبودكاست في المملكة العربية السعودية والجزائر ولبنان وعمان. إضافة إلى مشاريع التوسع حالياً في أفريقيا عموماً وخاصة دول شمال أفريقيا وبالتحديد في تونس والجزائر وغيرهما، طبعاً هذا إضافة إلى كل ما أتينا على ذكره من أشكال التعاون بين البلدين والتي يجب أن تكون هناك خطة لتوسيعها وتصبح على المستويين الإقليمي والدولي هكذا سيكون الإعلام الذي يواجه الظلم والهيمنة والحروب وتزوير التاريخ والإساءة للقيم والمبادئ الإنسانية أقوى وقادر على إحداث فرملة لهذه الانهيارات وتصويبها نحو المسار الصحيح بما يخدم البشرية جمعاء، وما تحدثنا به أعلاه قدمته في ورقة عمل للمؤتمر.