القاهرة – (رياليست عربي): في خضم تصاعد الأزمة الاقتصادية في مصر التي لم تشهدها البلاد في أي عقود مضت، جاء إعلان أكبر بنكين وهم الأهلي ومصر بفتح الباب أمام المودعين لشهادات استثمار بفائدة سنوية غير مسبوقة وصلت إلى 25%، ليمهد الطريق لعودة شركات توظيف الأموال التي استخدمت اسم “الدين” في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، لتجمع مليارات الجنيهات من المواطنين الذين فضلوا تلك الشركات عن البنوك، في ظل فتاوى خرجت من عباءات دينية تاريخية بحرمانية فوائد البنوك و جواز أرباح شركات التوظيف.
ويعتبر طرح بنوك “مصر” و “الأهلي” هذه النوعية من الشهادات، فتح مجال على موديل الاستثمارات الحالية لعودة هذه النوعية من الشركات ولكن بشكل ومضمون جديد، مما يسهل عليها تكرار تهريب أموال المودعين إلى الخارج بحجة وضعها في صناديق استثمارية وتجارية تدر أرباح ليس بها شبهة حرمانية بحسب الترويج المنتظر من كيانات في طريقها للإنشاء لتجديد هذه التجربة المؤلمة التي جاءت بكوارث مالية على مئات الآلاف من الأسر المصرية.
وكان تيار “الإسلام السياسي” الذي اعاده الى الساحة الرئيس الأسبق أنور السادات وابتعد خلفه “حسني مبارك” عن مواجهته لترسيخ حكمه، عاملا وأساسا رئيسيا لوجود شركات توظيف الأموال التي كانت تحرم أموال البنوك عبر مشايخ تابعين لها ذو تأثير بالرأي العام المصري، أما هذه المرة فإن الحكومة هي التي تمهد الطريق لعودة شركات توظيف الأموال التي تعتبر نهايتها عمليات نصب ونهب كبرى للمواطنين عندما طرحت نسب فائدة ضخمة على شهادات من جانب أكبر بنكين في البلاد، هي على أرض الواقع غير متحققة في ظل ما يفرض على تلك الفوائد والأرباح من ضرائب ليتضح أنها بنفس سعر الفائدة الذي طرح من شهرين وكان عاليا للغاية ويقدر بـ 18 في المئة من نفس البنكين اللذين طرحا الخميس الماضي شهادات بفائدة 25 %، مما أثار استغراب شريحة عريضة من الجمهور التي تبحث عن ملاذ آمن في ظل الانهيارات المتلاحقة للجنيه المصري الذي فقد ما بين 25 إلى 30 % خلال الأشهر الأخيرة بحسب اقتصاديين، وسط تساؤلات عن سبل تحقيق أرباح تلك الشهادات في ظل انهيار القاعدة المصرفية.
وكانت شركات توظيف الأموال ذات ماضي مؤلم للمصريين، انطلق في سبعينات القرن الماضي، وامتد عملها لقطاعات الاقتصاد كافة، ووصل عددها إلى 60 شركة، وكانت تعطي عوائد مالية مرتفعة تفوق فائدة البنوك، مما ضاعف الإقبال على المصارف، حيث كانت تضع تلك الشركات يديها على المليارات من أموال المصريين بالعملة الصعبة لاسيما من خلال تحويلات العاملين في الخارج، حتى وقع خلاف في نهاية الثمانينيات بين تلك الشركات والدولة حين تم اكتشاف ضياع أموال المصريين وتحويلها للخارج بغرض المضاربة في البورصات العالمية.
وتعتبر شركة “الريان”” أكبر شركة لتوظيف الأموال في تاريخ مصر والشرق الأوسط في الثمانينيات، ووضع الكثير من المصريين في ذلك الوقت أموالهم في هذه الشركة نظير عوائد شهرية تراوحت ما بين 24% و100% شهريا، وكانت أرباح “الريان” وقتها من البورصات العالمية تصل إلى عشرات الملايين يوميا، ما دفع الكثير إلى هجر القطاع المصرفي والتوجه إلى شركة الريان لتوظيف أموالهم وإلى وشركات أخرى مماثلة، لدرجة أن عمليات الإيداع من جانب المصريين في صناديق “الريان” تجاوزت 3 مليارات جنية في شهر واحد وذلك عندما كان يساوي الجنيه المصري نصف دولار أمريكي أما الآن فأصبح الأخير يساوي ما يقارب 30 جنيهاً مصرياً.





