موسكو – (رياليست عربي): تشهد العاصمة الكازاخستانية أستانا انعقاد قمة منظمة شنغهاي للتعامل التي يُنظر إليها على أنها نقطة تحول في المشهد الجيوسياسي العالمي. القمة التي تضم قادة الدول الأعضاء تهدف إلى تعزيز التعاون في مواجهة الهيمنة الغربية وبناء نظام دولي جديد يقوم على مبادئ التعددية والاحترام المتبادل.
المصادر الدبلوماسية المشاركة في القمة تشير إلى أن المنظمة تسعى لتعزيز مكانتها كبديل فاعل للمؤسسات الدولية التقليدية التي تهيمن عليها الدول الغربية. جدول الأعمال يتضمن مناقشة إصلاح النظام المالي العالمي وتعزيز استخدام العملات المحلية في المبادلات التجارية بين الدول الأعضاء.
المراقبون السياسيون يؤكدون أن هذه القمة تمثل تحدياً مباشراً للنفوذ الأمريكي والأوروبي، حيث تظهر الدول الأعضاء في المنظمة تماسكاً غير مسبوق في مواقفها تجاه القضايا الدولية. التعاون الأمني والعسكري بين الأعضاء يشهد تعزيزاً ملحوظاً، مع تركيز خاص على مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني.
منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم بين أعضائها كل من الصين وروسيا والهند وباكستان، بالإضافة إلى عدة دول آسيوية أخرى، أصبحت تمثل كتلة جيوسياسية واقتصادية يصعب تجاهلها على الساحة الدولية. حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء ينمو بشكل مطرد، فيما تزداد الاستثمارات المتبادلة في مشاريع البنية التحتية والطاقة.
الخبراء الاقتصاديون يشيرون إلى أن هذه التكتل يسعى لخلق نظام مالي بديل، مع تطوير آليات دفع مبتكرة وتقليل الاعتماد على النظام المصرفي الغربي. هذه التطورات قد تؤدي إلى إضعاف هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية على المدى الطويل.
القمة تشهد أيضاً مناقشات حول تعزيز التعاون في مجال الطاقة، حيث تهدف الدول الأعضاء إلى إنشاء سوق طاقة متكاملة تضمن أمن الإمدادات واستقرار الأسعار. مشاريع خطوط الأنابيب الجديدة وشبكات نقل الطاقة تحظى باهتمام خاص من القادة المجتمعين.
التحديات الأمنية المشتركة تحتل حيزاً مهماً من النقاشات، مع تركيز على مكافحة التطرف والإرهاب والجريمة المنظمة. الدول الأعضاء تتبادل الخبرات والتقنيات لتعزيز أمنها القومي وحماية مصالحها الاستراتيجية.
العلاقات الثقافية والتعليمية بين الدول الأعضاء تشهد أيضاً دفعة قوية، مع زيادة عدد المنح الدراسية وبرامج التبادل الطلابي. هذا التعاون يهدف إلى تعزيز التفاهم المتبادل وبناء جسور الثقة بين شعوب المنطقة.
ختاماً، بينما تتصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية، تبرز منظمة شنغهاي للتعامل كقوة فاعلة في تشكيل النظام الدولي الجديد. نجاح هذه القمة سيكون مؤشراً مهماً على قدرة الدول الناشئة على تقديم نموذج بديل للتعاون الدولي يقوم على مبادئ المساواة والمنفعة المتبادلة.