واشنطن – (رياليست عربي): تدرس الإدارة الأمريكية حالياً إمكانية فرض رسوم جمركية جديدة على واردات البلاديوم الروسي، في خطوة من شأنها أن تؤثر على قطاعات صناعية حيوية في كلا البلدين.
يعتبر البلاديوم من المعادن النفيسة ذات الأهمية الاستراتيجية، حيث يدخل بشكل رئيسي في صناعة السيارات والمعدات الإلكترونية والصناعات الطبية. وتعد روسيا المصدر الأول لهذا المعدن في العالم، حيث تنتج قرابة 40% من الإمدادات العالمية، فيما تمثل الولايات المتحدة أحد أكبر المستوردين لهذه المادة الحيوية.
المحللون الاقتصاديون يحذرون من أن فرض رسوم جمركية على البلاديوم الروسي قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار هذا المعدن عالمياً، مما سينعكس سلباً على الصناعات الأمريكية التي تعتمد عليه. كما أن هذه الخطوة قد تدفع الشركات الأمريكية للبحث عن موردين بديلين، في وقت تعاني فيه سلاسل التوريد العالمية من اضطرابات متعددة.
من جهتها، قد تضطر موسكو للبحث عن أسواق جديدة لصادراتها من البلاديوم، مع احتمال توجهها نحو تعزيز التعاون مع الاقتصادات الآسيوية الكبرى مثل الصين والهند. كما أن هذا القرار الأمريكي المحتمل قد يعزز توجهات روسيا نحو تنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على تصدير المواد الخام.
في السياق الأوسع، تعكس هذه الخطوة استمرار السياسة الأمريكية الرامية إلى الحد من التدفقات المالية إلى روسيا، في إطار المواجهة الجيوسياسية المستمرة بين البلدين. ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن مثل هذه الإجراءات قد تأتي بنتائج عكسية، حيث قد تدفع روسيا نحو تعزيز تعاونها الاقتصادي مع الدول غير الغربية، مما قد يغير خريطة التحالفات الاقتصادية العالمية على المدى الطويل.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الإجراءات تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الروسية الأمريكية توتراً غير مسبوق على خلفية الأزمة الأوكرانية المستمرة. كما أن القرار النهائي بفرض الرسوم الجمركية قد يتأثر بالعديد من العوامل، بما في ذلك الضغوط الداخلية في الولايات المتحدة ومواقف الحلفاء الأوروبيين، الذين يعتمدون هم أيضاً على البلاديوم الروسي في صناعاتهم الحيوية.
في النهاية، فإن أي قرار بفرض رسوم على البلاديوم الروسي سيكون له تداعيات واسعة تتجاوز الجانب الاقتصادي البحت، حيث قد يساهم في تعميق الشرخ بين القوتين العظميين، ويؤثر على استقرار الأسواق العالمية للمعادن النفيسة، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي أصلاً حالة من عدم اليقين وارتفاع معدلات التضخم.