بيروت – (رياليست عربي): دخل مرفأ طرابلس في شمال لبنان على ساحل البحر المتوسط بالجوار السوري، على رأس قائمة الموانئ المهددة بالاستهداف غير المعلوم في الفترة المقبلة، ومن ورائه ميناء صور في الجنوب اللبناني، بعد القصف المتكرر الذي طال ميناء اللاذقية السوري، والذي تُتهم به إسرائيل.
وباتت الموانئ في شرق البحر المتوسط “عملة نادرة” في ظل النقص الذي يطول عددها، بعد أن كانت الضربة الكبرى بانفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب العام 2020، المتنفس الرئيسي للبنان وأحد رئات سوريا في وقت سابق في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد منذ 2011، والآن مرفأ اللاذقية.
وتتصاعد المخاوف في استهداف قريب لميناء طرابلس، في ظل وجود معلومات عن استخدام حزب الله لأرصفة داخل مرفأ طرابلس لإتمام عمليات نقل أسلحة ومعدات عسكرية لصالحه سواء في داخل لبنان أو في مناطق داخل سوريا لقواته هناك.
وتتجه هذه المخاوف نحو إسرائيل التي اتهمت في وقت سابق بتسببها بشكل مباشر أو غير مباشر بانفجار مرفأ بيروت الشهير، ونفس الحال للضربات التي طالت مؤخراً ميناء اللاذقية.
وفي الوقت الذي استبعد فيه البعض، احتمالية استهداف مرفأ طرابلس في ظل صعوبة تخزين الأسلحة والمعدات العسكرية من الناحية اللوجيستية، يعتبر مرفأ بيروت داخل الخدمة بنسب متفاوتة، حيث هناك أرصفة تعمل بكامل طاقتها، وبجانب ذلك، يستخدم أيضاً حزب الله في اعتماده على المعابر البرية مع سوريا أكثر من النقل البحري، فضلاً عن أن مطار رفيق الحريري الدولي “بيروت” يسيطر عليه الحزب من كافة النواحي.
فيما رجح أخرون، استخدام مرفأ طرابلس بجانب مرفأ صور من جانب حزب الله، ولكن استهدافه من الصعب في ظل وقوعه في منطقة معروفة بسيطرة أصحاب الطائفة السنية ورغم أنه من الناحية الظاهرية يستبعد هيمنة حزب الله هناك، لكن يوجد هيمنة مباشرة على بعض الأرصفة من جانب أطراف وشركات وجماعات متحالفة مع الحزب من الباطن، على عكس مرفأ صور الذي يقع في منطقة معروفة بالتواجد الشيعي القوي، ولكن مرفأ طرابلس، على عكس منطقة صور نظراً لخوف حزب الله من تعرض منطقته وقاعدته للخطر.
ويبتعد مرفأ طرابلس عن ميناء طرطوس على نفس الساحل حوالي 70 كم، وعن مرفأ اللاذقية 150 كم، وعن الحدود السورية عبر معبر العبودية 37 كم، وناحية العريضة على الحدود السورية حوالي 30 كم، أما ميناء صور فيبعد عن أقرب حدود مع سوريا ما يصل إلى 130 كم.
وكان قد استهدف قصف جوي إسرائيلي مؤخراً ساحة الحاويات في مرفأ اللاذقية في غرب سوريا منذ أسبوعين، في ثاني استهداف من نوعه يطال خلال الشهر الماضي هذا المرفق الحيوي، وخلال الأعوام الماضية، شنت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سوريا، مستهدفة مواقع للجيش السوري وخصوصا أهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني، واستهدفت ميناء اللاذقية للمرة الأولى في السابع من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ووفق الإعلام الرسمي السوري، عن مصدر عسكري، قال في وقت سابق، إن إسرائيل نفذت الضربات الجوية برشقات من الصواريخ من عمق البحر المتوسط غرب مدينة اللاذقية، باستهداف ساحة الحاويات في الميناء التجاري في اللاذقية، أدى إلى أضرار مادية كبيرة واندلاع حرائق، من دون أن يبين ما تم استهدافه تحديداً في ساحة الحاويات في المرفأ.
كما استهدف القصف الإسرائيلي، حاويات تضم أسلحة وذخائر لا يعلم ما إذا كانت إيرانية المصدر الذي أورد أن القصف تسبب بانفجارات عنيفة تردد صداها في مدينة اللاذقية وضواحيها، عدا عن اشتعال النيران ووقوع أضرار مادية كبيرة في المرفأ والمباني والمنشآت السياحية المحيطة به، وفقاً لنشطاء.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من إسرائيل حول القصف، واكتفى متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالقول: “لا نعلق على تقارير ترد في وسائل إعلام أجنبية”.
وأظهرت صور نشرتها وكالة “سانا” السورية الرسمية، حاويات مبعثرة ونيراناً مندلعة بينها، يعمل عناصر الإطفاء على إخمادها. وأفادت عن عن تضرّر مشفى وبعض المباني والمحال التجارية المجاورة للمرفأ جراء القصف.
واستهدفت ضربة إسرائيلية سابقة في السابع من الشهر الحالي شحنة أسلحة إيرانية مخزنة في ساحة الحاويات، وفقاً لنشطاء، من دون تسجيل خسائر بشرية.
وتتولى السلطات السورية تشغيل مرفأ اللاذقية بخلاف مرفأ طرطوس، الأكبر في البلاد، والذي تتولى إدارته وتشغيله شركة روسية منذ مطلع العام 2019، وقال مساعد مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بولانسكي تعليقاً على القصف الأسبوع الماضي: “لا نعتقد أن أوضاعاً مماثلة تساهم في استقرار الشرق الأوسط أو الوضع في سوريا”.
ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ ضربات في سوريا، لكنها تكرر أنها ستواصل تصديها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.
وتعد إيران الحليف الإقليمي الرئيسي لدمشق، وقدمت لها منذ بدء الأزمة السورية في 2011 دعماً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، كما تقاتل مجموعات موالية لإيران، على رأسها حزب الله اللبناني، إلى جانب قوات الجيش السوري.
وكثفت إسرائيل مؤخراً وتيرة ضرباتها في سوريا، إذ أدى قصف في 16 ديسمبر/ كانون الأول الماضي على مواقع في جنوب البلاد إلى مقتل جندي سوري، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي حينها، وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، قتل خمسة أشخاص بينهم ثلاثة جنود سوريين بقصف إسرائيلي استهدف مناطق في وسط البلاد، وفق حصيلة تم إحصاؤها خلال الأشهر الأخيرة في 2021، تنفيذ إسرائيل قرابة ثلاثين استهدافاً في سوريا، عبر ضربات جوية أو صاروخية، تسببت بمقتل 130 شخصاً، هم خمسة مدنيين و 125 عنصراً من قوات الجيش السوري والمسلحين الموالين للنظام وحزب الله اللبناني والقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها.