طهران – (رياليست عربي). قالت منظمة الاتحاد الوطني من أجل الديمقراطية في إيران إن السلطات الإيرانية كثفت بشكل حاد الضغوط على الأقليات الدينية عقب انتهاء الحرب القصيرة مع إسرائيل هذا الصيف، مشيرة إلى أن المسيحيين واليهود والبهائيين كانوا من بين الفئات الأكثر استهدافاً في حملة قمع داخلية واسعة.
وذكر التقرير الجديد للمنظمة، بعنوان «الإيمان تحت الحصار»، أن المواجهة التي استمرت 12 يوماً وانتهت في يونيو أتاحت للسلطات الإيرانية توجيه جهازها الأمني نحو الداخل، رغم الخطاب الرسمي الذي أعلن “النصر والوحدة الوطنية” بعد انتهاء القتال. وبحسب التقرير، أعلنت السلطات اعتقال ما لا يقل عن 21 ألف شخص بتهمة “الخيانة”، في حملة شملت صحافيين ونشطاء ومواطنين عاديين، لكن الأقليات الدينية تعرضت لاستهداف غير متناسب، غالباً على أساس المعتقد وحده.
وأشار التقرير إلى أن المسيحيين، ولا سيما المتحولين من الإسلام، واجهوا أشد تصعيد. فمنذ انتهاء الحرب، جرى اعتقال ما بين 50 و54 مسيحياً، ولا يزال أكثر من 40 منهم رهن الاحتجاز. وشملت التهم تنظيم صلوات منزلية، حيازة أناجيل باللغة الفارسية، الاحتفال بالأعياد المسيحية، والمشاركة في دورات دينية عبر الإنترنت، حيث جرى التعامل مع لقاءات الصلاة الخاصة باعتبارها “جرائم ضد الأمن القومي”.
كما طالت الحملة الجالية اليهودية في إيران، التي تراجع عددها إلى نحو 9 آلاف شخص مقارنة بأكثر من 120 ألفاً قبل عام 1979. وذكر التقرير أن ما لا يقل عن 35 يهودياً اعتقلوا بتهم تتعلق بالتجسس، على خلفية سفر سابق إلى إسرائيل أو نشاط على وسائل التواصل الاجتماعي اعتبر متعاطفاً معها. ولاحظ التقرير زيادة في أحكام الإعدام بتهمة “التجسس لصالح إسرائيل”، معتبراً أن الهدف الأساسي منها هو الردع وبث الخوف، لا كشف شبكات استخباراتية حقيقية.
أما القمع الأكثر منهجية، بحسب التقرير، فلا يزال موجهاً ضد الطائفة البهائية، أكبر أقلية دينية غير مسلمة في إيران ويقدر عددها بنحو 300 ألف شخص. وأفادت المنظمة بتصاعد المداهمات الليلية، وحالات الاختفاء القسري، وفرض كفالات مالية باهظة، إضافة إلى مصادرة الممتلكات، وإغلاق الأعمال التجارية، وفرض أحكام سجن طويلة على خلفية تهم غير عنيفة صيغت ضمن إطار “التهديد للأمن القومي”.
وأكد التقرير أن المعتقلين في مختلف هذه القضايا غالباً ما احتجزوا دون أوامر قضائية، وحرموا من الوصول إلى محامين، وتعرضوا لفترات طويلة من الحبس الانفرادي. كما وثق مزاعم عن التعذيب، وانتزاع اعترافات قسرية، وتهديد أفراد العائلات. وخلصت المنظمة إلى أن هذه الممارسات تفي بعدة معايير لجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، لا سيما الاضطهاد والاختفاء القسري.
وخلص معدو التقرير إلى أن الحرب مع إسرائيل لم تكن سبباً مباشراً للقمع، بل شكلت عاملاً مسرعاً لإحياء وتوسيع سياسات قائمة منذ سنوات ضد الأقليات الدينية. وحذر التقرير من أن التداعيات الداخلية للنزاع، رغم قصر مدته، مرشحة للاستمرار في ظل بقاء التوترات الإقليمية مرتفعة.






