باريس – (رياليست عربي): ما يقرب من 35 شهراً، ودك غزة متواصل ومستمر أمام العالم، في صمت رهيب، صمت القبور والجبانات، ورفع رايات وشعارات الشجب والرفض والتنديد، ومظاهرات لا تغني ولا تسمن من جوع!!! الجوع الذي ضرب الحجر قبل البشر في مشهد وحادثة من أسوأ الأحداث دموية ولا إنسانية في زمننا المعاصر.
وسط كم هائل من اللقاءات والمؤتمرات والندوات والاجتماعات والمناشدات لوقف الحرب وفك حصار الجوع والعطش، في منظر يعيدنا إلى أزمنة بعيدة لم نرها، ولكننا قرأناها في كتب التاريخ أو سمعنا عنها من السلف، واليوم نراها على الهواء مباشرة، ومن موقع الحدث.
وأخيراً تخرج تصريحات بإعلان غزة منطقة مجاعة، وأن الحرب مستمرة حتى محو غزة، وأنه خلال أسبوعين أو ثلاثة سوف تضع الحرب أوزارها.
ورغم مفاوضات وقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن، التي تسير إلى الأمام خطوة، وترجع إلى الخلف خطوات، ولا نعلم حقيقة الأمور؟
ولكن نتوقف عند تصريح صدر أول أمس بمحو غزة، وهذا أمر خطير للغاية، وله دلالة على أن هذه الحرب ليست من أجل تحرير الرهائن والمختطفين، ولكنها لمحو غزة جغرافياً، شعباً وأرضاً، وقضية فلسطين والعرب والإنسانية كلها.
لقد فقد العالم مصداقيته، وسقطت ورقة التوت، أمام الأجيال الحالية والقادمة، وأن ما يحدث في غزة هو دليل صارخ وحي على عجز وضعف العالم عن وقف الحرب، أو إيجاد حل.
بالأمس راحت وضاعت الأندلس، ولكنها بقيت في التاريخ، شاهداً على أحداث وشخصيات وأسباب الضياع والانكسار، والتي رصدها وجمعها المؤرخون في: عدم المساواة وغياب العدالة، وانتشار مظاهر الترف والبذخ وشيوع الظلم، وموالاة الأعداء، وانتشار الجهل، والدجل والشعوذة، وانتشار الوساطة والمحسوبية على حساب الكفاءة والجدارة والاستحقاق، وغيرها من الأسباب والعوامل.
واليوم غزة، التي فتحها القائد عمرو بن العاص، وهي مسقط رأس الإمام الشافعي، رضي الله عنهما، قد تستطيعوا محو غزة من الجغرافيا، ولكنها سوف تبقى في التاريخ، والتاريخ لا يرحم ولا يجامل.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر – فرنسا.