باريس – (رياليست عربي): احتفل يوم الأحد الماضي (13 يوليو) الدكتور (الطبيب) مهاتير محمد صاحب ورائد نهضة ماليزيا الحديثة بلوغه 100 عام، قرن من زمان من العمل والعطاء، وقد صادف أيضا عيد ميلاد زوجته حسمة محمد علي، التاسع والتسعين، في اليوم السابق.
ومهاتير محمد شغل منصب رئيس الوزراء لمدة 22 عاما متواصلة، من عام 1981 وحتى 2003، وعاد إلى المنصب ذاته عام 2018 بعد أن قاد ائتلاف المعارضة إلى فوز تاريخي، لكن حكومته انهارت في أقل من عامين بسبب الصراعات الداخلية.
ويعتبر مهاتير محمد أيقونة ماليزيا وصاحب معجزة النهضة فيها، بل الملهم لباقي دول النمور الآسيوية: مثل كوريا الجنوبية، والفلبين وفيتنام، تايوان و هونج كونج، وسنغافورة.
فقد تولى رئاسة مجلس الوزراء في 1981 من القرن الماضي، وحتى عام 2003، حقق فيها معجزة ماليزيا الاقتصادية، ونقلها من دولة فقيرة تتلقي المنح والمساعدات والهبات، إلى دولة متقدمة اقتصاديا وعلميا وتكنولوجيا، و إلى دولة تحقق فائض تجاري بلغ 355 مليار دولار أمريكي، وتعتبر ماليزيا ثالث أغنى دولة في جنوب شرق آسيا بعد سنغافورة وبروناي، بدخل للفرد يبلغ 28.681 دولارا، وعدد سكانها 33 مليون نسبة تقريبا، وقد حققت ماليزيا إجمالي ناتج قومي في 2024 بلغ 422 مليار دولار أمريكي، مقارنة بعام 1961 والذي كان 1,97 مليار دولار أمريكي: تصدق الناتج لم يتجاوز 2 مليار دولار عام 1961! يا لا العجب والدهشة !
وقد تولى المسؤولية في ظل بلد يتسم بتعدد القوميات واللغات، والديانات ( 55% منهم مسلمين)، ولكنه اهتم بالتعليم، وترسيخ ثقافة العمل الجماعي والقيم الأخلاقية والإنسانية المستمدة من المفاهيم الإسلامية السمحة، ورفض قيود برامج اصلاح البنك الدولي وصندوق النقد، والمؤسسات المانحة، واعتمد على قدرات الدولة الذاتية.
و تحضرني الذاكرة عندما كنت في تمهيدي دكتوراه (عام مخصص لدراسة 4 مواد، الرسوب في إحداها يعني الرسوب في كل المواد) وفي مادة صياغة السياسات العامة المقارنة، وكان يدرسها العالم العلامة العبقري الدكتور خ. د رحمة الله عليه، وقد طلب من كل طالب إعداد بحث عن السياسات العامة المقارنة في ثلاثة دول على الأكثر، وقد قمت والإعداد وكان من ضمن البلاد/ ماليزيا وغانا ومصر، وعندما قام طالب بتقديم بحثه présentation أمام الجميع، جاء دوري، وعندما ظهر عنوان البحث، وبه ماليزيا، وإذا بالدكتور رحمة الله عليه، يصيح في معارضا علي تناول ماليزيا، حيث كان يفضل اليابان خاصة وأنه عاش وعمل فترة طويلة في اليابان، وقد بررت تناول بحثي لدولة ماليزيا لأنها جديرة بالاهتمام والدراسة، لوجود عناصر مشتركة ونقاط اختلاف وتنوع في مستوى النمو الاقتصادي والموقع الجغرافي.
ولكنه لم يقتنع بذلك، وقد أعطاني في أعمال السنة والحضور 4,5 من 8 وذلك يعني أن امتحان آخر العام يلزم أن أحصل على 7,5 من 12، وهو شيء صعب بل مستحيل، ولكني بتوفيق وبفضل الله حصلت على 8 من 12 (أي بنسبة 75%) فقد كان تحدي كبير لي، رحم الله الدكتور العالم خ.د.
كل التهنئة بمرور قرن من الزمان على ميلاد مهاتير محمد، الرجل النموذج للتفاني في العطاء والعمل العام بإخلاص ووطنية لصالح بلده ووطنه، فهنيئاً له بماليزيا، وهنيئا بماليزيا بهذا الرجل: تحية شكر وتقدير للأستاذ محمد مهاتير.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر – خبير اقتصادي – فرنسا.