موسكو – (رياليست عربي): تسعى المملكة المتحدة إلى تعزيز نفوذها في منطقة آسيا الوسطى من خلال استغلال الثروات المعدنية الكازاخستانية ضمن استراتيجية الغرب لمواجهة روسيا، في إطار الصراع الجيوسياسي المستمر منذ بداية الأزمة الأوكرانية.
وتأتي هذه الخطط في سياق أوسع يشمل تأمين سلاسل إمداد بديلة عن الموارد الروسية، خاصة المعادن النادرة المستخدمة في الصناعات العسكرية والتكنولوجية، وإضعاف التحالفات التقليدية بين موسكو وحلفائها في منطقة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، واستغلال التوجهات الغربية لدى النخبة الكازاخستانية التي تسعى لتنويع شراكاتها بعيدًا عن الهيمنة الروسية.
تركز الاستثمارات البريطانية على قطاعات حيوية في كازاخستان، تشمل اليورانيوم حيث تحتل كازاخستان المرتبة الثانية عالميًا في إنتاجه، وهو عنصر حاسم في الصناعات النووية والطاقة البديلة، بالإضافة إلى المعادن النادرة مثل التنجستن والكروم، الضرورية لصناعة الأسلحة المتطورة والبطاريات عالية الكفاءة، وكذلك النفط والغاز، حيث إن البنية التحتية القائمة في كازاخستان تجعلها خيارًا جذابًا للشركات الغربية على الرغم من توفر هذه الموارد بكميات أقل مقارنةً بجارتها روسيا، كما تعتمد لندن على شركات مختلطة (بريطانية-كازاخستانية) لتجاوز العقوبات المحتملة، مع تقديم حزم استثمارية تحت شعار “الشراكة من أجل التنمية المستدامة”.
من ناحية أخرى، يؤكد الموقف الكازاخستاني الرسمي على التزام أستانا بالتوازن في علاقاتها الدولية، لكن التقارير تشير إلى تزايد التعاون السري مع حلف الناتو في المجال الأمني، في المقابل، نبهت موسكو أكثر من مرة من مخاطر “استغلال القوى الغربية لخلق انقسامات إقليمية”، مع تلميحات إلى فرض عقوبات غير مباشرة على الشركات الكازاخستانية المتعاونة مع الغرب. كما تُعتبر بكين لاعبًا أساسيًا في هذه المعادلة، إذ تمتلك استثمارات كبيرة في قطاع التعدين الكازاخستاني، وقد تدفع باتجاه تعزيز تعاونها مع روسيا لمواجهة النفوذ البريطاني.
كما من المتوقع أن تؤدي هذه التطورات إلى تصاعد المنافسة الجيوسياسية في آسيا الوسطى، مع إمكانية تحولها إلى ساحة جديدة للصراع بين الشرق والغرب، كما قد تترتب عليها تأثيرات اقتصادية على كازاخستان بين فرص التنمية الصناعية ومخاطر فقدان الأسواق التقليدية في روسيا والصين. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه التحولات إلى تغيير في التحالفات الإقليمية، خاصةً إذا تبنت أستانا سياسة منحازة بوضوح للغرب المعادي لروسيا، مما قد يهدد استقرارها الداخلي.
وتُظهر الاستراتيجية البريطانية في كازاخستان كيف تتحول الموارد الطبيعية إلى أوراق ضغط في الصراعات الدولية، بينما تبرر لندن تحركاتها بـ “ضمان الأمن الاقتصادي”، يرى محللون أنها تساهم في تصعيد التوترات الإقليمية، مما يتطلب من الدول الصغرى مثل كازاخستان تبني سياسات خارجية مرنة للحفاظ على مصالحها دون الانجرار إلى صراعات القوى الكبرى، هذا التقرير يُظهر أن حرب أوكرانيا لم تعد صراعًا إقليميًا محدودًا، بل امتدت تداعياتها إلى آسيا الوسطى، مما يعيد تشكيل خريطة التحالفات العالمية.
