باريس – (رياليست عربي): كثير من المؤشرات تقول إن الاقتصاد العالمي في طريقه للانهيار قريبا وليس بعيداً، الحالمون والذين يبيعون الوهم والغرر، في الندوات والمؤتمرات والمحاضرات والاجتماعات، والمقابلات والأحاديث والمقالات، فإن سلعتكم رديئة، لن تشفع لكم أعمالكم، ونهاية طريقكم الندامة والخزي، تحروا الصدق والأمانة والحق في القول والعمل .
بعد أن وصل حجم الدين العالمي للدول مستويات قياسية، لم يصل لها من قبل فقد بلغ ما يقرب من 320 تريليون دولار وهي مديونية مهولة وضخمة للغاية .
كيف وصلت حجم الديون الداخلية للدول لهذه المستويات المخيفة والمرعبة؟ وذلك هو السؤال المطروح حالياً، وذلك بجانب عشرات الأسئلة الأخرى وأهمها، هل يستطيع الاقتصاد العالمي معالجة هذه المشكلة المخيفة؟
وما أسباب تلك المديونيات الدالة إلا دليل على ضعف وسوء إدارة المنظومة السياسات الاقتصادية والمالية للعديد من الدول، صغيرة كانت أم كبيرة.
ويرى كثير من الباحثين والمتخصصين والمهتمين أن سبب ذلك تمادي الدول في الاعتماد على الاستدانة من البنوك والمؤسسات المالية سواء الوطنية أو الدولية، والاعتماد على الأموال والاستثمارات الأجنبية، والتلاعب بقيمة العملات الوطنية أمام العملات الأجنبية، والاعتماد على عائد فوائد البنوك ( إيداع واقتراض) كوسيلة لعلاج معدلات التضخم وارتفاع الأسعار، وكذلك المبالغة في اللجوء إلى طبع النقود دون غطاء انتاجي وطني أو تصديري أو قيمة مضافة حقيقة مقابلها، وكذلك التلاعب في البيانات والمؤشرات المالية وتوجيه الاشاعات وتوجيه وسائل تكنولوجيا المعلومات الحديثة: خاصة منصات التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة لتوجيه أو نظار الرأي العام نحو اتجاهات بعينها تفتقد الي الأمانة والصدق والشفافية.
عدم تنوع مصادر الاستثمار والتركيز علي مجالات وقطاعات استثمارية وخاصة الاستثمار العقاري والسياحي والترفيهي، وهي استثمارات تتسم بضخامة الأموال وطول مدة وضعف عوائدها المالية بالمقارنة بحجم الأموال الكبيرة التي استثمرت فيها.
ويرجح كثير من الخبراء وضع الخبراء والمحللين، أن تدهور الوضع الاقتصادي العالمي، يرجع إلى أداء البورصات العالمية، والتي يتحكم في أدائها كبار أصحاب رؤوس الأموال بجانب نشر بيانات محاسبية التي تظهر مراكز وأوضاع مالية غير حقيقية ومضللة يكون ضحيتها آلاف صغار اللاعبين في البورصات.
ويرى آخرون أن حمى الاستثمار في شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي ترتفع قيمتها السوقية وتخفض بشكل سريع ومتواتر، مما يسبب عواقب وخيمة على أداء الاقتصاد الوطني والعالمي بشكل عام.
كما يرى آخرون أن العملات الرقمية والمشفرة، من أنواع الاستثمار عالي المخاطرة والخطورة، والتي تزداد يوما بعد يوم.
وتأكيدا على ذلك الحجم الهائل الذي يتعرض له الاقتصاد العالمي من عمليات نصب بكافة أنواعه وأشكاله، سواء كان تقليدي أو حديث مستفيداً من اختراق شبكات وقواعد بيانات عملاء البنوك والمؤسسات المالية وضعف الأمن السيبراني.
وجدير بالذكر، أن تقريراُ قد صدر بعنوان “الاحتيال المهني 2024: وهو التقرير الموجه للأمم”، الصادر عن جمعية محققي الاحتيال المعتمدين، عن خسائر عالمية بلغت 3.1 مليار دولار تكبدتها الشركات بسبب الاحتيال.
كذلك تجاوزت خسائر الاقتصاد البريطاني من الاحتيال المالي سبعة مليارات دولار، بعدما تعزز دوره مستفيداً من تقنيات الذكاء الاصطناعي ومواقع التواصل الاجتماعي. فعلى مدى عقود، ظلت عمليات الاحتيال المالي على الأفراد في بريطانيا أسيرة أدوات بسيطة وغير معقدة .
وكشفت لجنة التجارة الفيدرالية الامريكية مؤخرا عن خسارة الأمريكيين نحو 8.8 مليار دولار بسبب الاحتيال ، فى ارتفاع نسبته 30% وكانت اللجنة قد ذكرت فى تقرير سابق أن المستهلكين الأمريكيين أبلغوا عن خسارة أكثر من 5.8 مليار دولار بسبب الاحتيال فى عام 2024، ارتفاعا من 3.4 مليار دولار في 2023، بزيادة نسبتها أكثر من 70%.
أفادت جامعة بورتسموث البريطانية، في تقرير جديد صدر مؤخراً، بأن أكثر من 5 تريليونات دولار، تشكل حجم الخسائر المالية الناجمة عن عمليات النصب والاحتيال الإلكتروني في العالم.
وهو ما يؤكد انه مع زيادة التطور التكنولوجي، وزيادة استخدام الناس حول العالم للهواتف الذكية والتطبيقات التكنولوجية، ارتفعت عمليات النصب والاحتيال في مختلف أنحاء العالم، حتى أنها أصبحت تهدر ملايين الدولارات، بما في ذلك الاحتيال الإلكتروني.
على الجانب الآخر أغلب الدراسات الاقتصادية والمالية تحذر من العملات المشفرة، بأنها أكبر عملية غش وخداع يشهدها العالم فهي عكس بطاقات الائتمان، لا تتمتع مدفوعات العملات المشفرة بحماية قانونية، مما يعني أنه في حالة وقوع خطأ، لا توجد آلية رسمية لاسترداد الأموال. بمجرد إرسال دفعة بالعملات المشفرة، لا يمكن استرجاعها إلا إذا وافق الطرف المستلم على إعادة المبلغ، مما يزيد من مخاطر عمليات الاحتيال ، وهي عالية الخاطر ، وللأسف هناك حمي في العالم في إصدار عملات مشفرة والتي تزيد عن 1000 عملة حالياً ، وحجم اليومي يتخطى الـ 200 مليار دولار يوميا.
التعليق:
مما سبق عرضه يتضح أن الاقتصاد العالمي، يتجه نحو الهاوية، وأنه اقتصاد هش، وان الأوضاع الاقتصادية العالمية تعمل في مناخ ملوث وغير صحي، فاقد الصدق والشفافية، وأنه الصعوبات والأزمات تزداد يوماً بعد يوم وأن ما نراه اليوم من نزاعات وصراعات تجارية وسياسية مسلحة، هي انعكاس ونتيجة لأوضاع اقتصادية صعبة يمر بها العالم، وخير دليل على ذلك أن وصل سعر الذهب إلى مستوي قياسي لأول مرة حيث تخطت سعر للأونصة lingots الـ 3300 دولار، وارتفاع سعر الذهب لهذه المستويات دليل أنه انعدام الثقة في مجالات الأنشطة الاستثمارية الأخرى، وان هناك طلب علي شراء الذهب كملاذ أمن في ظل أوضاع اقتصادية عالمية تتسم بالضبابية والتخبط، وانه يسير على خطوات تماثل ما مر به العالم في فترة ما قبل التضخم الجامح Hyperinflation الذي عان منه العالم، خاصة في ألمانيا وأوروبا.
كما أن المؤشرات والدلائل تنبئ بأن هناك موجه جديدة من الإمبريالية Imperialism العالمية، تريد الهيمنة والسيطرة على مصار الثروة في العالم، وان العالم يعود للوراء .
فهل الأيام القادمة ستثبت صحة هذا التحليل؟ أم أنه مازال عقلاء وحكماء سوف يدركون الحقيقة ويقذوا العالم من الوقوع في دوامة الانهيار؟ وهو إذا حدث سيدفع ثمن ذلك الفقراء والاغنياء علي حد سواء،
عن أي نظام عالمي جديد تتحدثون، ترجون بضاعة فاسدة لعملاء وزبائن قتلهم الجهل والغفلة وتخمة الأموال.
أفيقوا يرحمكم الله.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر – فرنسا.
