القاهرة – (رياليست عربي): يبدو أن معضلة “الكهرباء” في لبنان، في طريقها قريباً إلى الحل، ليتم إسدال الستار عن أزمة تضرب المواطن اللبناني في مقتل، بانقطاع الكهرباء وعدم توفر مصادر للطاقة، وهو الأمر الذي جاء مفتاحه من خلال القاهرة التي ستقوم بتصدير الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، لتكون الطاقة التي تقوم بتشغيل معامل توليد الكهرباء في لبنان، وأيضاً توفير الغاز لشتى احتياجات المواطن اللبناني.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر لبنانية، إنه تم إصلاح خط الغاز بين سوريا ولبنان الذي كان معطلاً منذ مدة طويلة في محلة “قبة شمرا” في “عكار” بشمال لبنان، بإشراف الوفد المصري والوفد السوري وموظفي منشآت النفط في طرابلس، وبات جاهزاً لاستجرار الغاز الذي سيأتي من مصر.
وتعتبر “الكهرباء” هي نصف الأزمة في لبنان، والتي تحتاج لكميات من الغاز ستتعهد بها القاهرة تجارياً في ظل تسهيلات وإمداد لبنان بمعدات وفرق الإصلاح والتشغيل فضلاً عن توفير الخبرة التي تنهي هذه الأزمة التي تأتي في مقدمات قائمة “المعاناة” التي يعيشها اللبنانيين، وهي الأزمة التي ستفتح أيضاً أبواب الاستثمارات الأجنبية وضخ الأموال إلى لبنان، وبالتالي يكون ذلك حلحلة للأزمة المالية والاقتصادية التي يعيش فيها بلاد الأرز.
وكان قد كشف وزير البترول والثروة المعدنية في مصر المهندس طارق الملا، في وقت سابق،عن الموعد الدقيق لوصول الغاز المصري إلى كافة ربوع لبنان لإنارة البلاد، لافتاً إلى أن المسألة إجرائية ولكن من المؤكد سيكون وصول الغاز وبدء عمله في خلال الربع الأول من العام الجديد، والجزء الفني والتجاري تم انتهائه مع الأشقاء في لبنان، والباقي بعض الإجراءات السياسية التي ننتظر آخر المستجدات والموافقات المتعلقة بها.
وأشار إلى أن هناك تنسيق ممتاز من جانب القاهرة مع الجانب اللبناني في هذا الشأن، وتمت مراجعة كافة الأمور التجارية والفنية والاقتصادية وغيره، وفي الوقت الحالي، يوجد جزء فني في لبنان نظراً لعدم عمل الأنابيب التي تحتاج إلى التأهيل والإصلاح بسبب عدم عمل هذه الأجزاء منذ أكثر من 10 سنوات، وهذا ما تقوم به الشركة المصرية تأهيله، موضحاً أن الحكومة الأمريكية داعمة بشكل كبير تصدير الغاز المصري إلى لبنان بشكل قوي، وهناك تواصل مستمر مع واشنطن على مستوى كل القطاعات في هذا الأمر.
ودخل حديث “الملا” في سياق إجابات واضحة عن أسئلة مهمة تتعلق بالعقبات الحالية المتعلقة بوصول الغاز المصري إلى لبنان لحل أزمة الكهرباء في الوقت الذي تعيش فيه بلاد الأرز في ظلام لانقطاع الكهرباء على مدار 24 ساعة يومياً، وما كان يعرف بـ”عقبات” وصول الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا، وموقف الولايات المتحدة الأمريكية من هذا الشأن فيما يتعلق بقانون “قيصر” الخاص بفرض عقوبات على كل من يعمد إلى توفير السلع أو الخدمات أو التكنولوجيا أو المعلومات أو أي دعم من شأنه توسيع الإنتاج المحلي في مجال الغاز الطبيعي والنفط والمشتقات النفطية حيث يمر الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا.
وكان قد أعطى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في النصف الأول من يناير/ كانون الثاني الماضي، خلال لقائه مع رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي خلال زيارة الأخير لمدينة شرم الشيخ في ظل فعاليات منتدى شباب العالم في نسخته الرابعة، توجيهاته لتسهيل والإسراع في تنفيذ نقل الغاز المصري الذي يحتاجه لبنان للمساهمة في حل أزمة الكهرباء، وذلك وفقاً للمعاهدات الموقعة في هذا الصدد.
وأكد رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي مؤخرا، أن الحكومة المصرية تقوم بكل ما يلزم لمساعدة لبنان في موضوع استيراد الغاز من مصر، ولكنه لفت إلى أن الجانب المصري لم يقبل التوقيع على العقد قبل تسلم رسالة أمريكية تفيد بإعفائه من مترتبات قانون قيصر، مشيراً إلى أن حكومته طالبت القاهرة، الكشف على أنبوب الغاز من سوريا إلى لبنان، وأن هذا الأمر يتطلب عملا لفترة 6 أسابيع على الأقل وبتكلفة مليون دولار، وقد بحثنا مع البنك الدولي تمويل الكلفة، موضحاً أنه من خلال استيراد كمية الغاز المطلوبة، يمكن تأمين 450 ميغاوات كهرباء، وهي القدرة القصوى لمعمل دير عمار.
وكان لبنان يسمى بـ”سويسرا الشرق” و”باريس العرب” في عقود ماضية، لعدة مزايا من بينها أن البلاد كانت في إنارة دائماً على ساحله وجباله طوال الليل على عكس ما آلت إليه الأوضاع في الوقت الحالي بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة وانهيار العملة اللبنانية “الليرة” التي أصبح الدولار الأمريكي الواحد يساوي ما يقارب 30 ألف ليرة، لتتدخل القاهرة بخطة دعم ومساندة يشرف عليها ويتابعها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بتوصيل الغاز وتطوير مرفق ومحطات الكهرباء في لبنان.
وفي وقت سابق، أوضح مدير عام المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان د. محمد سيف الدين، أن الغاز المصري سيضيء لبنان في وقت قريب وأن اللبنانيين شعروا بالارتياح وخفف من ضغط الأزمة بمجرد فتح أفق التعاون مع مصر في حل أزمة الكهرباء، مشيراً إلى أن لبنان ينتج أقل بكثير من ربع احتياجات المواطن للكهرباء، و أن الاعتماد كان على البواخر التي كلفة استئجارها أكبر من ثمن بناء محطة ثابتة لتوليد الطاقة. ولفت “سيف الدين” إلى أن كلفة هدر الكهرباء في لبنان وصلت إلى 50 مليار دولار بما يعادل نصف الدين العام ، وأن 12 ساعة كهرباء يومياً تكلف المواطن ضعفين ونصف الحد الأدنى للأجور في لبنان، وتابع:” كهرباء الدولة تصل للمواطن 3 ساعات فقط يومياً وحل أزمة الكهرباء في لبنان تحتاج 2.5 مليار دولار لبناء محطات ثابتة لتوليد الطاقة”، وأردف:”الكهرباء انقطعت في لبنان بالكامل بتوقيت واحد 3 مرات الشهرين الأخيرين منهم مرة ظلت منقطعة 4 أيام”.
