موسكو – (رياليست عربي): تعمل روسيا بنشاط على تعزيز العلاقات مع شركائها في آسيا، ولهذا الغرض، سيزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وفيتنام في زيارة رسمية، وقد تسببت الرحلة المرتقبة بالفعل في رد فعل قوي في واشنطن وسيول، اللتين تواصلان اتهام موسكو بإقامة علاقات عسكرية مع بيونغ يانغ.
ويتعقد التعاون مع كوريا الشمالية بسبب العقوبات، كما لدى الاتحاد الروسي المزيد من الفرص لتعميق التعاون مع فيتنام، لكن هانوي لا تزال تعتمد بشكل كبير على بكين وواشنطن، وتحاول الولايات المتحدة إقناع فيتنام بالتخلي عن الأسلحة الروسية.
وتواصل روسيا العمل في الاتجاه الآسيوي، وتعزيز التعاون مع الشركاء المهمين في المنطقة، بعد تسعة أيام من تنصيبه في شهر مايو/أيار الماضي، توجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى شريكته الرئيسية، الصين، مؤكداً بذلك على أهمية العلاقات الروسية الصينية، ثم قام رئيس روسيا بزيارة أوزبكستان التي يعتبر اقتصادها بعد كازاخستان الأكبر بين دول آسيا الوسطى الخمس، والآن جاء دور شركاء موسكو غير التقليديين، ولكنهم واعدون ومهمون للغاية من وجهة نظر استراتيجية: كوريا الشمالية وفيتنام، وفي كلتا الحالتين، من المتوقع أن يتم اتخاذ قرارات مفيدة للطرفين وسيتم التوقيع على عدد من الوثائق المهمة.
وفي الفترة من 18 إلى 19 يونيو، سيقوم فلاديمير بوتين بزيارة رسمية إلى جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وقد تمت دعوته شخصياً إلى بيونغ يانغ من قبل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بعد زيارته إلى فلاديفوستوك في سبتمبر 2023، جاء بوتين إلى كوريا الشمالية قبل أكثر من عشرين عاماً، في بداية ولايته الرئاسية الأولى، وفي يوليو 2000، التقى الزعيم الروسي بالرئيس السابق لكوريا الديمقراطية كيم جونغ إيل، ووفقاً لمساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، فمن المقرر إجراء مفاوضات بين الزعيمين وبصيغة موسعة، ويرافق بوتين وفد مثير للإعجاب يضم رؤساء وزارات الخارجية ووزارة الدفاع ونواب رئيس الوزراء والمديرين العامين لشركة روسكوزموس والسكك الحديدية الروسية، وسيناقش الطرفان التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة والنقل والزراعة بالإضافة إلى القضايا الأمنية والتعاون على الساحة الدولية، كما ستكون التجارة موضوعاً مهماً، خاصة وأنه في عام 2023، زاد حجم التجارة المتبادلة تسعة أضعاف.
وليس من المستغرب أن تكون الزيارة المرتقبة قد أثارت بالفعل رد فعل قوي في واشنطن وبين أقرب حلفائها في المنطقة، وناقش نائب وزير الخارجية الأمريكي كيرت كامبل رحلة بوتين مع النائب الأول لوزير الخارجية الكوري الجنوبي كيم هونغ كيون، وبعد ذلك اتفق الطرفان على مراقبة الوضع عن كثب، وشدد الدبلوماسي الكوري الجنوبي على أن زيارة بوتين “لا ينبغي أن تؤدي إلى زيادة التعاون العسكري بين بيونغ يانغ وموسكو في انتهاك لعقوبات الأمم المتحدة”.
في الآونة الأخيرة، أشارت واشنطن وسيول، دون أي دليل، بشكل موحد إلى قيام كوريا الشمالية بتزويد روسيا بالأسلحة في مقابل المساعدة التكنولوجية المزعومة من موسكو، على سبيل المثال، الغرب واثق من أن الجانب الكوري الشمالي نقل صواريخ وقذائف إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا، وموسكو بدورها ساعدت بيونغ يانغ في إطلاق أول قمر صناعي للاستطلاع إلى مداره في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ومع ذلك، رفضت روسيا مراراً وتكراراً وبشكل قاطع الاتهامات بالتعاون العسكري الفني غير القانوني.
وانهال اللوم على الاتحاد الروسي على خلفية التبادلات المتزايدة بين البلدين، وفي فترة عدة أشهر في عام 2023، جاء وزير الخارجية سيرجي لافروف ورئيس وزارة الدفاع الروسية آنذاك سيرجي شويغو إلى كوريا الديمقراطية، كان الغرب قلقاً بشكل خاص من قيام كيم جونغ أون، خلال زيارته في سبتمبر/أيلول، بزيارة قاعدة فوستوشني الفضائية، حيث عُرض عليه، على وجه الخصوص، عملية تجميع مركبة الإطلاق “أنجارا” ومجمع الإطلاق لمركبة “سويوز”، وبعد ذلك، أعلن بوتين عن آفاق التعاون العسكري التقني مع كوريا الديمقراطية، لكنه أكد على الفور أن “هناك بعض القيود” التي تلتزم بها روسيا.
وتدعو موسكو فقط إلى مراجعة نظام العقوبات لأجل غير مسمى ضد كوريا الديمقراطية، وفي مارس 2024، استخدمت روسيا في مجلس الأمن حق النقض (الفيتو) ضد تمديد ولاية فريق الخبراء الذي يراقب الامتثال لهذه التدابير، الأمر الذي أثار انتقادات واشنطن مرة أخرى، ثم أشارت الممثلة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى أن روسيا تأخذ العقوبات على محمل الجد، الأمر الذي يخدم الحفاظ على السلام والاستقرار، لكنها أضافت أن القيود التي لا نهاية لها “تؤدي إلى حصار مالي واقتصادي للدولة بأكملها مع كل ما يترتب على ذلك من عواقب”. بالنسبة للسكان.”
وفي تعليقه على مخاوف الدول الغربية عشية زيارة بوتين إلى بيونغ يانغ، أكد السكرتير الصحفي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف على حق روسيا في التعاون مع كوريا الديمقراطية، وكما أشار أحد المسؤولين في الكرملين، فإن “إمكانية تطوير علاقاتنا الثنائية عميقة للغاية”.
بالتالي، إن الهدف الأساسي من الزيارة هو تحديد آفاق التعاون على المستوى الاستراتيجي، مع الأخذ في الاعتبار الوضع الدولي الحالي، لأنه بعد زيارة كيم جونغ أون، انخفض مستوى الاتصالات عبر الحدود والاتصالات الوزارية، وهذا يدل على تورط خطير للغاية، وهذا يشير إلى أن قمة كبار المسؤولين ستناقش أيضاً الرد على تشكيل كتلة واشنطن-طوكيو-سيئول، التي تبرر وجودها بالتهديد من كوريا الشمالية والتعاون «السري» بين موسكو وبيونغ يانغ.
أما بالنسبة لفيتنام، إن تطوير التعاون مع فيتنام لا يسبب رد فعل عنيفاً من الغرب – فالبلاد لا تخضع لعقوبات ولديها سياسة دولية متوازنة إلى حد ما، وينطبق الشيء نفسه على العلاقات مع روسيا.
