باريس – (رياليست عربي): لطالما كانت روسيا مصدر قلق كبير للأمريكيين الذين لا يريدون أن يروا ظهور قوة كبرى خارجة عن سيطرتهم في القارة الأوراسية، هنا من المفيد أن نتذكر أنه بالنسبة إلى زبغنيو بريجنسكي، أحد المهندسين الرئيسيين للسياسة الخارجية الأمريكية المعاصرة، تعتبر أوروبا الغربية “محمية أمريكية”، خاصة بعد أن رفضت موسكو أن تكون جزءاً من هذه المستعمرة، حينها أطلق الصقور الأمريكيون مخالبهم ضد روسيا.
وبالنظر إلى أن روسيا أصبحت مرة أخرى قوة عظمى، فإن رد فعل الولايات المتحدة الأمريكية أصبح أكثر تشدداً، خصوصاً عندما يطلق الروس والدول الأوروبية الأخرى مشاريع اقتصادية مشتركة، تتدخل واشنطن بشكل محموم لعرقلة هذه المشاريع، سواء كانت الحرب ضد الإسلاموية، أو نقل المحروقات، أو التطعيم، أو التجارة، من هذه المنطلقات تعتقد واشنطن أنها تضمن أن يكون هناك أقل عدد ممكن من التبادلات بين “المحمية الأوروبية” وروسيا، التي تتمثل جريمتها الوحيدة في الرغبة في أن تكون دولة ذات سيادة غير خاضعة لبلاد العم سام.
فرضت الولايات المتحدة العديد من العقوبات الاقتصادية ضد الكرملين، وأجرت التدريبات العسكرية مع حلف الناتو على الحدود الروسية والتي من الواضح أنها لم تخرج بالنتائج المُراد أن تكون عليها، رغم ذلك، لا يزال الاقتصاد الروسي يقاوم العقوبات بشكل جيد، ووفقاً لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، قد أظهر الجيش الروسي مؤخراً أنه لا يخشى مناورات الناتو العسكرية، وأن استراتيجية التخويف والإكراه التي يتبعها المعسكر الغربي ضد روسيا، لا تعمل وتنتج تأثيراً معاكساً لما هو مُراد أن تكون عليه. إن روسيا ليست منزعجة من إيماءات وتهديدات الأطلسي، فكلما زادت تهديداتهم كلما اقتربت أكثر فأكثر من الصين، التي من المقرر أن يتجاوز اقتصادها الاقتصاد الأمريكي في السنوات القادمة.
فقد مد الرئيس الصيني شي جين بينغ البساط الأحمر يوم الجمعة الماضي للترحيب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بكين قبل حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، وشجب المعسكر المضاد للغرب، توسع حلف الناتو وإنشاء تحالف أنغلو – ساكسوني جديد AUKUS بين بريطانيا العظمى والولايات المتحدة وأستراليا (الأمر الذي كلف فرنسا خسارة عقداً لغواصات تبلغ قيمته عدة مليارات من اليورو). في مواجهة تقدم القوات الأطلسية.
بالمقابل، بدأت الصين وروسيا، بدورهما في إجراء مناورات عسكرية؛ ووقع الشريكان عقداً مدته 30 عاماً لنقل الغاز الروسي إلى الصين، ويواصلان التنمية التجارية بعيداً عن هيمنة الدولار الأمريكي.
في هذه الأثناء ، تتسكع أوروبا مع الولايات المتحدة، الأخيرة قد تستفيد والاقتصاد الأوروبي يتعثر.
خاص وكالة رياليست – نيكولا ميركوفيتش – كاتب ومحلل سياسي صربي.