موسكو – (رياليست عربي): في تطور دبلوماسي بالغ الأهمية، أعلنت الحكومة الروسية رسمياً اعترافها بحكومة طالبان في أفغانستان تحت مسمى “الإمارة الإسلامية الأفغانية”، وذلك وفقاً لما نقلته مصادر دبلوماسية روسية.
وجاء هذا القرار بعد سلسلة من المشاورات المكثفة بين الجانبين الروسي والأفغاني، وكذلك بعد تقييم شامل للأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد.
وقد صرح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين بأن “هذا القرار يأتي بعد دراسة متأنية لالتزام حكومة طالبان بالمعايير الدولية، بما في ذلك تشكيل حكومة شاملة وضمان الأمن ومنع استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد جيرانها”. وأضاف بيسكوف أن “روسيا تقدر الجهود التي تبذلها قيادة طالبان لتحقيق الاستقرار في البلاد بعد سنوات من الحرب الأهلية”.
من جانبه، رحب المتحدث باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد بهذا الاعتراف، واصفاً إياه بأنه “خطوة تاريخية في مسار العلاقات الثنائية”. وأكد مجاهد في تصريح صحفي أن “كابول تتطلع إلى تعزيز التعاون مع موسكو في مختلف المجالات، وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية”.
ويأتي هذا الاعتراف الروسي بعد أشهر من المشاركة النشطة لوفود طالبان في المنتديات الدولية التي استضافتها روسيا، بما في ذلك اجتماعات موسكو التنسيقية حول أفغانستان، كما سبق أن استقبل المسؤولون الروس وفوداً من طالبان عدة مرات في العاصمة الروسية لمناقشة قضايا التعاون الثنائي.
وعلى الصعيد الدولي، أثار هذا القرار الروسي ردود فعل متباينة. حيث رحبت به بعض الدول مثل الصين وإيران وباكستان، بينما أعربت دول غربية عن تحفظاتها. فقد صرحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية بأن “واشنطن لا تزال لديها مخاوف جدية بشأن حقوق الإنسان في أفغانستان، وخاصة ما يتعلق بحقوق المرأة والتعليم”.
من الناحية الاقتصادية، يُتوقع أن يفتح هذا الاعتراف آفاقاً جديدة للتعاون بين البلدين، خاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتجارة. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت قد أبدت اهتماماً سابقاً بالمشاركة في مشاريع استراتيجية في أفغانستان، بما في ذلك خطوط أنابيب الغاز ومشاريع التعدين.
ويحلل الخبراء هذا الاعتراف الروسي كجزء من استراتيجية موسكو الأوسع لتعزيز نفوذها في آسيا الوسطى، وكذلك كبادرة لتأكيد سياسة روسيا الخارجية المستقلة عن الغرب في التعامل مع الملف الأفغاني، ومع ذلك، يشير مراقبون إلى أن نجاح هذه الخطوة سيعتمد بشكل كبير على مدى التزام طالبان بوعودها فيما يخص الحكم الشامل وحقوق الإنسان والالتزامات الدولية.