منذ تأزم الحالة الليبية في عام 2014 ظلت تحالفات المتنفذين في مدينة مصراته قوية وتصب في جانب واحد وهو الدفع بشخصيات من هذه المدينة لمواقع لمسئولية واستحواذ مليشياتها على المواقع المهمة في غرب ليبيا ، وخضوع الحكومة والمؤسسات لقوة نفوذها. غير أنه خلال الأسابيع الماضية أصيبت هذه الجبهة بتصدع كبير ينذر بانفراط عقد التحالفات داخل هذه المدينة، وظهور نتائج الخلافات إلى السطح ، وتُعزى أسباب هذه الحالة إلى عقد اتفاق بين قيادة الجيش الليبي، ونائب رئيس المجلس الانتقالي أحمد معيتيق أحد شخصيات مصراته الهامة والمتنفذة في غرب البلاد.
وأبانت مواقف وتصريحات شخصيات كثيرة من مصراته عن حالة الاختلافات التي طالت حلفاء الأمس من أبناء مصراته، حتى أن شخصيات كانت في قمة التشدد نحو قيادة الجيش صارت أكثر لينا ودعوة للحوار والتسامح. وسيكون لهذا التبدل في المواقف بين قيادات مصراته تغير في مسارات وقناعات عدة تيارات في غرب البلاد بحكم أن مصراته تقود أغلب مناطق غرب ليبيا، كما أنها تمتلك التأثير المسلح الأقوى في غرب البلاد، كما أن كافة التوجهات والتيارات في الغرب ستتغير بوصلتها نحو التوافق مع رغبة الليبيين، وكذلك ما تمليه بعض الضغوطات الدولية نحو مسار جديد لحل الأزمة الليبية.
ونصح القيادي فرج اخليل آمر سلاح المدفعية في حكومة الوفاق قادة الكتائب وأمراء الفصائل المسلحة من مدينة مصراته، بأن يغلبوا منطق العقل ويكفوا عن رفع الشعارات والتي لا تعني إلا استمرار الحروب. وأضاف اخليل في تدوينة عبر صحته الشخصية على الفيسبوك بضرورة أن يبتعد المسلحين عن من أسماهم بأصحاب رؤوس الأموال، لأن هؤلاء يزدادون أموالا بهم وببنادقكم. كما وجه انتقاده لطائفة رجال الأعمال من مصراته الذين جمعوا أموالهم من الدولة وفاقت المليارات، مبينا بأنهم السبب الرئيسي في استمرار الحروب، مطالبا بقفل الباب أمام كل سياسي أو متقلد منصب بطرابلس.
وأكد اخليل بأنه على مصراته أن تفتح حوار وقناة تواصل مباشرة مع المنطقة الشرقية “برقة” واختيار جسم يمثلهم لتشكيل حكومة وحده وطنية لا يكون فيها اي اسم استهلك أو أي وجه من الوجوه الحالية. ومثَّل التيار الرافض لهذا التوجه عدة شخصيات منها أحد قادة المليشيات في مصراته أحمد الروياتي ، الذي انتقد موقف أحمد معيتيق وتقاربه من المشير حفتر، واصفا معيتيق بأنه يسعى وراء مكسب شخصي له، وأنه وقع ضحية لعبة سياسية خطيرة من جانب قيادة الجيش الليبي.
وأشار الروياتي في تصريح لقناة ” الأحرار ” الليبية والتي تبث من تركيا بأن حفتر بهذه الخطوة يريد تأكيد قوته وسطوته التي يبسطها على الشرق، وهي رسالة منه لكل الأطراف المجتمعة أنه ما زال موجودا على الأرض ويتحكم في إنتاج النفط، وذلك بهدف ضمان حصة ثابتة في أي تسوية قادمة. وأنتقد الروياتي الموقف الأمريكي عبر سفارتها في طرابلس واصفا موقفها بأنه يفتقر لوجود إرادة أمريكية لحل موضوع إغلاق النفط من جذوره، وهي تحاول ضمان الإبقاء على وقف إطلاق النار، في محاولة لكسب الوقت، وصولا للانتخابات الأمريكية ، وانتظار النتائج.
وبالطبع سيكون لهذه التجاذبات بين قوى مصراته، وأيضا تغير مواقف عدة شخصيات وتيارات من الجيش الليبي ، وكذلم محاولة التقارب الجديد مع اقليم “برقة ” شرق ليبيا، سيكون له تغير كبير في كثير من المعطيات على المتنفذين في غرب البلاد سواء مسلحين أو سياسيين.