بكين – (رياليست عربي): تتصاعد نبرة التصريحات بعيد انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي – الناتو في بروكسل، بين الصين والحلف، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، حيث اعتبرت الخارجية الصينية أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ “ينشر التضليل”، رداً على اتهامه لها بتوفير دعم لروسيا في حربها بأوكرانيا.
لا تزال الصين، العدو اللدود للولايات المتحدة الأمريكية، تجارياً لا عسكرياً، لكن فيما يبدو أن أزمة شبه جزيرة تايوان قد تكون الوقة القادمة للاستثمار الأمريكي ضد بكين، مع تهيئة الأجواء كلها لإشعال هذا الملف، بالتزامن مع خنق روسيا اقتصادياً على خلفية الحرب على أوكرانيا، الملفان مرتبطان بعضهما ببعض، أمريكا لا تريد لأي قوة أن تنافسها مهما بلغ حجمها عسكرياً، خاصة وأن واشنطن تعتمد الحرب ضدهم دون قتال، وعبر أدوات وأسلحة باتت معروفة لعل أشدها سلاح العقوبات.
الصين كما روسيا، لديها من الأسلحة الكثير الذي من الممكن أن تواجه به الولايات المتحدة، عسكرياً واقتصادياً، إلا أن الهدوء الصيني على عكس روسيا التي تتسم بالمواجهة المباشرة، يبدو أنه أقل حدة عما يجب أن يكون، لنخرج بسؤال مهم جداً، وعلى فرض أرادت بكين دعم روسيا بأي شكل من الأشكال، فهما حلفاء الأمس وليسا وليدا تشكل عالم جديد، فإن في تعاونهما ضربة مرتدة لواشنطن التي تعتقد أنها ربما خنقت موسكو إلى حد ما، عبر العقوبات المدروسة التي تفرضها عليها وخاصة تلك التي تشل عصب الذكاء الاصطناعي وهو القطاع الذي يشكل مستقبل القوى والهيمنة في العقد القادم، ولتحقيق ذلك قامت بمنع تصدير أشباه الموصلات semiconductors الى روسيا، فكان الرد الروسي بالسيطرة على المعامل الأوكرانية التي تنتج مادة النيون التي تعتبر مادة أساسية في صناعة أشباه الموصلات، هذه المعامل تنتج ما قرابته 80% من حاجة العالم، فسيطرت روسيا على المعمل الأول في مدينة ماريوبول وهو متوقف بالكامل، والمصنع الثاني موجود في مدينة اوديسا وأيضاً هو متوقف بالكامل، وقيد السيطرة، ما يعني استطاعة الاستخدام لصالح روسيا متاحة متى رغبت.
وهذا ينطبق على الصين، التي من المؤكد أنها لا تحتفظ بأصولها وقطعها الأجنبي في أي دولة غربية،وهي التي لها باع طويل من العقوبات والخلافات مع واشنطن، ليكون فقط الخلاف، أنها تعتمد الدبلوماسية الهادئة ولا تريد أن تفتح على نفسها أية مشاكل في الوقت الحالي.
بالتالي، بكين وإن أظهرت الحياد، لكنها تبقى أقرب لموسكو منها لواشنطن والعواصم الغربية في موقفها من الأزمة الأوكرانية المحتدة، مستبعدين أن تفلح الضغوط الأميركية في ثنيها عن ذلك، خاصة وأنها تعرف في حال هزيمة روسيا، ستكون هي التالية، وهي تلعب على عامل الوقت لتأمين نفسها من كافة النواحي مفترضة أسوأ السيناريوهات، حتى تهدأ الأوضاع، وفي سيناريو آخر، من الممكن أن يقرب ذلك موسكو وبكين، ويوجهان ضربات متتالية للنظام الدولي، حتى تتشكل مرحلة جديدة لا هيمنة أحادية فيها.
خاص وكالة رياليست.