دمشق – (رياليست عربي): في خرق فاضح للقوانين والاتفاقيات الدولية تعمد الولايات المتحدة الأمريكية باستمرار عملها ببناء مشاريعها البيولوجية المحرمة دولياً، حيث بات واضحاً ومن خلال العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا أن واشنطن ما زالت تعمل على تطوير واستحداث وتخزين واستخدام هذه الأسلحة البيولوجية العسكرية، وهذا ما أكدته وزارة الدفاع الروسية التي أكدت وجود ثلاثون مختبراً بيولوجياً أمريكياً ممولاً من البنتاغون بأكثر من ٢٠٠ مليون دولار وهذه المختبرات تم إنشاؤها على الحدود الأوكرانية – الروسية بما يشكل خطراً مباشراً على روسيا.
لتأتي تصريحات ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الكرملين لتكشف اللثام عن أنواع الأمراض الفتاكة التي كانت تحضر في المختبرات البيولوجية الأوكرانية وبالوثائق التي حصلت عليها روسيا من موظفي المعامل البيولوجية الأوكرانية المتمثلة بمسببات الأمراض التالية (الطاعون، الجمرة الخبيثة، والتولاريميا، الكوليرا) بالإضافة إلى فيروس كورونا وأمراض فتاكة أخرى.
وبالنظر إلى هذه التصريحات التي أكدها أكثر من مسؤول في الكرملين وما تبعها من بيان للخارجية الصينية التي أشارت لوجود أكثر من 336 مختبراً بيولوجياً أمريكياً موزعين على 30 دولة في العالم وطالبت واشنطن بتقديم إيضاحات حول عمل هذه المختبرات ونشاطها، يكون العالم أمام مرحلة جديدة من كشف الحقائق، مرحلة يقف الجميع فيها أمام مفصل مهم من تاريخ ومستقبل وسلامة البشرية جمعاء .
طالبت روسيا عبر سفيرها في واشنطن بتقديم توضيحات حول وجود المختبرات البيولوجية في أوكرانيا وبشأن ما صرحت به بكين لهذا الكم الهائل من المختبرات البيولوجية الأمريكية حول العالم، وما يقلق هنا هو الإنكار الأمريكي الذي يضعنا أمام تحليل الموقف والتصريحات الأمريكية، فالإنكار الذي يقف على أرضية هشة من الدلائل يزيد من تعزيز القول بخلاف ذلك الإنكار وأن الولايات المتحدة الأمريكية تتجاوز كل ما هو متعارف ومقر به دولياً من العمل على تفعيل وتشغيل المئات من المختبرات البيولوجية والتي بلا شك وبما تحمل أمريكا من سوابق في هذا الإطار فإن هذه المختبرات تشكل أوكار للتحضير لأسلحة بيولوجية خطيرة جداً ولا تنحصر خطورتها على فئة أو دولة دون أخرى .
هذه المختبرات الأمريكية البيولوجية والتي كانت المخابرات البريطانية اول من دافع عنها عندما اتهمت روسيا بالتضخيم في اتهاماتها بهدف تبرير الغزو، ليأتي تأكيد صحة الرواية الروسية من منصة مجلس الشيوخ الأمريكي وعبر تصريح لنائب وزير الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند التي أعربت عن مخاوفها من وصول القوات العسكرية الروسية إلى المختبرات البيولوجية الأمريكية الموجودة في أوكرانيا خلال العملية الخاصة الجارية وأن بلادها تعمل حالياً مع الأوكرانيين على كيفية منع أي مواد تتعلق بهذه الدراسات من الوقوع بيد القوات الروسية، والسؤال المنطقي هنا: ما هي دواعي هذا الخوف الأمريكي الذي عبرت عنه نولاند إذا كانت محتويات هذه المختبرات هو أبحاث عادية ؟!
هذه المستجدات المهمة في مسار العملية العسكرية الروسية والتي كشفت عن هذه المختبرات البيولوجية الأمريكية وضعت شعوب العالم أمام تحديات أكثر خطورة من ارتفاع أسعار السلة الغذائية الناتجة عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية على روسيا، فالعالم الذي عانى من انتشار الأوبئة والفيروسات والتي حسب ما تشتهي واشنطن لن يكون آخرها وباء كوفيد -19 الذي أودى بحياة ملايين البشر حول العالم وحتى يومنا هذا هناك ناس يموتوا من هذا الوباء، وتستمر أمريكا بإنتاج هذه الأمراض التي تستخدمها ضمن منظومة أدوات الحرب الناعمة التي لا تتكبد واشنطن بصناعتها تكاليف باهظة .
دأبت واشنطن في سياساتها الخارجية على اتهام خصومها بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، وتحت هذه الذريعة احتلت العراق لعقد من الزمن وتركت فيه آثاراً لن تمحوها السنين عبر استخدامها للأسلحة البيولوجية العسكرية لقتل الشعب العراقي ليبقى أثر هذه الأسلحة على الأطفال والأجنة المشوهة.
لكن يبقى السؤال الأهم هنا من يحاسب أمريكا؟
بالرغم من وجود الدلائل والإثباتات على استخدام أمريكا لأسلحة بيولوجية عسكرية واستمرارها بنشر هذه المختبرات في أكثر من دولة حول العالم، من يحاسب أمريكا على هذا الإجرام بحق الإنسانية جمعاء ومن يملك القوة الكافية لمعاقبة أمريكا أو منعها من امتلاك هذه المعامل الفتاكة ويقوم بتدمير ترساناتها البيولوجية هذه كما تم تدمير المعمل البيولوجي التابع للاتحاد السوفييتي في سيبيريا.
وهل ستخضع أوكرانيا لطلب منظمة الصحة العالمية وتدمر كل الأمراض والجراثيم في معاملها البيولوجية ومنع انتشارها؟.. أم أن الحفاظ على قانون الغاب هو السمة الأبرز المهيمنة على المشهد الدولي وستبقى منظمة هيئة الأمم المتحدة بديباجيتها وكل ما أسست لأجله مجرد أداة بيد واشنطن وحلفائها لتبقى شعوب العالم مرتهنة لقانون الغاب الأمريكي الذي لا يحاسب على جرائمه لأنه الأقوى، أم سنرى تصحيحاً لهذا القانون عبر إحداث تغير في موازين القوى الدولية بما يجبر واشنطن على الكشف عن هذه المختبرات وتدميرها .
وفي قراءة سريعة للعناوين التي تبنتها معظم وسائل الإعلام العالمية والتي اتخذت من شيطنة روسيا الاتحادية غاية وسخرت لأجله ألف وسيلة، فهل سنرى تبدلاً في هذه العناوين بما يخدم الإنسانية جمعاء من خلال تسليط الضوء على هذه المختبرات وفضح برامجها الجرثومية التي تشكل التهديد الأكبر على مستقبل الحياة الإنسانية بما يشكل حالة وعي لدى الشعوب تدفع بالدول والحكومات لاتخاذ خطوات جريئة تحفظ لهم أمنهم الصحي الذي هو جزء من الأمن القومي للدول.
خاص وكالة رياليست – الدكتورة حسناء نصر الحسين – باحثة في العلاقات الدولية –سوريا.
