قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس: إن الولايات المتحدة “تركز على السلوك المستقبلي” للسعودية بعد العقوبات التي فرضتها على بعض مسؤولي المملكة فيما يتعلق بمقتل الصحفي جمال خاشقجي والتي لم تشمل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وفي ذات السياق، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي: إن الولايات المتحدة تحتفظ بحق فرض عقوبات على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المستقبل إذا لزم الأمر، مضيفة، أنه “بالطبع نحتفظ بحق اتخاذ أي تحرك في أي وقت وطريقة نختارها”، وتاريخياً، الولايات المتحدة، خلال حكم رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين، لم تفرض عقوبات عادة على زعماء حكومات الدول التي لنا علاقات دبلوماسية معه.
ازدواجية المعايير
إن ما تمارسه الإدارة الأمريكية الجديدة في أولى أيامها، حيال الضغط على السعودية الحليف الأقوى للولايات المتحدة في الشرق الأوسط عموماً، وفي منطقة الخليج على وجه الخصوص ليس بريئاً لجهة التوقيت، فلم يسبق لأي إدارة سابقة أن تعاملت مع الرياض بهكذا حدة وخاصة في حقل “حقوق الإنسان” الذي تعرف واشنطن تاريخه بشكل كامل، فما هو الجديد إذاً، حتى رفعت أمريكا سقف لهجتها مع السعودية؟
إن إثارة ملف حقوق الإنسان ومقتل الصحفي جمال خاشقجي، قد يكون سلاح الرئيس الأمريكي جو بايدن الأنجع في هذا التوقيت، ليبرهن للعالم أن أمريكا لا تزال تملك زمام التحكم بالمشهد الدولي على الرغم من التخبط الداخلي الذي تعاني منه، فإذا عرجنا قليلاً على حقوق الإنسان الأمريكي هناك الكثير من التناقضات لعل آخرها ما مارسته الشرطة الأمريكية في الاحتجاجات الأخيرة، إضافة إلى مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد الذي فجر الشارع الأمريكي، والأمثلة كثيرة، فالديمقراطية التي تريد واشنطن تطبيقها في البلاد العربية هي استعمال سياسة الضغط التي مارسها سابقاً الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على خصوم أمريكا، بعكس بايدن الذي يريد هدم تحالفات بلاده لأسباب قد تكون محقة، لكن توقيتها مريب وغير بريء، فلقد تم مقتل العديد من الشخصيات المعارضة في السعودية لكن لم تشكل أهمية كالتي يضعونها في خانة خاشقجي، الأمر الذي لا يخدم إلا تركيا بطبيعة الحال، ما يدحض الرواية الأمريكية عن موقف بايدن من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لأن عملية القتل تمت على أراضيه ومن المؤكد أن الحقيقة مختبئة في جدران القنصلية ولدى أجهزة الاستخبارات التركية.
تسييس الملفات
النقطة الأهم، لماذا لم تأخذ الإدارة الأمريكية موقفاً مشابهاً من الدولة التركية في قضية مقتل السفير الروسي لدى أنقرة أندريه كارلوف في العام 2016؟ وأيضاً لأجل معارض روسي واحد “أليكسي نافالني” فرضت عقوبات على مسؤولين روس، وبصرف النظر عن هذا الموقف، ما يعني أن ازدواجية المعايير هي التي تفرض على واشنطن تتبع المواقف، فمسألة محاسبة الرياض يأتي في سياق رفض ما يتعلق بمسألة التطبيع وحرب اليمن، لأن السعودية بطريقة أو بأخرى بعد التصعيدات الأخيرة تبحث لها عن مخرج وهي التي رحبت في وقت سابق بالموقف الأمريكي تجاه هذه الأزمة، لكن في مسألة قضية خاشقجي إن المسألة متأخرة كثيراً وما هي إلا عملية انتقامية ستنكشف فصولها في القادم من الأيام.
من هنا، لا نبرئ السعودية من مسألة خاشقجي أو العكس، ولا ننفي التلاعب بملف حقوق الإنسان، لكن فيما يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة منزعجة من التعاطي السعودي الأخير في ملفات عدة منها الملف السوري على سبيل المثال، وزيارات متكررة بوساطة روسية بين مسؤولين سوريين وسعوديين، إضافة إلى أن الدور الروسي مع الرياض الذي اتسم بانه كان دوراً إيجابياً، في آخر بضعة سنوات، هذا الأمر لم يرق لواشنطن، فعملية أن تحاسب السعودية لن تتم، لكن العملية من الممكن تسميتها، “قصقصة أجنحة الرياض” لإلزامها اتباع الخطوات الأمريكية بتوقيت واشنطن لا الرياض.
فريق عمل “رياليست”.