موسكو – (رياليست عربي): في يناير/كانون الثاني، انخفضت إيرادات الميزانية المصرية من عبور السفن عبر قناة السويس بأكثر من 50%، ومن الناحية العددية، نحن نتحدث عن حوالي 400 مليون دولار سنوياً، وللمقارنة، كان الرقم نفسه لشهر يناير 2023 هو 802 مليون دولار، وقد أشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى هذا الاتجاه المثير للقلق في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، وأكد أن ذلك يرجع إلى الوضع في البحر الأحمر.
وفي وقت سابق من منتصف يناير، قدر رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع انخفاض إيرادات العبور التجاري بنسبة 40% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وبعد أيام قليلة قال إن الانخفاض إلى أقل من 50% سيسبب له قلقاً “شخصياً”.
ويرجع جزء كبير من الانخفاض في الإيرادات إلى الانخفاض الكبير في عدد السفن التجارية القادمة من آسيا، والتي تمثل عادة ما بين 40% إلى 50% من حركة مرور قناة السويس، وفي الواقع، كان السبب الموضوعي لانخفاض تدفق السفن عبر أحد الشرايين الرئيسية للتجارة العالمية هو الوضع الحالي في البحر الأحمر.
بالتالي، لدى القيادة المصرية أسباب خاصة للقلق، إن هجمات حركة أنصار الله اليمنية والنشاط العسكري للتحالف الأمريكي البريطاني في البحر الأحمر دمرت بالفعل خطط القاهرة لتجديد احتياطيات واحتياطيات البنك المركزي المصري بالعملة الأجنبية.
والحقيقة هي أنه في عام 2023، وصلت إيرادات الخزانة المصرية من عبور السفن عبر القناة إلى مستوى قياسي بلغ 9.4 مليار دولار، وتوقعت السلطات الجمهورية هذا العام أن تصل إلى رقم 10.3 مليار دولار، وفي الوقت نفسه، اقترب معدل التضخم السنوي من 40% في أغسطس من العام الماضي.
كما أدى تطور الوضع في البحر الأحمر منذ بداية العام إلى توقعات متشائمة إلى حد ما بشأن آفاق استخدام قناة السويس، وأشار عدد من المصادر المصرية إلى أنه في عام 2024، لن تجني القاهرة سوى 4-5 مليارات دولار من العبور.
وتتجنب الآن شركات الشحن الكبرى – ميرسك، وسي إم إيه سي جي إم، وإيفرجرين، وهاباج لويد – المرور عبر مضيق باب المندب، وتفضل بناء طرق تجارية أكثر أماناً حول القارة الأفريقية، وتجدر الإشارة إلى أن العبور عبر القناة يمثل ما يقرب من 12% من التجارة العالمية.
كما حذرت شركات الشحن العالمية الحكومة المصرية مسبقاً من قرارها بوقف العبور عبر قناة السويس، بالتالي، إن محاولات الدبلوماسية والمخابرات المصرية للتأثير على الوضع من خلال المفاوضات وراء الكواليس مع الحوثيين لم تسفر بعد عن نتائج للقاهرة.
وقبل شهر، بذل الجانب المصري جهداً آخر للحفاظ على العبور، وأعلن ربيع عن إجراءات للحد من تأثير الوضع في البحر الأحمر على الأساطيل التجارية، حيث عُرضت على شركات الشحن خدمات إصلاح وصيانة إضافية للسفن “في حالات الطوارئ”. ولهذه الأغراض أنشأ المصريون فريق طوارئ متنقل في البحر.
بالتالي، إن العواقب طويلة المدى للعدوان الإسرائيلي على فلسطين في قطاع غزة وتصرفات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في غرب اليمن، فضلاً عن المخاطر العالية لتصعيد الوضع في الصومال، تضيف تشاؤماً مستمراً بشأن المصير المستقبلي – شريان تجارة السويس.
وبطبيعة الحال، ستواصل القاهرة استخدام مواردها الاستخباراتية والدبلوماسية في محاولاتها للحصول على بعض الضمانات من أنصار الله، لكن الديناميكيات الراسخة للعمليات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر لا تصب في مصلحة مصر.
وعلى الرغم من أنه لا ينبغي التقليل من إمكانية تأثير بكين على الوضع، التي تعاني مصالحها في البحر الأحمر أيضاً، فقد تحرك أسطول البحرية الصينية بالفعل إلى المنطقة.
خاص وكالة رياليست – ألكسندر هوفمان – روسيا.