قال الدكتور عمرو الديب،مدير مركز خبراء رياليست الروسي، لقناة إكسترا نيوز أن بداية التنسيق الروسي – التركي حول إدلب، أظهر للجميع وكأن هناك إتفاق ملزم للطرفين، إلا أن أساس هذا الاتفاق كان الصمت الروسي عما يحدث داخل إدلب، حتى مع وجود هجوم متواصل ومستمر من داخل المدينة ومحيطها، من قبل هيئة أحرار الشام “جبهة النصرة سابقاً” على مطار حميميم عبر الطائرات المسيرة.
ويضيف الديب أن هناك نقطة مهمة جداً، حول أن ما حدث ويحدث حالياً داخل إدلب وتحركات الجيش السوري، وبدعم روسي، كان أساسه اللقاء الذي تم في موسكو بين رئيسي جهازي المخابرات التركية والسورية في 12 يناير/ كانون الثاني الماضي 2020، إذ بدأت الأحداث من بعد هذا الاجتماع.
ويشيرمدير مركز خبراء رياليست إلى أنه وبناءً على معلومات شخصية موثوقة، أن كل ما يحدث في إدلب حالياً متصل بالموضوع الليبي حتى هذه اللحظة، إضافة إلى اللقاء الذي تم بين المشير خليفة حفتر وفائز السراج كان في يوم 13 يناير/ كانون الثاني، 2020، والإجتماع بين رئيسي المخابرات السورية والتركية كان يوم 12 يناير/ كانون الثاني 2020، فساعات هي فقط التي كانت تفصل بين هذين الإجتماعين، فالموضوع الليبي وعدم دعم روسيا الكامل لتركيا في الملف الليبي، والجدير بذكره أن ذلك تم عبر اتصالات القيادة المصرية عن طريق الرئيس عبد الفتاح السيسي للرئيس بوتين يوم 27 ديسمبر/ كانون الأول 2019، وأيضاً في بداية هذا العام.
متابعاً أن هذه الاتصالات أثرت على الموقف الروسي بشكل كامل بما يخص دعمها لتركيا في الملف الليبي، فهذا الإختلاف الكبير بين الجانبين بخصوص الملف الليبي، جعل الوضع يتصاعد بشكل تدريجي في إدلب، حيث رأت موسكو أن ذلك فرصة مهمة لها للتخلص من هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقاً”، في إدلب عن طريق دعم عسكري روسي للجيش السوري، لأن الشمال السوري هو المنطقة الوحيدة في سوريا الذي تتركز فيها أعداد كبيرة من الإرهابيين بدعم تركي واضح.
ويرى الدكتور الديب أن هناك أمور أخرى تدور على الخط، فمثلاً على الرغم من إكتمال بناء خط الغاز الروسي – السيل التركي، إلا أن تركيا خففت كثيراً عن إستيراد الغاز الروسي في العام 2019، وهذا أيضاً أمر مهم، يعني أن هناك إختلافات روسية – تركية بدأت في العديد من الأمور، ولذلك رأينا حتى زيارة رجب طيب أردوغان إلى أوكرانيا وتأكيده على عدم إعترافه بضم شبه جزيرة القرم، هذا أمر يصدر من عدو وليس من صديق لروسيا.
لافتاً إلى أنه لدى روسيا وتركيا تفاهمات إستراتيجية كبيرة في ملفات عديدة بمنطقة الشرق الأوسط أو في آسيا الوسطى، أو في أوروبا الشرقية، لكن هناك خلافات بدأت، وبناء على معلومات موثوقة، من عدم الدعم الروسي الكامل للتحركات التركية في ليبيا.
ويستطرد مدير مركز خبراء رياليست أن مشكلة السياسة الخارجية التركية في السبع سنوات الأخيرة تتداخلها في ملفات مهمة على عدة جبهات، وفي نفس التوقيت، سواء في العراق وسوريا والسودان والصومال وليبيا، هذه التحركات أضعفت الموقف التركي وأضعفت السياسة الخارجية التركية لدولة كبرى مثل تركيا لديها كل الإمكانيات، لكن مسألة الدخول في ملفات عديدة في آنٍ واحد أفقد السياسة الخارجية التركية قوتها بشكل تدريجي وهذا امر مهم لأن مسألة الدخول في جبهات عدة ومحاور حرب في جبهات عدة أمر أدى إلى ما نحن عليه.
وفي معرض سؤالٍ عن أن التقرب الروسي من تركيا يقوض العلاقة بين الأخيرة وحلف الناتو والولايات المتحدة، يقول الديب: عندما تتم زيادة حدة الصداقة أو قوة الصداقة الروسية – التركية سيؤثر على حلف الناتو، وسيؤثر على العلاقات التركية – الأمريكية هذه أوهام روسية داخلية، نعم هناك لوبي تركي قوي داخل أروقة السياسة الروسية هنا، هذا اللوبي هو الذي يتحكم في درجات الصداقة ودرجات الإستيعاب بين تركيا وروسيا.
ويضيف الديب، أن مسألة اللعب على موضوع ضم تركيا بشكل قريب إلى الحضن الروسي، فتبتعد تركيا عن حلف الناتو وعن الولايات المتحدة الأمريكية هذا أمر خاطئ تماماً، لأن تركيا دولة محورية في السياسة الخارجية، وهي دولة مهمة لتنفيذ السياسات الأمريكية وسياسات حلف الناتو في منطقة الشرق الأوسط ككل ومنطقة آسيا الوسطى.
وبما يتعلق بمنطقة آسيا الوسطى يرى الدكتور الديب، أن هناك تحركات تركية ضد المصالح الروسية في آسيا الوسطى وعلاقاتها مع أذربيجان وموضوع الغاز الأذربيجاني عن طريق خط غاز الأناضول الذي تم الإنتهاء منه والذي سيتم الإنتهاء من المرحلة الثانية.
ويشير مدير مركز خبراء رياليست إلى أن بيع روسيا لتركيا منظومة “إس-400” تستوجب ذكر حادثة تاريخية مهمة جداً جداً، فعندما تم إرسال منظومة “إس-300” إلى اليونان، التي هي أيضاً عضو في حلف الناتو وعضو مهم، ماذا حدث؟
تدربت القوات الجوية الإسرائيلية على هذه المنظومة في العام 2015، عن طريق مناورات مستمرة بين القوات البحرية اليونانية والقوات الجوية الإسرائيلية، نتيجة هذه المنارات إستطاعت وتستطيع القوات الجوية الإسرائيلية التحرك بالشكل الكامل في سماء سوريا، بالرغم من وجود “إس-300” على أراضيها، وتستطيع إسرائيل ضرب أي أهداف هناك.
مضيفا، وبالنظر إلى تصريحات وزير الدفاع التركي عندما قال: “نحن مستعدون لتدريب دول حلف الناتو على منظومة “إس-400” وهذا يعني أن “إس-400” لن تكون المنظومة التي تخيف حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ودول حلف الناتو أو الدول الأوروبية ككل.
هذا أمر سلبي أكثر منه إيجابي، عندما يتم تسليم منظومة “إس-400” الحديثة للدولة المهمة في حلف الناتو ستفقد “إس-400” قيمتها، وسيتعين على الجيش الروسي إستحداث منظومة حديثة سرية لا يمكن الوصول إلى كيفية التعامل معها لكي يتم إخافة القوات الجوية الخاصة بحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية.
وإعتبر الدكتور الديب أن تسليم “إس-400” إلى تركيا خطأ إستراتيجي ستدفع ثمنه روسيا في القريب العاجل، لأن مسألة تسليم هذه المنظومة الحديثة المخيفة لدولة أطلسية أمر سيفقد المنظومة قوتها.