دمشق – (رياليست عربي): شهدت جبهة الجنوب السوري هدوء تام لمدة ثلاث سنوات بموجب تسويات محلية، قضت بسحب السلاح الثقيل، مع تفضيل الفصائل الإرهابية البقاء في مناطقها، تخللها بعض الفلتان الامني، الذي كان عبارة عن اغتيالات لعددٍ من الشخصيات الحكومية السورية، وبعض القيادات التابعة للقوات المسلحة السورية، بعضها تحقق، وبعضها فشل.
وبعد ثلاث سنوات من الهدوء، عاد التصعيد إلى الواجهة وهو أمر في التحليل العسكري، مصلحة للولايات المتحدة وإسرائيل، لقرب الجنوب السوري من فلسطين المحتلة، وعلى الفور سارعت الدول المعنية في هذا الملف لحل الأزمة الحاصلة، حيث كانت روسيا هي من رعت ملف التسوية السابق، والذي تم نقضه مع التصعيد الجديد، ورفض الفصائل الإرهابية المنضوية تحت زعامة الإرهابي السابق “أحمد العودة”، حيث فضلوا الاشتباك مع الجيش السوري بدلاً من تحقيق التسوية، وقام الأخير بتنفيذ هجوم على ثلاثة محاور، وقامت الفصائل الإرهابية بالمثل مستخدمة قذائف الهاون والراجمات، على مواقع الجيش في تلك المنطقة.
مصلحة إقليمية
مؤخراً، ومع زيارة الملك الأردني عبدالله الثاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تم بحث الملف السوري، لإيجاد نقاط توافقية تعيد الزخم الاقتصادي إلى حاله نظراً لأن الحدود السورية – الأردنية المشتركة تشكل موقعاً هاماً لعمليات التجارة والاستيراد والتصدير، إلى دول الخليج وأوروبا، خاصة في ظل انهيار كبير في المنظومة الاقتصادية الأردنية، فلقد اتفق الجانبان السوري والأردني على عودة عمل معبري جابر – نصيب، أمام الشاحنات التجارية، وهذا الأمر مهدد بالكامل في ظل الفلتان الأمني الذي يشهده الجنوب السوري، ما يعني أن إنهاء هذا الوضع مصلحة عامة للجميع، وخصوصاً عمّان، التي تريد إنهاء الإرهاب على حدودها، إذا كانت جدية في استئناف علاقاتها مع دمشق، على الصعيدين السياسي والعسكري.
مرحلة جديدة
ومما لا شك فيه أن سوريا دخلت مرحلة جديدة، وستمهد لها بما يناسبها من تحركات ميدانية وسياسية واقتصادية، ما يعني أن قراراً سوريّاً قد اتخذ، وهنا لا بد لروسيا من الوقوف جانباً لأنها رعت ملف التسوية في السابق وكانت قد وافقتها دمشق ربما على مضض لأن عملية تطهير الجنوب آنذاك كانت لتتم بشكلٍ كامل أسوةً بمناطق كثيرة على غرار “دوما – حرستا – الميادين – البوكمال ” وغيرهم من عموم الجغرافيا السورية، فتحقيق تسوية مع فصائل إرهابية لا يمكن ان يُكتب له النجاح لأن الممولين وأصحاب المشاريع التخريبية سيواصلون محاولة تغيير الخارطة الميدانية وهذا أمر لا يمكن لأن يحقق أي ظروف تهدئة ومصالحات تامة، إن لم يتم خروج كافة الفصائل الإرهابية وإغلاق ملف الجنوب السوري بعد ثلاث سنوات من تجربة ليست مريرة لكنها تجربة محفوفة بالقلق والحذر من استمرار الفلتان الأمني بين الفينة والأخرى، ستبقى الأمور سيئة والمعارك إن خفتت لكن إمكانية اشتعالها لن تتوقف.
القوات المسلحة السورية عازمة على تغيير قواعد اللعبة في درعا، ولن تقبل أقل من استقرار تام في المنطقة ووقف كافة مظاهر الفلتان الأمني والاغتيالات وتوغل المجموعات المسلحة وقدرتها على ضرب الاستقرار والتصعيد متى شاءت ذلك، بالتالي، إن تحقق ذلك، يعني أن إمكانية إنعاش الاقتصاد ولو جزئياً سيكون أمراً ممكناً، خاصة وأن أوساط متابعة تتحدث عن ليونة أمريكية مؤخراً في الملف السوري، لعل أبرزها، فرض الخزانة الأمريكية عقوبات على أفراد وكيانات تابعة لفصيل “أحرار الشرقية” الإرهابي الموالي لتركيا والموجود في الشمال السوري.
خاص “وكالة رياليست”.