قال مسؤولون أمنيون وحكوميون عراقيون إن سلسلة هجمات في العراق هذا الأسبوع توضح التشابك الخطير على نحو متزايد للمنافسات المحلية والإقليمية التي تواجه أمن البلاد في عام الانتخابات، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
ويقول المسؤولون إن العنف مرتبط فيما يبدو بفصائل مسلحة تسعى لمساعدة حليفتها إيران في مواجهة خصوم غربيين وخليجيين في صراع على النفوذ في أنحاء الشرق الأوسط، فضلاً عن التوتر المتزايد في الداخل قبيل انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
سباق محموم
ارتفعت الأصوات العراقية المطالبة بخروج القوات الأمريكية من العراق، والبالغ عددهم نحو (2500) جندي أمريكي، ما يعني أن لا تنازلات عراقية في هذا الاتجاه، على الرغم من الانفتاح الذي أبداه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مؤخراً، من خلال بناء استراتيجية أمنية مع الولايات المتحدة كما وصفها البعض بـ “الاستراتيجية العميقة”، وعلى الرغم من الضربة الجوية التي نفذتها واشنطن على فصائل مسلحة موالية لإيران رداً على هجوم مطار أربيل السابق، لكن هذا الأمر لم يسفر عن شيء، في ضوء ازدياد الهجمات الإرهابية في هذا الأسبوع، ما أعاد مشهد دوامة العنف إلى واجهة الأحداث مجدداً.
وهنا يتبادر سؤال مهم، ما هي خيارات الإدارة الأمريكية في ضوء هذا التصعيد؟
يبدو أن التصعيد هذه المرة أخذ شكلاً مختلفاً، من خلال استخدام طائرات بدون طيارة محملة بقنابل ومتفجرات، وصلت إلى كردستان العراق، ما يعني أن هناك تطوراً جديداً، سيضع واشنطن أمام خيارات محدودة، لأن الفصائل العراقية مسلحة بشكل كبير، فضلاً عن أن الهجمات استهدفت أيضاً القوات التركية التي يطالبون بانسحابها هي الأخرى، ما يعني أن هذه المسألة مرتبطة بشكل الصراع الأمريكي – الإيراني، ونظراً لعدم إحراز أي تقدم في الملف النووي، يعني أن هذا الوضع سيبقى مستمراً حتى يتم البت فيه، زد على ذلك عودة تنظيم داعش بقوة إلى المشهد العراقي وتبنيه هجوم بقنبلة في سوق بمدينة الصدر العراقية، وهذا سلاح واشنطن الوحيد في الفترة الحالية، لكن لن يحقق من أمره شيء، التفجيرات المنفردة هنا وهناك ستزيد من إلتفاف الفصائل العراقية حول إيران، وهذه الهجمات بطبيعة الحال كما رجح مراقبون بأنها رسائل إيرانية للولايات المتحدة، ولن تتنازل عن العراق بالسهولة التي تعتقدها أمريكا، ما يعني ان العراق مقبل على عدم استقرار سيؤثر على تواجد القوات الأجنبية عموماً، وبشكل خاص الأمريكية والتركية منها.
الموقف العراقي
العراق رسمياً في كل ما يحدث لا حول له ولا قوة، إذ لم يستطع إلى الآن سحب السلاح من أيدي الفصائل المسلحة، ولم يستطع على الصعيد الأمني إيقاف الهجمات على الداخل العراقي سواء كانت من داعش أو من الفصائل الموالية لإيران، وفي كل الحالات، من يدفع ثمن ذلك هو الشعب العراقي وحده، لأن العراق تحول اليوم إلى ساحة تنافس دولي وإقليمي، وهو معروف بما يتعلق بالنسبة للولايات المتحدة، لكن بما يتعلق بتركيا، وإدخالها على خط الاستهدافات مجدداً، سيحطم كل الاتفاقيات التي كان قد أبرمها الكاظمي في آخر زيارة له لأنقرة، لكن ذريعة الفصائل العراقية أن تركيا تشكل عائقاً على الحدود مع سوريا، لجهة الدخول والخروج وإخراجها أمر ضروري لسهولة التحرك بطبيعة الحال.
وبالتالي، الانتخابات المقبلة ستأخذ طابعاً دموياً، ولن تكون باليسيرة كما تعتقد الحكومة، لأن ما من بوادر تدل على ذلك، إلا إذا تم الاتفاق الأمريكي – الإيراني من الممكن أن تهدأ هذه الهجمات، لكن هناك أمر آخر، وبحسب تقرير صدر مؤخراً عن الاستخبارات الأمريكية، أن القوات الأمريكية ستواجه هجمات كثيرة في الشرق الأوسط، وأنها عرضة لذلك أكثر من أي وقتٍ مضى، ولعل هذه الهجمات هي جزء مما قد يحصل لها في العراق وسوريا وأفغانستان، وعموم مناطق تواجدها.
أخيراً، لقد فشلت الحكومة العراقية الحالية، فشلاً ذريعاً في ضبط الأمن على الصعيد الداخلي، ما يعني أن مشهد العنف سيصبح مشهداً يومياً، طالما أن العراق ساحة صراع وتنافس إقليمي ودولي، لن يتحقق الأمن المنشود لأن لا إيران لها نية الخروج ولا الولايات المتحدة الأمريكية، ولا حتى تركيا الآن، كلهم لديهم مصالحهم الخاصة وهذه المصالح ممتدة لأن تعيق أي تقدم للعراق على كافة الأصعدة، فكلما كان العراق ضعيفاً كلما حصدوا مكاسب أكبر، لذا إن عودة الفوضى مجدداً هي السمة الظاهرة على المديين القريب والبعيد.
فريق عمل “رياليست”.