قالت وزارة الدفاع الأمريكية – البنتاغون: إن الولايات المتحدة “لن تتورع” عن الرد على الهجمات على قواتها إذا لزم الأمر، وذلك بعد هجوم صاروخي على قاعدة عين الأسد الجوية، وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي في إفادة صحفية “فلنتعامل مع هذا بالشكل الصحيح. لنترك شركاءنا العراقيين يحققون في هذا، ونرى ما يتوصلون إليه” واصفا الهجوم بأنه “تطور مقلق”، مضيفاً، أنه إذا استدعى الأمر الرد، فأعتقد أننا أظهرنا بوضوح أننا لن نتورع عن ذلك. لكننا لم نصل إلى هذا بعد”، رافضا بشكل قاطع التكهن باحتمال الرد على الهجوم، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن إدارة الرئيس جو بايدن ما زالت تقيم تأثير الهجوم الذي طال قاعدة عين الأسد الجوية.
رسائل نارية
بدأت الإدارة الأمريكية الجديدة تقيّم بشدة وحزم الملفات الساخنة في الشرق الأوسط، وفي خطوات متسارعة بدأت باتباع سياسة الضغط الأقصى سواء مع السعودية في فتح ملف طواه النسيان منذ أكثر من 28 شهراً، ومن ثم موقفها من الأزمة اليمنية والحوثيين، كذلك العودة الحذرة إلى مسألة الاتفاق النووي مع إيران، والغارة الجوية الأخيرة التي استهدفت فيها سوريا، معللة أنها رد على قوات الحشد الشعبي المرابطة على الحدود.
إن الغارة الأمريكية الأخيرة وإن قُتل فيها عسكري ينتمي لفصائل عراقية مسلحة موالية لإيران، ليست بالهدف الكبير الذي من الممكن أن تعتبره واشنطن إنجازاً ضخماً، فهي ارتأت أن توصل رسالتها لردع الداخل العراقي من خلال قصف سوريا، فجاء الرد مزلزلاً، لم تكن تتوقعه الإدارة الأمريكية وهذا تقييم واضح من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين الذين لا يزالون في طور تقييم الهجمات، رغم أنها معروفة المصدر والمنشأ والموقع، وبالتالي لا يمكن للإدارة الحالية أن تستمر بسياسة القوة التي بدأتها من أيامها الأولى لأنها وعلى ما يبدو ستواجه ردود أفعال قوية ونارية، فلقد قتلت عراقياً، وقُتل في هجمات قاعدة عين الأسد شخصين من داخل القاعدة، إضافة إلى جرح 6 آخرين، وسقطت 8 صواريخ في القسم الذي يضم القوات الأمريكية، بينما سقط صاروخان في القاطع التابع للتحالف الدولي، وهذه سابقة خطيرة جراء دقة الأهداف وحجم الأضرار التي لن تعترف بها واشنطن، لكن الحرائق التي حدثت تبين حجم الضرر الذي لحق بالقاعدة، فإن لم تتلقف الولايات المتحدة هذه الرسالة، ستكون المواجهة خطيرة جداً.
هل لا تزال العراق ورقة رابحة لواشنطن؟
إن هذا الاستهداف خطير جداً، ليس لأن الجهة التي نفذته موالية لإيران أم لا، لكن لأن الهجمات حدثت وبحسب المعلومات من منطقة تبعد عن القاعدة 8 كيلو مترات فقط، الامر الذي يثبت أن المنظومة الدفاعية الأمريكية ليست بتلك القوة التي لطالما مدحتها واشنطن لأنها فشلت في صد الصواريخ رغم أنها عشرة صواريخ، إضافة إلى فشل الرادارات الأمريكية والغربية في الكشف عن مواقع الصواريخ التي استهدفت القاعدة، أيضاً هناك أمر هام جداً وهو أن هذه الصواريخ من نوع “غراد” وهو يُستخدم لأول مرة منذ العام 2010، فبحسب المعلومات أنه تم استخدامه ما بين أعوام 2006 و2010، ضد القوات الأمريكية لإخراجها من العراق، واليوم يعود نفس النوع لتنفيذ هجماته، وبالتالي هذا يعني أن الهجوم عبارة عن رسالة صاروخية تطالب بالخروج الفوري للقوى الأجنبية من الأراضي العراقية.
وهنا مهما بلغت الولايات المتحدة من قوة لن تستطيع أن تجابه قوى كثيرة في العراق، فلقد اكتسبت مهارات قتالية كبيرة منذ العام 2003، وإن اعترفت أمريكا أم لا، هي التي منحتهم تلك القوة، وهي السبب في أن أصبحوا يملكون ترسانة تسليحية ضخمة، وأصبحوا على مقدرة عالية في خوض حرب الشوارع والأزقة خلال حربهم ضد تنظيم داعش، فالقدرة الأمريكية هي قدرة جوية فقط، ولن تستطيع إعلان حرب لأن تتخلص من نصف عدد سكان العراق الموالين لإيران من الناحية “المذهبية” وبالتالي، بعد أن كانت العراق غنيمة كبيرة للولايات المتحدة، اليوم أصبحت عبئاً ثقيلاً عليها، ولن يكون التعامل مع هذا التطور بالسهولة المعهودة.
أخيراً، إن استهداف قاعدة عين الأسد الجوية للمرة الثانية والتي من المفروض أن تكون قد حصنت نفسها منذ الهجمات الإيرانية الأخيرة مطلع العام الماضي 2020، في ردها على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، لكن على ما يبدو أن الخلل أكبر من القدرة على مواجهة تحديات صاروخية تفوقت على السياسة وعلى المناورات الدبلوماسية ليكون العنوان الأبرز للفترة المقبلة، لكل فعل أمريكي، رد فعل عراقي.
فريق عمل “رياليست”.